الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين... مساع لإصلاح «عجز السعادة»

الصين... مساع لإصلاح «عجز السعادة»
17 مايو 2011 22:54
بعد ثلاثة عقود من الدفع في اتجاه تحقيق معدلات نمو أكثر ارتفاعاً من أي وقت مضى وحث مواطنيهم على أن "الغنى أمر رائع"، كشف حكام الحزب الشيوعي الصيني النقاب مؤخراً عن شعار اقتصادي جديد: كن سعيداً. وقد حدد الوزير الأول "وين جياباو" أسس المقياس الجديد للتقدم في وقت سابق من هذا العام خلال الاجتماع السنوي للبرلمان الصيني، الكونجرس الشعبي الوطني، حين قال إن هدف الحكومة من الآن فصاعداً هو جعل الرخاء أكثر "توازناً". وهكذا بدأ سيل من حملات السعادة، واستطلاعات الرأي حول السعادة، وتدابير الترويج للسعادة. وهناك هدف جدي وراء المقاربة الجديدة، التي تشمل خفض أهداف النمو الاقتصادي إلى معدل أكثر تواضعاً هو 7 في المئة؛ ذلك أن الصينيين يخشون أن تساهم سنوات من "الهوس بالناتج الداخلي الخام"، على حد وصف أحدهم، في رد فعل شعبي ضد ارتفاع الأسعار والبطالة ومعضلات اقتصادية أخرى. غير أن ما حدث منذ خطاب "وين" يُظهر ما يمكن أن يحدث في الصين، عندما يحاول المسؤولون على المستوى الإقليمي ووسائل الإعلام المراقبة من قبل الدولة التفوق على بعضهم بعضاً بخصوص تبني رسالة من الأعلى. فخلال عيد العمال في بكين، بثت 17 شاشة عملاقة عبر المدينة وآلاف أجهزة التلفاز الصغيرة على الحافلات وقطارات الأنفاق وبنايات المكاتب "شهادات سعادة" لعمال صينيين. وقام تلفزيون بكين ببث سلسلة من الأفلام القصيرة تسمى "إزهار السعادة"، توثق الحياة السعيدة على ما يبدو لمعلمين وعمال مصانع وآخرين. ثم سرعان ما انضمت أقاليم أخرى إلى قافلة السعادة. وقام وانج يانج، أمين الحزب في إقليم جوانجدونج، بالترويج لفكرة "جوانجدونج سعيد" كجزء من مخطط لحكومته يمتد على فترة خمس سنوات. وكتب وانج في مقال له الآتي: "إن السعادة بالنسبة للشعب مثل الزهور... وسيعمل الحزب والحكومة على خلق البيئة المناسبة للزهور حتى تنمو". هذا وقد أفرج إقليم جوانجدونج الأسبوع الماضي عن نتائج استطلاع رأي لقياس السعادة تم خلاله استجواب 500 من السكان الذين تتراوح أعمارهم ما بين 17 و35 عاماً. وسجل أكثر من 90 في المئة من المستجوَبين 60 نقطة على سلم سعادة من 100 نقطة، حيث تمثل 100 منتهى السعادة والنعيم، و1 البؤس والشقاء. وحتى لا تتفوق عليها مدينة أخرى، أعلنت مدينة تشونجكينك عن مخطط جريء لتصبح "المدينة المركزية للبلاد حيث يتمتع الناس بأكبر قدر من السعادة". ومنذ بداية العام، انكبت الحكومة المركزية على سلسلة من التدابير التي تهدف إلى تحسين حياة الناس؛ وهكذا، تم الإعلان عن تدابير تروم كبح الكلفة المنفلتة للعقار، مثل بناء مزيد من المساكن لأصحاب الأجور المتدنية. كما مُنح أصحاب الأجور المتدنية إعفاء من الضريبة، وأعلنت الحكومة عن خفض أسعار 162 نوعاً من الأدوية الشائعة. وإضافة إلى ذلك، أعلنت الحكومة، في ما يبدو استهدافاً لأحد أكبر مصادر الاستياء عبر البلاد، قيوداً على عمليات الهدم القسري للمساكن التي يقوم بها المطورون الخواص. وفي هذا السياق، قال وانج يوكاس، الأستاذ في الأكاديمية الصينية للحكامة: "لقد تغير توجه السياسات من إغناء البلاد باعتباره أولى الأولويات إلى إغناء الشعب"، مضيفاً "وهكذا، أصبحت سعادة الناس ورزقهم تُمنحان وزناً وأهمية أكبر في عملية صنع القرار الحكومية". والجدير بالذكر هنا أن حملة السعادة تتزامن مع حملة قمع واسعة النطاق للانشقاق الداخلي تشمل اعتقال أعداد من المحامين والمدونين والنشطاء، من بينهم الفنان المشهور عالمياً آي ويوي. كما لوحظ ازدياد القيود والتضييقات على الصحافيين الأجانب والأكاديميين والسفارات الأجنبية. وفي هذا السياق، يقول جانج مينج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة رينمين بكين، إن التدابير الجديدة تعكس قلقاً من الاضطرابات التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مثل الإطاحة بزعيمين في مصر وتونس. ويقول جانج: "من جهة، ازدادت المراقبة الحكومية صرامة في كل جوانب المجتمع، مثل الإنترنت، حيث تحاول السلطات الحفاظ على الاستقرار بالقوة"، مضيفاً "ومن جهة أخرى، تحاول الحكومة تخفيف التوترات الاجتماعية عبر تطبيق سياسات رفاه اجتماعي أفضل". ولكن هل هذه السياسات ناجحة؟ الجواب، انطلاقاً من استطلاعات الرأي والاستجوابات، يبدو متفاوتاً؛ حيث وجد استطلاع للرأي أجري العام الماضي أن مستويات الرضا عن الحياة في تراجع بين الصينيين الحضريين والمدنيين، حسب الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، وهي منظمة للبحوث تابعة للحكومة نشرت خلاصات هذه الدراسة. كما وجد استطلاع الرأي هوة كبيرة بين الاعتراف بالإنجازات الاقتصادية للبلاد ورخاء الناس على المستوى الفردي. وتصدرت قائمةَ بواعث القلق الأسعارُ، ونظام الرعاية الصحية، والكلفة المرتفعة للعقار، والعمل. ولكن تقريراً منفصلاً نشرته المنظمة هذا الشهر، بناء على استطلاع للرأي شمل 4800 شخص، وجد أن أكثر من 74 في المئة منهم هم سعداء أو سعداء جداً. ولكن الجميع لا يشعرون بأنهم أكثر سعادة على ما يبدو. وفي هذا الإطار، يقول سان وينجوانج، وهو موظف في السابعة والعشرين من عمره يشتغل في وكالة عقارية في بكين: "ضغط الحياة قوي جداً علي ... إنني أقوم ببيع وتأجير المنازل للناس طوال اليوم، ولكنني لا أملك ما يسمح لي بشراء حتى أصغر شقة". ومن جهتها، تقول وانج لوكسيا، وهي عاملة متقاعدة في السابعة والخمسين من عمرها، إن قلقها الرئيسي يكمن في حقيقة أن الزيادات في المعاش لا تبدو كافية أبداً، وخاصة أن ثمن الخضراوات يواصل الارتفاع إذ تقول: "أشعر أنني أكثر فقراً في المجتمع من ذي قبل ... أعلم أن الحكومة قامت بجهود من أجل تحسين حياة الناس، ولكن ذلك مازال غير كاف". كيث ريتشبرج بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©