الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هل تحتاج رئاسة مصر إلى ناصر جديد ولماذا؟

هل تحتاج رئاسة مصر إلى ناصر جديد ولماذا؟
28 مايو 2014 00:25
محمد نوار (القاهرة) رغم وفاته قبل 44 عاماً، يعتبر الرئيس الراحل عبدالناصر، بشكل أو آخر، المنافس الوحيد في انتخابات الرئاسة المصرية التي بدأت أمس وتنتهي اليوم الثلاثاء. فالمرشح الأول والأكثر حظا للفوز بمنصب رئيس مصر القادم هو المشير عبدالفتاح السيسي، الذي يرى مؤيدوه أنه قائد عسكري يمتلك «كاريزما» ومقومات الزعامة مثل عبدالناصر. ويدينون له بانحيازه للشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013، وإنقاذه من حكم «الإخوان المسلمين». وأعادت مواجهة الجيش المصري لإرهاب «الإخوان» إلى أذهان المصريين موقف عبدالناصر مع جماعة «الإخوان» في الستينيات، فرفع المصريون صورة السيسي وناصر جنبا إلى جنب، وأعلنوا تأييدهم للمشير في حربه ضد الإرهاب. وواصلت شعبية السيسي الارتفاع حتى طالبته الجماهير بالترشح للرئاسة. أما المرشح الثاني، حمدين صباحي، فيحمل هو الآخر مبادئ القومية العربية والاشتراكية انطلاقاً من انتمائه للفكر الناصري، الذي اعتنقه منذ دخوله العمل العام قبل أكثر من 40 عاماً، كسياسي منحاز للفقراء والمهمشين، يطالب بتطبيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة على أساس عادل. واستطاع أن يجمع حوله تياراً شعبيا مناهضا لحكم الرئيس المعزول مرسي. وأيده وقتها عبدالحكيم عبدالناصر نجل الزعيم الراحل. لكن ما إن أعلن السيسي ترشحه حتى بدأ مؤيدو صباحي ينسحبون من حوله واحداً تلو الآخر، حتى رفاق الأمس «الناصريين». وسلم عبدالحكيم عبدالناصر توكيلات الترشيح من عائلة عبدالناصر بأكملها إلى السيسي. وبدا صباحي أضعف من أن يقنع التيار الناصري أنه رجل المرحلة، حتى إنه كاد ألا يتمكن من جمع الترشيحات الكافية لخوض الانتخابات الرئاسية. ويبدو جليا أن التيار الشعبي العريض يراهن على أن السيسي هو الذي يستطيع حسم معضلة الإرهاب ومعالجة الأزمات الداخلية والخارجية. ويبقى السؤال هو: من الذي سيعيد للناصرية المفقودة مجدها؟ يعتبر جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس «أن السيسي واثق من الفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بينما يحاول صباحي تحقيق المستحيل»، لأن الرجل الذي سانده الشباب الناصري والاشتراكي والليبرالي فاحتل المركز الثالث بعد محمد مرسي وأحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية الماضية بأكثر من 4 ملايين صوت، هو نفسه المرشح الذي أصبح يحمل فكراً ازدواجياً في طريقه إلى قصر الاتحادية. ويقول سلامة إن كثيراً من الناصريين كانوا يعتبرون صباحي حامل لواء الناصرية، وأبرزهم المهندس نجل الزعيم الراحل نفسه عبدالحكيم عبدالناصر، الذي كان يحرص على حضور جميع مؤتمرات صباحي الانتخابية، التي كانت حناجر آلاف البسطاء تدوي فيها «ناصر.. ناصر». وتابع «هؤلاء هم من أعطوا لصباحي الكثير من الأصوات» بعد أن ظنوا إمكانية عودة نظام عبدالناصر وقاطرته التنموية التي تعطلت بوفاته». ويضيف سلامة «لكن مع ظهور السيسي تغيرت المواقف كثيراً، حيث ربط المصريون بين ناصر والسيسي، باعتباره زعيما شعبياً، يريد الاستقلال الوطني للبلاد». لكنه عبر عن مخاوفه من أن يكرر السيسي تجربة ناصر في الملاحقات الأمنية لجماعة «الإخوان» الإرهابية المحظورة، معتبرا أنه «من المفترض أن تتم المصالحة مع غير المتورطين في جرائم القتل، حقناً للدماء ومراعاة للبعد الاجتماعي للدولة». من جانبه، يقول محمد شوقي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الجماهير العادية كانت ترى في شخص صباحي صورة البطل القادر على عودة التجربة الناصرية، خاصةً عندما كان يتأبط ذراع نجل الزعيم الراحل عبدالحكيم عبدالناصر. كما أن الحركات الاشتراكية كانت تأمل في إعادة إحياء الناصرية «المفقودة» ممثلة في شخصه، ولذلك كان هناك تأييد قوي من أقدم أحزاب اليسار وهو حزب التجمع، وكان طبيعياً أن يلحقه حزب الكرامة والحزب الناصري وغيرهما من الأحزاب الناصرية في انتخابات الرئاسية الماضية، التي خرج منها صباحي بوصفه «الحصان الأسود». ويضيف «أن اليوم غير الأمس، لأن الأحزاب التي ناصرت صباحي تخلت عنه، وأبرزها حزب التجمع الذي أعلن تأييده المطلق للمشير السيسي في الانتخابات الرئاسية»، مشيراً إلى أن بعض الناصريين ممن تخلوا عن حمدين، يرون أن السيسي هو الذي يمثل الناصرية، باعتباره رجلاً ذا مواقف ثابتة، وأنقذ الدولة من براثن الإرهاب، ويحمل لواء استقلال الدولة ومواجهة نفوذ الغرب. وهي نفس صفات الزعيم عبدالناصر. ويتابع «أن الضربة الموجعة لصباحي كانت تخلي أبناء الزعيم جمال عبدالناصر عنه»، مؤكدا أن أعداد مؤيديه تقلصت كثيراً. وأرجع ذلك إلى اعتذار حمدين لجماعة «الإخوان» باسم الناصريين، عن أخطاء عبدالناصر في حقهم خلال فترة الستينيات. وأصر لاحقاً على المصالحة مع قيادات الجماعة التي لم تتورط في سفك دماء وقتل المصريين، ما جعل الناصريين ينفضون من حوله، بل وصفه كثيرون بأنه يتمسح في «الإخوان» من أجل أصواتهم. غير أن «الفترة الحالية لا تستدعي استنساخ ناصر جديد»، حسبما يرى عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مضيفاً «أن لكل مرحلة أسباب نجاح أو فشل، ونجاح التجربة الناصرية في الخمسينيات والستينيات يرجع إلى طبيعة الحالة السياسية التي كانت تعيشها الدولة في هذه الفترة»، مؤكدا أن الشعب بحاجة إلى «تجربة جديدة» تحقق له أيضاً ما حققه عبدالناصر من «عدالة اجتماعية واستقلالية القرار». ويضيف «إن عباءة الناصرية كبيرة على صباحي، لأنه ليس صاحب مواقف ثابتة مثل عبدالناصر»، مضيفا أن «ازدواجية الشخصية، وتعدد الولاءات، واللعب دائما على الطرف الرابح في المعركة، عوامل جعلت الناصريين ينفضون من حوله، خاصةً بعد ظهور السيسي على الساحة»، حيث وضع المصريون صورة السيسي مع ناصر جنباً إلى جنب، لأنهم يرون في السيسي، إمكانية عودة ناصر جديد بنكهة العصر الحالي. ويشير إلى أن السيسي وصباحي يمتلكان مواصفات من شخصية ناصر، ففي الوقت الذي نجد صباحي أقرب إلى البسطاء والفقراء والطبقة المهمشة، نرى أن السيسي رجل دولة قادر على حفظ الاستقرار، ومواجهة القوى الغربية، وعلى إعادة هيبة الدولة المصرية التي تراجعت في المنطقة. ويؤكد محمود أبوالعينين أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات والبحوث الأفريقية، أن السيسي هو رجل المرحلة، لأنه يمتلك ظهيراً شعبياً على غرار عبدالناصر، فلو حدث مكروه للدولة، سيجد السيسي نفسه محاطاً بالتفاف شعبي، على عكس صباحي الذي سيجد نفسه بعيداً عن الشعب، ولو فشل في إدارة الدولة لن تتردد الجماهير في المطالبة بإسقاطه. ويشير إلى أن السيسي لم يقل إنه سيكرر التجربة الناصرية، لكن الشعب والأحزاب الناصرية هما من اختارا الرجل لإعادة التجربة من جديد برؤية مختلفة. ويقول «في المقابل نجد صباحي يتمسّح بالناصرية وبأنه سيعيد العدالة الاجتماعية، لكن أعتقد، أن صباحي لم يعد يعول كثيراً على الناصريين بعد أن تخلوا عنه في معركة الرئاسة، فتحول للاعتماد على اليسار والاشتراكيين وشباب الحركات الثورية، أملاً في منافسة السيسي على المنصب الرئاسي». ويوضح أبوالعينين أن جماهيرية السيسي جاءت من خلال مواقفه المتعددة بدءاً من مهلة القوات المسلحة للرئيس المعزول محمد مرسي بضرورة إنهاء الأزمة السياسية قبل 30 يونيو، مروراً بعزل مرسي من الحكم في 3 يوليو، ومواجهة كل الضغوط الدولية، لمحاولة إثناء الرجل عن قرار عزل مرسي عن الحكم. ويتابع «الرجل فضّل تحمل الكثير من أجل مصلحة الوطن، وكان يدرك أن فشل الدولة في مواجهة أعضاء الإخوان من الزحف على مؤسسات الدولة، تعني دمار مصر وموته هو شخصياً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©