على الرغم من القرارات الحازمة التي تتخذها دولة الإمارات بشأن قطاع المقاولات فلا تزال العديد من التجاوزات والمخالفات تظهر من وقت لآخر من قبل أصحاب شركات المقاولات في الشارقة وفي مقدمتها مخالفات الأمن والسلامة في المواقع تحت الإنشاء، وإن كانت القوانين تلزم بتعويض المتضررين وأسرهم·
وفي حين يشترط بشكل إلزامي وجود لوحات الأمن والسلامة التي تضم تعليمات السلامة بمواقع البناء والمنصوص عليها بمواصفات السلامة المهنية المعتمدة من بلدية الشارقة لا يحصل العامل على شيء من هذه النقاط المنصوص عليها باستثناء اللوحة المعلقة بمعزل عن التنفيذ، فهو لا يرتدي خوذة أو بذلة أو حذاء الأمان أو القناع الواقي·
وقال محمد عبدالحفيظ الدمرداش، مسؤول عن العمال في إحدى شركات المقاولات في الشارقة، إن الشركات الكبرى التي تعمل في مجال التشييد والبناء تكون حريصة على تطبيق شروط الأمن والسلامة لعمالها حيث توفر لهم كل الأدوات التي تحقق ذلك من حزام الأمان والخوذات والقفازات وغيرها بل وتجبرهم على الالتزام بها حفاظاً على أرواحهم، معتبراً حالات الوفيات التي تشهدها مواقع العمل في البنايات حالات فردية وقليلة جداً مقارنة بحجم أعمال التشييد والبناء التي تشهدها الدولة بصورة عامة·
من جهته اعتبر سالم الزري، الذي يعمل في موقع تشييد بناية في الشارقة وشهد من قبل في الشركة التي يعمل بها حادث سقوط عامل من الجنسية الهندية من الطابق العاشر أثناء العمل ووفاته على الفور، أن المسؤولية لا تقع على الشركات وحدها في عدم التدقيق على المعدات المستخدمة والتأكد من مدى سلامتها بصورة مستمرة، وإنما أيضاً على العمال أنفسهم في التزامهم بمستلزمات شروط الأمن والسلامة أثناء العمل وعدم التهاون فيها·
في المقابل، أكد المستشار القانوني صلاح مبروك، في مكتب المشرق العربي للتأمين، أن أنوع التعويض المستحق للعامل تتنوع في حالة الوفاة أو إصابة العمل وكيفية تحديد التعويض تختلف باختلاف سبب الحادث وهل هو نتيجة خطأ شخصي لرب العمل أم إهمال وتقصير من قبل العامل·
ولفت مبروك إلى أن المشرع تناول مسألة التعويضات حالة الإصابة أو الوفاة في موقع العمل في المواد أرقام 144و145و148و149و150و151و153 من قانون العمل الاتحادي، وقدر تعويضاً جزافياً وجعله في حالة الوفاة تعويضاً يعادل أجره الأساسي لمدة 24 شهراً بحد أدنى 18000 درهم وبحد أقصى 35000 درهم، يستفيد منها ورثة العامل من عائلته التي يقوم بإعالتها ممن كانوا يعتمدون عليه في معيشتهم اعتماداً كلياً أو بصورة رئيسية·
وأوضح أنه في حالة الإصابة التي لم تؤد إلى الوفاة فإنه فضلاً عن تحمل رب العمل لنفقات علاج العامل، عليه تقديم معونة مالية له خلال فترة التوقف عن العمل بأجر كلي خلال الستة أشهر الأولى من الإصابة، وبنصف أجر خلال الأشهر التالية، وكذلك تعويضه في حالة العجز الكلي بتعويض يساوي تعويض الوفاة، وفي حال العجز الجزئي فإن التعويض يكون بضرب نسبة العجز في مبلغ التعويض المحدد للوفاة ولا يحرم العامل من حقه في التعويض عن العجز الذي ألم به إلا إذا تسبب في إحداثه عن عمد·
وحول مدى التزام شركات التأمين بدفع التعويضات، أوضح مبروك أن التزام شركات التأمين بالتعويض عن الإصابة أو الوفاة من حوادث العمل يستند إلى عقد التأمين وليس إلى أحكام المسؤولية التقصيرية التي تقوم على فكرة الخطأ والضرر ورابطة السببية، ويختلف التزامها بسداد التعويض مباشرة إلى العامل أو بسداد التعويض لرب العمل تبعاً لشروط وبنود عقد التأمين المبرم بين رب العمل والشركة·
وأشار إلى وجود أنواع مختلفة من التأمين كالتأمين الصحي والتأمين من الإصابة والوفاة، والتأمين على الحياة ويدفع للعامل أو ورثته عند تحقق الخطر المؤمن منه، والتأمين من البطالة أو الفصل من العمل وهذا النوع قد يلجأ إليه العامل بنفسه لدرء المخاطر التي قد تواجهه بالفصل من العمل·
وفي هذا الإطار، كشف سلطان المعلا مساعد المدير العام للشؤون الفنية والمشاريع في بلدية الشارقة عن تكوين شعبة السلامة المهنية التابعة لقسم الرقابة على المباني حيث تختص بمتابعة تطبيق شروط السلامة المهنية بالمواقع، مؤكداً أن البلدية ستضع غرامات سيتم تطبيقها في حال عدم الالتزام بتطبيق شروط السلامة المهنية ضمن لائحة مخالفات السلامة المهنية· يشار إلى أن قطاع المقاولات في الإمارات تضاعف خلال السنوات الأخيرة بنسبة 500% ويتوقع استمرار حجم الطلب على قطاع المقاولات على مدى السنوات العشر المقبلة في إمارة دبي وسيتجاوز هذا الحد في إمارة أبوظبي ومختلف إمارات الدولة·
ويعمل نحو مليون عامل أجنبي في قطاع الإنشاءات والمقاولات في الدولة أي ما يمثل نحو 40% من حجم العمالة في البلاد، وقد قامت الإمارات في السنوات الثلاث الأخيرة بسلسلة إجراءات لتحسين ظروف عمال البناء·
عدد اليوم
