الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الله صاحب السلطان.. يؤتي الملك من يشاء من عباده

21 يونيو 2018 21:43
أحمد محمد (القاهرة) لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ووعد أمته ملك فارس والروم، قال المنافقون واليهود هيهات! هيهات!، من أين لمحمد ملك فارس والروم؟، وهم أعز وأمنع من ذلك، ألم يكف محمداً مكة والمدينة حتى طمع في ملك فارس والروم؟، فأنزل الله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى? كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، «سورة آل عمران: الآية 26». قال الكلبي: ظهرت صخرة في الخندق، فضربها صلى الله عليه وسلم فبرق برق فكبر، وكذا في الثانية والثالثة، فقال: «في الأولى قصور العجم، وفي الثانية: قصور الروم، وفي الثالثة قصور اليمن، فأخبرني جبريل عليه السلام: «أن أمتي ظاهرة على الكل»، فعيره المنافقون بأنه يضرب المعول، ويحفر الخندق، ويتمنى ملك فارس والروم، فنزلت الآية. قال محمد رشيد رضا في تفسير «المنار»، الظاهر المتبادر أن المراد بالمُلك السلطة والتصرف في الأمور، والله سبحانه وتعالى صاحب السلطان الأعلى والتصرف المطلق في تدبير الأمر وإقامة ميزان النظام العام في الكائنات، فهو يؤتي الملك في بعض البلاد من يشاء من عباده، إما بالتبع لما يختصهم به من النبوة، كما وقع لآل إبراهيم، وإما بسيرهم على سننه الحكيمة الموصلة إلى ذلك بأسبابه الاجتماعية، كتكوين العصبيات، كما وقع لكثير من الناس، وينزعه ممن يشاء من الأفراد ومن الأسر والعشائر والفصائل والشعوب بتنكبهم سننه الحافظة للملك، كالعدل وحسن السياسة وإعداد المستطاع من القوة، كما نزعه من بني إسرائيل، ومن غيرهم بالظلم والفساد، ذلك أننا لا نعرف ما قضت به مشيئته - عز وجل - إلا من الواقع، لأنه لا يقع في الوجود إلا ما يشاء، وقد نظرنا فيما وقع للغابرين والحاضرين ومحصنا أسبابه، فألفيناها ترجع إلى سنن مطردة، وبيّن بعض هذه السنن في نزع الملك ممن يشاء وإيتائه من يشاء. وتعز من تشاء وتذل من تشاء، العز والذل معروفان، ومن آثار الأول حماية الحقيقة ونفاذ الكلمة، ومن أسبابه كثرة الأعوان وملك القلوب بالجاه والعلم النافع للناس وسعة الرزق مع التوفيق للإحسان، ومن آثار الثاني الضعف عن الحماية، والرضا بالضيم والمهانة، وقد يكون الضعف سبباً وعلة للذل، ولا تلازم بين العز والملك، فقد يكون الملك ذليلاً إذا ضعف استقلاله بسوء السياسة وفساد التدبير، حتى صارت الدول الأخرى تفتئت عليه، وكم من ذليل في مظهر عزيز، وكم من أمير أو ملك يغر الأغرار ما يرونه فيه من الأبهة والفخفخة فيحسبون أنه عزيز كريم وهو في نفسه ذليل مهين. وقال الطاهر ابن عاشور في «التحرير والتنوير»، «اللّهم» في كلام العرب خاص بنداء الله تعالى في الدعاء، ومعناه يا الله، وهذا من خصائص الاسم الجليل، وأنهم يقولون يا الله كثيراً، والمالك هو المختص بالتصرف في شيء بجميع ما يتصرف في أمثاله مما يقصد له من ذواتها، ومنافعها وثمراتها، بما يشاء، فقد يكون ذلك بالانفراد، وهو الأكثر، وقد يكون بمشاركة واسعة أو ضيقة، والمُلك، معناه التصرف في جماعة عظيمة، أو أمة عديدة تصرف التدبير للشؤون، وإقامة الحقوق، ورعاية المصالح، ودفع العدوان عنها، وتوجيهها إلى ما فيه خيرها، بالرغبة والرهبة، فمعنى مالك الملك أنه المتصرف في نوع الملك بما يشاء، وكون الله مالك الملك، أنه المالك لتصريفه، لإعطائه وتوزيعه، وتوسيعه وتضييقه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©