السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سد كاجاكي الأفغاني··· تحديات الإعمار

سد كاجاكي الأفغاني··· تحديات الإعمار
13 نوفمبر 2008 03:57
تتقدم المشهد خمس حاويات شحن تحمل العلم الأفغاني، بعضها ما زال ملفوفاً في البلاستيك، لتقف جاثمة في مخيم البناء في سد كاجاكي، الذي يعد أكبر مشروع لتوليد الطاقة في أفغانستان· تضم هذه الحاويات أكبر هدية تهديها حكومة الولايات المتحدة لأفغانستان خلال السنوات السبع الأخيرة: قطع ضخمة لتوربينة هيدروليكية جديدة تزن 200 طن، ومن المتوقع أن تضاعف، حين تركيبها، الإمدادات الكهربائية للمدن والمناطق في جنوب أفغانستان· وهذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 180 مليون دولار ويشمل خطوط التوزيع ومحطات فرعية، من المرتقب أن يستفيد منه 1,8 مليون شخص ويوفر الوظائف وينعش الاقتصاد في أعنف جزء من البلاد وأكثره اضطراباً· وقد قام حاكم إقليم هلمند، في أكتوبر الماضي بزيارة قصيرة بواسطة طائرة الهيلوكبتر إلى السد الواقع في إقليمه للتأكيد على أهميته· وأثناء حديثه إلى الصحفيين وسط خرير المياه قال إنه حتى إذا كانت الفوائد الآنية غير واضحة، إلا أن الأجيال المقبلة ستقدر المساعدات التي جاءت إلى أفغانستان و''إن أجيال أفغانستان لن تنسى الجهـــود التي بُذلت لإنجاز هذه المحطة لتوليد الطاقة''· والراهن أن التوربينة المصنوعة في الصين ما زالت ملفوفة في صناديقها، ولن يتم تركيبها وتشغيلها قبل عام تقريباً· ولكن وصولها إلى هذا المخيم المعزول، الواقع في عمق أراضٍ كانت ''طالبان'' تهددها، يعد واحداً من أعظم إنجازات قوات ''الناتو'' في جنوب أفغانستـــان هذا العــــام· إنها حالة نادرة لوعد ناجز ضمن جهود بناء البنى التحتية في أفغانستان· غير أنه على رغم هذا التقدم المتحقق، فإن تحسينات السد، في منطقة وعرة وصعب الوصول إليها في شمال إقليم هلمند، ما زالت رهينة لقدرات ''طالبان'' المتزايدة على شن هجمات في السنوات الأخيرة؛ فقد تعرض المشروع للإرجاء أو التأخير مراراً وتكراراً بسبب الصعوبات الأمنية واللوجستية· وفي هذا الإطار قال السفير الأميركي في أفغانستان ويليام وود للصحافيين في واشنطن في يونيو الماضي: ''في حالة سد كاجاكي وفي حالات أخرى، يعتبر الوضع الأمني هو المسؤول عن عرقلة إنجاز المشروع· إن سبب عدم وجود مزيد من الضوء ليلاً ومزيد من الدفء شتاء في جنوب أفغانستان يعزى إلى حقيقة أن طالبان لا تدعنـــا نفعــل أي شيء··· أن نعمل بشكل فعال مثلما نود أن نفعل بخصـــوص ســد كاجاكي''· والحال أن هذه السنة كانت أكثر السنوات دموية بالنسبة لقوات ''الناتو'' والقوات الأفغانية منذ الغزو في أواخر ،2001 نتيجة الهجمات المتواصلة التي يشنها متمردو ''طالبان''، ولاسيما باستعمال الكمائن والقنابل التي تزرع على حواف الطرق· وقد عرقلت هذه الهجمات كثيراً جهود ''الناتو'' والحكومة لتوسيع سيطرتها حتى تشمل المناطق الريفية أيضاً ولا تظل مقتصرة على المدن· ومع استمرار الاقتتال في الصيف، بات واضحاً أن الـ19 ألف جندي من القوات الأجنبية المنتشرة في الأقاليم الجنوبية، إلى جانب آلاف الجنود الأفغان وأفراد الشرطة، يوجدون في مأزق حقيقي بسبب المتمردين، على حد تعبير قائد رفيع من قوات ''الناتو''· وقد بدا كما لو أن مشروع ''وكالة التنمية الدولية'' الأميركية لتطوير السد مصيره التعليق لعام آخر· وفي أواخر شهر أغسطس، أظهر ''الناتو'' بعض القوة؛ حيث عمل أكثر من 4000 جندي بريطاني وأميركي وكندي ودانمركي وأسترالي وأفغاني ضمن قوة مشتركة على تأمين طريق عبر 100 ميل من الأراضي المعادية لنقل المعدات وقطع التوربينة التي كانت ثقيلة جداً إلى درجة أنه لا يمكن نقلها جواً إلى كاجاكي· وتطلب الأمر من القافلة، التي كانت تضم 100 مركبة وحملت التوربينة في سبع حاويات تزن كــــل واحــــدة منها 30 طناً، خمسة أيام حتى تصل إلى وجهتها، وفق مكابدات صارعت فيها التضاريس الجبلية الوعرة، وسط تعتيم إعلامي صارم، وخاضت فيها معارك طاحنة في القرى الواقعة إلى الجنوب من السد، شملت قصفاً جوياً، غير أن القافلة سلكت طرقاً أخرى ووصلت إلى هدفها أوائل سبتمبر سالمة· بيد أن العملية كانت محط انتقادات لاذعة في وسائل الإعلام البريطانية، التي تساءلت بشأن دواعي تعريض الجنود البريطانيين للخطر في سبيل إنقاذ واحد من مشاريع المساعدة الأميركية· أما الأفغان العاملون هنا، والسكان المحبطون في مدن مثل قندهار، الذين ظلوا يستفيدون من الكهرباء لساعات معدودة فقط في اليوم خلال السنوات السبع الماضية، فيرون أن ''الناتو'' تأخر كثيراً في الوفاء بما كان قد قطعه على نفسه من أن يجلب التنمية إلى جنوب أفغانستان· وفي هذا الإطار يقول سيد رسول، 52 عاماً، الذي يعمل في محطة توليد الطاقة في كاجاكي منذ 28 عاماً ويعد المهندس الرئيسي فيها اليوم: ''إن التقدم بطيء نظراً لوجود مشاكل تتعلق بالنقل''· ورسول هذا هو المكلف اليوم بالمرحلة المقبلة، إلى جانب مهندس أميركي يدعى جورج ويلدر، 62 عاماً، الذي يعمل مع الشركة الأميركية المنفذة ''لويس برجر جروب''· والمهندسان يعملان اليوم ويعيشان في مخيم صغير بالقرب من السد، تتولى حمايته كتيبة من الجنود البريطانيين والأفغان الذين يعملون على صد ''طالبان''، التي تهدد بعض القرى المجاورة· وكل ما يحتاجه العمال والجنود يأتي بواسطة طائرة الهليكوبتر التي تحلق عالياً فوق الجبال البنية الجرداء ثم تهبط نحو الخزان المائي الأخضر- الأزرق لتحط في المخيم تلافياً لنيران العدو· غير أن ويلدر، الذي يقول إنه جيء به من التقاعد للقيام بهذه المهمة في كاجاكي، تعهد بأن يبقى في المنطقة إلى أن يتم تركيب التوربينة الجديدة وتشغيلها· وإذا تم كل شيء وفق ما هو مخطط له، يقول ويلدر، فإنه يفترض أن يتم ذلك قبل حلول أغسطس المقبل· كارلوتا جال - أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©