السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند الجديدة: وعود السياسة وفرص الاقتصاد

الهند الجديدة: وعود السياسة وفرص الاقتصاد
26 مايو 2014 23:29
أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية من المرجّح أن يؤدي الانتصار الكاسح الذي سجّله «ناريندرا مودي» في الانتخابات البرلمانية الهندية، الذي أصبح بموجبه الرئيس الجديد للوزراء، إلى تحول حاسم في سياسات الهند، وأن يسجل اقتصادها المحلي قفزة نوعية. إلا أن تداعيات هذا الفوز الكبير لن تقتصر على الهند وحدها، بل إن تأثيره يمكن أن يطال أيضاً الاقتصاد العالمي والأسواق الصاعدة على حدّ سواء. وقد تمكن «مودي» من الفوز بسبب تركيز برنامجه على ضرورة إنقاذ الاقتصاد الهندي المتداعي، والسعي لتشجيع الاستثمار الأجنبي من أجل استعادة معدلات عالية للنمو الذي سجل تباطؤاً كبيراً خلال السنوات الماضية. وللمرة الأولى خلال ثلاثة عقود، سيتمتع حزب «مودي» المعارض بالأغلبية في البرلمان الهندي الذي يضم 543 مقعداً فيما خسر «حزب المؤتمر» الذي حكم البلاد لفترة طويلة، ثلاثة أرباع مقاعده. وقد حرم «مودي» من الحصول على تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة لسنوات عدة لتقاعسه عن التصدي لانتهاكات ضد المسلمين في ولاية غوجرات التي كان يحكمها، إلا أن وعوده بتشجيع الاستثمار وإعادة إنعاش الاقتصاد، هي التي تقف وراء التأييد الذي انتزعه من نحو 150 مليون شاب ممن صوّتوا لأول مرة في انتخابات هذا العام. وقد وعد «مودي» ناخبيه بإعادة تأهيل البنى التحتية المتهالكة في الهند بعد أن أجمع الخبراء على أن وضعية الطرق المعبدة والجسور متأخرة بعدة عقود عن نظيرتها الصينية. وتعهّد أيضاً بتطوير قطاع التصنيع. وعلى العكس من حال الصين، فإن الاقتصاد الهندي يعتمد بشكل كبير على قطاع الخدمات، ولا يمثل قطاع التصنيع إلا أقل من 20 في المئة من اقتصاد البلاد. وقد قال لي الخبير الاقتصادي المتخصص بشؤون الهند في البنك الدولي «مارتن راما» هذا الأسبوع: «إن الهند تمتلك الآن فرصة العودة لتسجيل معدل النمو السنوي السابق الذي يتراوح بين 8 و10 في المئة؛ لأن مودي أعدّ أجندة واضحة لتعزيز النمو والتشغيل». وإذا ما تمكن الاقتصاد الهندي من تحقيق النمو السريع خلال السنوات القليلة المقبلة، فإن ذلك سيمثل أخباراً طيبة بالنسبة للعديد من دول أميركا اللاتينية على رغم أن هذا سيُعد من الأخبار السيئة أيضاً بالنسبة لدول أخرى. وإذا أمعنا النظر في الجوانب الإيجابية للأمر، فسنستنتج أن تحقيق النمو السريع للهند يتطلب استيراد المواد الخام وبما سيدفع أيضاً أسعار المواد الأولية بشكل عام إلى الارتفاع على المستوى العالمي. وهذا سيؤدي بالتالي إلى تحقيق العوائد لدول أميركا اللاتينية التي تصدر النحاس والحديد وفول الصويا وكثيراً غيرها من المواد الأخرى. أما إذا نظرنا إلى النواحي السلبية للموضوع، فسنجد أن النمو السريع للهند سيزيد من حمأة حرب التنافس بين دول أميركا اللاتينية في أسواق الاستثمارات الأجنبية في وقت يُلاحظ فيه الخبراء تراجعاً واضحاً في اهتمام المستثمرين بتوظيف أموالهم في أسواق الدول الناشئة. وبعدد سكانها الهائل الذي يبلغ 1,2 مليار نسمة، يمكن للهند أن تجتذب العديد من الشركات متعددة الجنسيات التي سبق لها أن وظفت استثماراتها في أميركا اللاتينية. ولو نجح «مودي» في تحقيق الانطلاقة الموعودة لقطاع التصنيع في الهند، فسيؤدي ذلك بالضرورة إلى تراجع مقابل في القدرة التنافسية الدولية للمكسيك وبقية دول أميركا اللاتينية الصناعية الأخرى. وحتى الآن، لا تزال أهم أسباب تردد الشركات العالمية في مزيد من الاستثمار في الهند، تكمن في العوائق البيروقراطية الهائلة التي تقف حائلاً أمام إنجاز أي عمل. وقد وعد «مودي» بتغيير هذا الواقع تماماً. وفي تصنيف البنك الدولي للدول التي تحقق أسهل إجراءات أداء الأعمال في 189 دولة حول العالم، احتلت الهند المرتبة 134. ويتطلب الحصول على رخصة بناء في الهند 35 موافقة قانونية خطية مقابل 8 موافقات في كولومبيا و11 في المكسيك و15 في البرازيل وتشيلي و24 في الأرجنتين، وذلك وفقاً لدراسات استقصائية أنجزها البنك الدولي. وقد قال لي «رينجاراج فيسواناثان» الرئيس السابق لقسم أميركا اللاتينية في وزارة الخارجية الهندية الذي أصبح أستاذاً زميلاً في المجلس الهندي للعلاقات الدولية، إن الدوائر الاقتصادية الفاعلة في أميركا اللاتينية تعلق آمالاً كبيرة على «مودي». وعندما زارت مجموعة من سفراء أميركا اللاتينية عدة ولايات هندية في عامي 2012 و2013، في مسعى لمقابلة حُكّامها من أجل تعزيز أواصر العلاقات مع المنطقة، لم يلقَ الوفد حفاوة الاستقبال إلا من حاكمين إثنين فقط كان أحدهما «مودي». وقال «فيسواناثان» معقباً على هذا الحدث: «لقد أظهر مودي اهتماماً كبيراً بتلقّي المعلومات المفصلة حول المنطقة التي أتى منها هؤلاء الضيوف». وكانت ولاية «غوجرات» التي حكمها «مودي» قد حققت بالفعل أكثر من 60 في المئة من نسبة التعاملات التجارية الهندية مع أميركا اللاتينية. وفي عام 2013، استوردت مصافي النفط لولاية غوجرات ما قيمته 22 مليار دولار من النفط الخام لدول أميركا اللاتينية. وجاءت أغلب هذه الكمية من فنزويلا والمكسيك والبرازيل وكولومبيا والإكوادور. وصدّرت هذه الولاية ما قيمته 3,3 مليار دولار من زيت الديزل للبرازيل وحدها وفقاً لبيانات «فيسواناثان». وأضاف هذا الخبير في الشؤون الهندية قوله: «إن مودي سيركز على إعادة إنعاش قطاعي التجارة والاستثمار. وستستورد الهند من المواد أكثر مما كانت تفعل من قبل، وستستثمر أكثر، وستجتذب استثمارات أضخم من أميركا اللاتينية. وستكون عامل تربّح متبادلاً مع كل من يتعاون معها». وفي رأيي الشخصي أن ثورة «مودي» الاقتصادية لو نجحت بالفعل، فلن تحقق أهدافها بين عشية وضحاها. وخلافاً لحال الصين، فإن السياسة العامة الهندية تتميز بنظام اللامركزية السياسية والإدارية حيث تتبنى الولايات المختلفة سياسات اقتصادية مختلفة بحيث يمكن اعتبار كل ولاية مستقلة إلى حد كبير عن سياسة الولايات الأخرى. كما أن «حزب المؤتمر» المهزوم سيحتفظ بحكم «الغرفة العليا» أو مجلس الشيوخ في البرلمان، وربما يحاول عرقلة المشاريع الاقتصادية الإصلاحية كافة التي يريد «مودي» تحقيقها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©