الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمراض المزمنة تهدد حياة الجزائريين وسط تدني وسائل العلاج

الأمراض المزمنة تهدد حياة الجزائريين وسط تدني وسائل العلاج
12 مايو 2013 20:49
الجمعياتُ المهتمة بشتى الأمراض المزمنة في الجزائر تدق أجراس الخطر إزاء التصاعد المستمر لأعداد المصابين بمختلف الأمراض المزمنة في البلد، ما أضحى يشكل أعباء متزايدة على الدولة، لكن هذه الجمعيات تشكو من ضعف التكفل الصحي بالمرضى، واستشراء الإهمال والتسيب في المستشفيات، وقلة الرعاية الصحية وندرة الأدوية، ما يعرِّض حياة الكثير من المصابين للخطر. في حين يشكك أطباء في صحة الأرقام المطروحة، ويرون أن هناك مبالغة وتهويلاً، يقصد منه الحصول على مزيد من الدعم للجمعيات الراعية للمرضى. حسين محمد (الجزائر) - قدَّمت «الشبكة الجزائرية لجمعيات الأمراض المزمنة» أرقاماً جديدة تتعلق بأعداد المصابين بمختلف الأمراض المزمنة، حيث صرح عبد الحميد بوعلاق، رئيس «الشبكة» بأن نحو 38 بالمائة من الجزائريين يعانون أمراضاً مزمنة مختلفة»؛ أي أن 14,4 مليون شخص من مجموع عدد السكان الذي بلغ 38,1 مليون نسمة في أول يناير الماضي بحسب آخر أرقام «الديوان الوطني للإحصاءات». أرقام مثيرة للقلق كان بوعلاق قال لدى مشاركته في منتدى جريدة «المجاهد» في 2010، أي قبل عامين فقط، إن عدد المرضى لا يتجاوز 8 ملايين، ما يعني أن قرابة 6,5 مليون إصابة جديدة بمختلف الأمراض المزمنة قد سُجلت في عامين فقط، وبأن الوضع الصحي في البلد قد أضحى خطيراً جدا وباعثاً على القلق الشديد. ويأتي المصابون بضغط الدم في «المرتبة الأولى» في قائمة الأمراض المزمنة بالجزائر بنحو 8 ملايين مريض، وفق المنظمة العالمية للصحة، والمثير أن أغلبهم من الشباب وليس كبار السن الذين تجاوزوا سن الخمسين كما هو شائع، ويعزو أطباء ذلك إلى تغيّر نمط عيش الجزائريين، وانتشار الإقبال على الأكلات «السريعة» المشبَّعة بالدهون، وتفشي التدخين، وقلة الحركة والامتناع عن الرياضة، إلى جانب القلق والعصبية حيث يقال إن «الشعب الجزائري عصبيٌ بطبيعته». ويضاف إليهم نحو 3 ملايين مصاب بالسكري، لكن رئيس جمعية المصابين بالسكري فيصل أوحدة يقول إن العدد يناهز 3,8 مليون مصاب، حيث يشكِّل هؤلاء نسبة 10 بالمائة من عدد السكان، مؤكداً أن 30 بالمائة منهم محرومون من التأمين، ما يدفع الكثير منهم، إلى عدم تناول أدويتهم بانتظام، فيعرّضون أنفسهم لتعقيدات صحية أخرى كبتر الأقدام، وارتفاع الضغط وفقدان البصر. ويضاف إليهم أيضاً نحو 1,5 مليون مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي بنوعيه «ب» و»ج»، وفق ما أكده رئيس جمعيتهم عبد الحميد بوعلاق، والذي أكد أيضاً أن العدد في تزايد مستمر بسبب تدني ظروف الاستشفاء، وكذلك عدم استعمال طريقة التعقيم بالبخار في عيادات الأسنان، والتي يحمِّلها المسؤولية عن 80 بالمائة من إصابات هذه الفئة بالعدوى. أما مرضى السرطان والربو والحساسية والقلب والزهايمر والأمراض النفسية والعصبية والقصور الكلوي المزمن والإيدز فيُقدّرون بشعرات الآلاف لكل مرض، إلا أنه لا توجد أرقام وإحصاءات رسمية حولها. غياب الرؤية لا تبدو مشكلة تزايد أعداد المرضى الهم الوحيد في هذا المقام إذ يؤكد بوعلاق أن المشكلة لا تكمن فقط في التزايد المستمر لأعداد المصابين بأمراض مزمنة مختلفة من عام إلى آخر، بل أيضاً في «غياب رؤية شاملة ومخطط استراتيجي لدى وزارة الصحة للتأمين الطبي بالمرضى وتوفير الرعاية الصحية الضرورية لهم، فضلاً عن إعداد مخطط وقائي يحدُّ من تفاقم الإصابات ويواكب استشراء الأمراض المُزمنة». ويُبدي بوعلاق أسفه لعودة «ندرة» الأدوية إلى المستشفيات العمومية في عهد الوزير الصحة الحالي عبد العزيز زياري بعد أن عالجها الوزير السابق جمال ولْد عباس وقضى على ندرتها، وهو ما يعرِّض حياة المرضى للخطر، لاسيما وأن الوزارة أصبحت تصرف جهدها في بناء مستشفيات جديدة بينما المستشفيات الحالية تفتقر إلى الأدوية والتجهيزات المتخصصة. كما أخذ على الوزارة أيضاً عدم اهتمامها بهذه الفئة بدليل أنها لا تملك أي إحصاءات دقيقة عنها ولا تسعى لإحصائها، ومن ثمة توفير الرعاية الصحية الشاملة لها. وأثارت هذه الأرقام، التي قدمها بوعلاق، عن أعداد المصابين بالأمراض المزمنة، استغراب أطباء ومواطنين على السواء، وشكك رئيس عمادة الأطباء البروفيسور بركان بقاط، في مدى صحة هذه الأرقام، قائلاً «هذه الجمعيات تفاجئنا كل يوم برقم صاروخي جديد، فهم ينتقلون في ظرف قصير من 8 ملايين مصاب إلى 10 ملايين ثم يتحدثون عن 14 مليوناً، وغداً قد يقولون إن نصف الشعب الجزائري مريض»، مضيفاً «هذه تصريحاتٌ غير مسؤولة ولا معنى لها ولا يمكن لأيِّ لبيب أن يتقبَّلها». ويتابع «أعتقد أن هدف هذه الجمعيات هو الحصول المزيد من المساعدات المادية من الدولة، وهذا من خلال تقديم هكذا أرقام تهويلية للقول إن هناك قرابة 15 مليون مريض، ويجب منحُ جمعياتهم مساعداتٍ عاجلة للتكفل بهم، في حين أن أعدادَهم الحقيقية قد لا تتعدى في المجموع 4 ملايين مصاب في أسوأ الأحوال». ويوضح بقاط «المعروف أن الضغط الشرياني يصيب أكثر كبارَ السن الذين تجاوزوا سن الخمسين، فكيف يمكن أن يكون هناك ملايين من المصابين به، بينما يتكوّن المجتمعُ الجزائري من 75 بالمائة من الشباب الذين تقلُّ أعمارهم عن الأربعين؟» مبالغة وتهويل من جهته، يشكك الدكتور عبد العالي حمُّودي، طبيب عام، بدوره في هذا الرقم «الضخم»، وينبِّه إلى أن «شبكة جمعيات الأمراض المزمنة» ربما قامت باحتساب أعداد المصابين بكل مرض على حدة ثم جمعت الأرقام، بينما هناك مصابون كثيرون بأكثر من مرض؛ فقد تجد مصاباً بالضغط الدموي الشرياني والقلب والسكري في الوقت نفسه، لأن الضغط الدموي يؤثر سلباً على بقية الأعضاء، ويجلب للمصاب به أمراضاً أخرى كالقلب والسكري والإعاقة والعجز الكلوي»، لافتاً إلى أنه لا يمكن في هذه الحالة أن يحسب المريض في قائمة المصابين بالضغط الدموي، ثم يحسب مرة أخرى في قائمة مرضى القلب، ومرة ثالثة في قائمة السكري، ورابعة مع مرضى القصور الكلوي. وتباينت آراء الشارع الجزائري حول الموضوع، فهناك مواطنون يبدون استغرابهم من هذه الأرقام المرتفعة، ويعتقد بعضُهم أنه مبالغٌ فيها، وأن الواقع الصحي بالبلد لم ينحدر إلى هذا الدرك، بينما يرى آخرون أنها تعبِّر عن الواقع. إلى ذلك، يقول الموظف في شركة خاصة، الدرّاجي طيبي، «حينما تزور المستشفيات، وترى ذلك العدد الكبير من المرضى في مختلف الأقسام، لا يسعك إلا أن تصدق هذه الأرقام». وحول أسباب انتشار الأمراض المزمنة من وجهة نظهر، يقول طيبي «أعتقد أن الفقر والبطالة، وتفاقم أزمة السكن، واشتداد ضغوط الحياة عموماً، وما يولده ذلك من قلق وعصبية، وكذلك كثرة الحواجز الأمنية على الطرقات، والتي يضيّع فيها آلاف السائقين يومياً ساعات في طابور الانتظار، تُساهم في ارتفاع الإصابات بالضغط الدموي والسكري والقلق والعصبية». تدابير وقائية إزاء ارتفاع الأعباء الصحية التي يشكِّلها تزايد أعداد المرضى بشتى الأمراض المزمنة، ينصح رئيس عمادة الأطباء البروفيسور بركان بقاط بتدابير وقائية عديدة للحدّ منها، وعلى رأسها الممارسة المنتظمة للرياضة، خاصة المشي لنحو ساعة يومياً، والتخلي عن كثرة استعمال السيارة في أبسط مشوار، وكذلك ترك العادات الغذائية السيئة، وفي مقدمتها الأطعمة المشبّعة بالدهون والغنية بالملح، والتقليل من تناول السكريات، والتخلي عن الإفراط في اقتناء المواد الغذائية المعلّبة، واستبدالها بالخضراوات، وغيرها من الأغذية التقليدية المحلية المعروفة في الجزائر، والتي أثبتت أنها أغذية صحية وذات قيمة غذائية عالية تنفع الصحة ولا تضرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©