الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تايلاند: الانتخاب بدل الرصاص

25 مايو 2014 23:04
ويليام بيسيك محلل سياسي لقد حان الأوان كيف تحزم تايلاند أمرها، وتتخذ قراراً: الانتخابات أو الرصاص؟ إنه سؤال سهل بالنسبة للبلدان الديمقراطية عبر العالم، لكنه صعب بالنسبة لبلد لم يعد يتعلق بتطلعات التايلانديين بقدر ما يتعلق بتطلعات تاكسين شيناواترا والنخب المصممة على معاقبته. لقد شهدت تايلاند ثلاثة انقلابات على الأقل بسبب رئيس الوزراء الذي فر من البلاد في 2008 لتجنب السجن بسبب اتهامات تتعلق بالفساد. الانقلاب الأول حدث في سبتمبر 2006 وقام بتنحية الملياردير من السلطة. والثاني وقع في السابع من مايو عندما قامت محكمة «مستقلة» بإعفاء شقيقة تاكسين رئيسة الوزراء يينجلاك شيناواترا من مهامها. أما الثالث، فوقع يوم الخميس الماضي عندما تولى الجيش التايلاندي السيطرة على شؤون الأمن في البلاد بموجب حالة الطوارئ. «قانون الطوارئ ليس انقلاباً»، هو العبارة التي تكررت بدون انقطاع يوم الثلاثاء على القناة الخامسة، المملوكة للجيش التايلاندي. وهي تذكّرنا بالمزحة القديمة التي تقول إن على المرء ألا يصدق شيئاً إلى أن يسمع نفياً رسمياً له. وبالطبع، فهذا نوع آخر من الانقلابات، نوع لم تكن له ضرورة في الواقع. ذلك أن الحكومة مازالت موجودة، وإنْ أصابها بعض الضعف، والمسؤولون يعملون على الإعداد لانتخابات أخرى. لكن، لماذا الآن؟ الواقع أن ما رأيناه يوم الثلاثاء كان إعلان حرب رسمياً على عائلة تاكسين، ولا تهم العواقب، ثم إن التكاليف تزداد وتتضاعف، وقد يكون من غير الممكن قياس حجم الضرر الذي ألحقته هذه الأزمة السياسية بالاقتصاد ومعدل الفقر، لكن 15 مليار دولار قد تمثل نقطة بداية جيدة. فهذا هو العدد الذي قدّرت مؤسسة «أوكسفورد إيكونوميكس» أن الأزمة الحالية تتسبب فيه نتيجة تعطل مخططات الاستثمار الداخلية والخارجية، وهو عدد لا شك أنه سيزداد كثيراً في غضون ستة أشهر إلى عام. وتأتي الخطوة التي أقدم عليها الجيش بعد يوم على صدور بيانات أظهرت تقلص الناتج الإجمالي المحلي بـ0?6 خلال الثلاثة أشهر الأولى من 2014، حيث تضرر الإنتاج والسياحة كثيراً في تايلاند جراء الاضطرابات التي بدأت في نوفمبر ضد حكومة ينجلاك. غير أن هذه الخطوة لن تعمل إلا على تكريس التراجع الاقتصادي في وقت أخذت فيه شركات صناعة السيارات والملابس والسياح تسقط تايلاند من حساباتها. وربما من المفيد التذكير هنا أن الفلبين وإندونيسيا لم تكونا جذابتين للشركات متعددة الجنسيات التي توظف حالياً عشرات الآلاف من التايلانديين. قد يكون تاكسين مذنباً، وربما لم تنبش قضية الفساد المرفوعة ضده سوى في سطح فترة حكمه من 2001 إلى 2006، لكن على التايلانديين أن يدركوا الحقيقة التالية: إن المشكلة لا تكمن في تاكسين بقدر ما تكمن في غياب مؤسسات حاكمة للتعاطي مع الزعماء المارقين عندما يكونون في السلطة. والأكيد أنه ليس ثمة حل عسكري لتاكسين، مثلما تثبت ذلك السنوات الثمان الأخيرة من الأزمة السياسية. ففي كل مرة يتدخل فيها الجنود لإعادة النظام على المدى القصير، يتسببون في انتكاس الديمقراطية التايلاندية على المدى الطويل. وبغض النظر عن مدى كره تاكسين وأشباهه، فإن الطريقة المثلى للتخلص منهم تكمن في صندوق الاقتراع. فمن خلال محاولتهم تدميره بطرق أخرى، يدمر المحتجون مصداقية المحاكم، وينتهكون حقوق الإنسان، ويدفعون البلاد إلى حافة حرب أهلية، ويعطّلون تايلاند اقتصادياً، وعليه، فالطريقة الوحيدة للخروج من هذه الأزمة هي انتخابات حرة ونزيهة واحترام النتيجة، والأمر نفسه ينطبق على حرية التعبير. التايلانديون الريفيون، ممثلون بمن يعرف «القمصان الحمر»، يحترمون تاكسين ويجلّونه نظراً لسياساته الشعبوية التي ضخت أنهراً من المال في المناطق الفقيرة. أما «القمصان الصفر» في بانكوك، فيكرهون تاكسين لأنه أخضع المؤسسات الحاكمة لمصلحته الشخصية على حساب الديمقراطية. لكن المثير للسخرية هو أن «القمصان الحمر» يضحّون بمصالحهم الاقتصادية باسم مخلّصهم المفترض، في حين يقدم «القمصان الصفر» على أشياء غبية وخطرة تذكّر بسياسات تاكسين خارج حكم القانون. والواقع أن كل ما يفعله الجانبان هو الحرص على إيلاء الأسبقية للرصاصات على الانتخابات. لكن بالتوازي مع ذلك، يخسر التايلانديون أكثر من النمو الاقتصادي: إنهم يخسرون أنفسهم أيضاً! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©