الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الأفلاج» العُمانية هندسة تاريخية تعتمد على النجوم في الري

«الأفلاج» العُمانية هندسة تاريخية تعتمد على النجوم في الري
15 مايو 2011 19:47
تعتبر الأفلاج، التي تم إدراجها بالقائمة العالمية، ذات تاريخ عريق من حيث القدم، وتتميز بوجود الكثير من المعالم الأثرية على جوانب قنواتها، وقد تم اختيارها بعد أن توفرت بها شروط ومعايير المنظمة الدولية في الاختيار من حيث تعريف الفلج وأهميته التاريخية وموقعه ومساحته، وكيفية إدارته وضوابط حمايته والمعايير الخاصة بالحفاظ عليه. تعتبر الأفلاج في سلطنة عمان المصدر الرئيس للزراعة، واعتمد عليها مزارعو السلطنة قديما، وسجلت اليونسكو عام 2010 خمسة أفلاج هي: دارس والغنتق وضوت وتنوف وفرق. ويعتبر فلج دارس، من أكبر أفلاج السلطنة، نظرا لغزارة مياهه، والذي يعتمد عليه عدد كبير من سكان ولاية نزوى في ري مزروعاتهم المختلفة. خصوصية بيئية يوجد في عمان 4112 فلجا تمثل الجزء الأهم من المشهد البيئي الذي يميز ولايات عمان، ويضفي عليها خصوصية بيئية تشمل نوعية المحاصيل الزراعية المرتبطة بالفلج، والكائنات الحية التي تعيش على الفلج والأفلاج أسهمت في استقرار القرى والمدن المرتبطة بها وكانت عاملا للتنافس، ومدنيا يشكل الفلج بتقنيات نقل وتوزيع المياه جزء لا يتجزأ من عمران القرية أو المدينة؛ فحتى تصميم القلاع والمساجد وبعض المنازل، روعي بها أن تشمل مرور قناة أو ساقية للفلج، لأغراض الشرب، والاستحمام والغسيل. ولأهمية الفلج البالغة فقد سنت الكثير من التشريعات لتنظيمها وحمايتها، فقد ألفت مجلدات شارحة ومقننة للأنشطة الإنسانية المتعلقة بالأفلاج. إلى ذلك، يقول الباحث البيئي عبدالله الغافري، في دراسة أعدها، إن أنظمة الأفلاج تقسم على أساس أولوية الاستعمال المدني عن الاستعمال الزراعي، وفي معظمها فإن الماء يخصص أولا للشرب، ثم يمر من خلال المساجد والحصون وبعد الاستعمال المدني؛ فإن ماء الفلج يستخدم أولا لسقايـة الأراضي الدائمة الزراعة والتي غالبا ما تكون أشجار النخيل، ومن ثم الأراضي الموسمية الزراعة والتي تسمى بـ»العوابي». ويضيف «ساعد هذا التقسيم المزارعين في السيطرة على الجفاف، فزيادة نسبة تدفق الفلج تعني زيادة في زراعة المحاصيل الموسمية مثل القمح والثوم والبصل، ويوقف المزارعون زراعة هذه المحاصيل في حالة حصول جفاف، أما إذا تجاوز الماء المتوفر في الفلج حاجة المزارعين فإنه يصرف الماء خارجا من منطقة الاحتياج المائي». إدارة الأفلاج إضافة إلى الاستعمال الزراعي والمحلي، فإن الأفلاج تستخدم أحيانا في الصناعة وأغراض أخرى، وتشتمل إدارة الأفلاج الكبيرة في عمان على الوكيل واثنين من المساعدين (العرفاء)، أحدهما لخدمة القنوات والآخر لخدمة السواقي، وهناك القابض أو أمين الدفتر والدلال والبيادير (مزارعون بأجر معلوم يقتطع أجرهم عادة من الغلة). ويقوم الوكيل بالإدارة الكاملة للفلج، ويعتبر المدير التنفيذي للفلج، فهو المسؤول عن تقسيم الماء والإنفاق من ميزانية الفلج، وهو الذي يحل النزاعات بين المزارعين والتصرف في الحالات الطارئة والأنشطة الأخرى الموكلة إليه من قبل مالكي الفلج. أما العرفاء فهم رؤساء أعمال الفلج، وهم يتبعون توجيهات الوكيل ويوجهون البيادير. ويقول الغافري «تختلف أحجام الأفلاج في عمان من فلج صغير تمتلكه عائلة واحدة فقط إلى فلج كبير يمتلكه المئات من الناس. وتوجد في كل فلج من الأفلاج حصص من الماء تؤجر دوريا لصيانة الفلج أو لخدمة المجتمع. وتمتلك الكثير من القرى والمدن في عمان عدة أفلاج. و?يكون لمعظم الأفلاج عدد مخصص من حصص المياه أو الزراعة لخدمة الفلج». وتعتبر طريقة توزيع الماء بين المزارعين في الأفلاج معقدة جداً، وتختلف من فلج لآخر حسب نوع الفلج وحجمه وتاريخه. إلى ذلك، يقول الغافري «في حين تتخذ الأفلاج الكبيرة نظاما معقدا، في حين تستخدم الأفلاج الصغيرة طرقا مبسطة. وتقسم أسهم الماء في معظم الحالات على حسب قاعدة الوقت ومع ذلك فإن قاعدة الحجم موجودة نسبيا». تراجع الاهتمام يقول «يتغلب المزارعون على التغيرات الموسمية في تدفق الفلج عن طريق تقسيم الفلج إلى جداول صغيرة ويكون بإعادة تعديل الدوران أو بحفظ الماء في خزانات كبيرة قبل عملية الري. ويقسم الفلج الرئيسي في الأفلاج الكبيرة إلى أفلاج فرعية، ويعتمد في ذلك على حجم الفلج ونسبة تدفقه، حيث يصبح بإمكان المزارعين الري من قسم واحد أو عدة أقسام في المرة الواحدة». ويضيف «في سنوات الجفاف، يقطع المزارعون الأفلاج الفرعية أخذين في الاعتبار نسبة تدفق الماء. وتسمى طريقة تقسيم الفلج الرئيسي بالمغايزة ويسمى المكان الذي يقام فيه بمفرق الغياز أو الشريعة في بعض الأماكن». وواجهت الأفلاج التي زودت الإنسان العماني بالماء والطعام والدخل لمئات السنين العديد من المشاكل في العقود الأربعة الأخيرة، فقد جذبت المزارعين مصادر أخرى للدخل العالي مثل شركات البترول والمؤسسات الحكومية، ما دفعهم إلى ترك قراهم نتيجة للتحديث السريع، وبالتالي إلى تناقص أهمية الأفلاج كمصدر للمال. في هذا الإطار، يقول الغافري «الأفلاج نظام ري تشاركي تعتمد صيانته على اقتطاع جزء من الدخل العائد من الفلج من جميع المالكين، إلا أن هجرة المزارعين للعمل أدت إلى شح في المال المخصص لصيانة وخدمة الأفلاج ونقص في القوة البشرية أيضا التي تعنى بصيانتها بانتظام. ونظرا لندرة العمال، استأجر المزارعون عمالا أجانب ليست لديهم الخبرة ليعملوا على صيانة الأفلاج وهم في نهاية المطاف لا يملكون أي معرفة أو مسؤولية بأهمية هذه الأفلاج ليحافظوا عليها». ويقول الغافري إن «المزارعين يستخدمون النجوم ليلا في جدولة الري. ويتم استعمال مجموعة خاصة من النجوم للري، حيث تكون هذه النجوم معروفة جيدا من قبل وكيل أو عريف الفلج. يعتبر نظام النجوم المستخدم في الأفلاج من الأنظمة المعقدة ويختلف هذا النظام أيضا من قرية إلى أخرى. ويقيس المزارعون الوقت بين ظهور نجم (أو نجوم) معينة إلى ظهور النجم التالي من المجموعة».
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©