السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مفترق الطرق

مفترق الطرق
15 مايو 2011 19:42
المشكلة: عزيزي الدكتور : أنا فتاة في الثالثة والعشرين من عمري، على قدر جيد من الجمال كما يقول عني الناس. سأنهي هذا العام دراستي الجامعية بإذن الله. وأنا من عائلة محافظة تتمتع بسمعة جيدة. وكان من الطبيعي لفتاة مثلي ألا تقبل بأي شكل من أشكال الصداقات مع الشباب أثناء دراستي الجامعية، واقتصرت علاقتنا على حدود الزمالة التي تفرضها الدراسة لا أكثر، وكنت أعتقد ولا أزال أننا في مكان للدراسة، ويجب ألا نحوله إلى مكان للعشق والحب، وكانت حياتي عادية ليس بها أي جديد، فاليوم يمضي مثل الأمس، ومثل ما سيمضي غداً. لكن فجأة ودون سابق إنذار قد يأتي شيء “يهزني من الأعماق”، ويقلب حياتي رأساً على عقب، شيء يقول لي أنني لا أزال على قيد الحياة، وأن الحياة يوجد بها أشياء جميلة أخرى وممتعة غير الدراسة. عندئذ يرى الإنسان قلبه يخفق بنبضات لم يكن يعرفها من قبل، وتشعر بأنك تطير محلقاً في أرجاء الكون، نعم هذا هو الحب، يمكن تكون هذه أول مرة أحب فيها، فكنت لا أقيم للحب وقصصه أي أهمية ربما لأنني لم أجد ذلك الإنسان الذي يدفعني رغماً عني إلى أن أحبه. القصة بدأت عندما دخلت إلى مكان عمله في مؤسسة ما قريبة من مكان سكني، وكان يعمل هناك ومنذ الوهلة الأولى لا أعرف ما هذا الشعور الغريب الجميل الذي تملكني دون مقدمات!. فأعجبت به من أول نظرة! كيف.. لا أعرف؟. وهو أيضاً منذ أن رآني بدأ يرمقني بنظرات تدل على إعجابه بي وكنت أراه سعيداً لرؤيتي، وطبعا لأنني فتاة متدينة ومحافظة لا تقبل الانجراف وراء قلبها والتورط في القصص المحرمة، ولأنني حريصة أيضاً على سمعتي وسمعة عائلتي، كتمت شعوري تجاهه، إلى أن تفاجأت به يتقدم لخطبتي، ولم أمانع بالطبع، وتمت الخطبة. إنني أنا أراه فارساً لأحلامي، فقد أعجبت بكل شيء فيه من دينه وأخلاقه حتى شكله ووسامته، وأظن أنني قد انبهرت به في البداية، ومع مرور الأيام اكتشفت بعض التصرفات التي لا أقبلها ولم تعجبني فيه كشخص سأرتبط به، اكتشفت أن خطيبي لا يغض بصره ويعاكس الفتيات، وعلمت أيضاً أنه يشاهد صوراً إباحية ويخزنها في جهاز المحمول لديه، مع العلم أنه لا يقطع فرضاً من صلاته في المسجد، فبدأت أغار عليه، وبدأ الشك يدخل إلى قلبي، وتدريجياً بدأت أفقد الأمان التي كنت أظن أنني وجدته معه، وعلى الرغم من ذلك عندما أراه أنسى أو أتناسى كل ما يفعله من تلك التصرفات، فقلبي يريده بقوة وعقلي يرفض تصرفاته بقوة أيضاً، أنا متخوفة من عدم غضه لبصره ومتخوفة أن يبقى كما هو بعد الزواج. أتساءل بيني وبين نفسي: هل سيتغير بعد الزواج؟ وما الضمان في ذلك؟ وما هي الطريقة التي تضمن تغيير تصرفاته؟ هل دينه ناقص أم هذه هي أخلاقه؟ هو يقول ويؤكد أنه يحبني إلى درجة كبيرة، إذاً لماذا ينظر إلى غيري؟ هل أتركه وأفسخ الخطبة؟ أم ماذا، وكيف اتصرف؟ أرجو النصيحة، ولكم جزيل الشكر. ميساء ع.ع. النصيحة: أعجبتني طريقة عرضك لمشكلتك، وصدقك ووضوحك مع نفسك، ودون شك أنت في مفترق طرق، وتمتلكين عقلاً راجحاً والحمد لله. دعينا نتذكر معاً قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “ إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء”. ثم يدعو صلى الله عليه وسلم: “اللهم يا مصرف القلوب والأبصار، صرف قلوبنا إلى طاعتك”. ونصحنا عليه الصلاة والسلام بالاستخارة: “إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم هذا الأمر - فيسميه ما كان من شيء - خيراً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو خيراً لي في عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي وبارك لي فيه وإن كنت تعلم - يقول مثل ما قال في المرة الأولى - وإن كان شراً لي فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيثما كان ثم رضني به”. فعليك ابتداء الابتهال إلى الله تعالى، في خلواتك، وصلواتك، أن يهديك لأحسن الأقوال والأعمال، وأن يدلك على الخير في علاقتك مع خطيبك هذا، وأن يصلح حاله، ويهدي قلبه. ويمكنك أن تستشيري والديك ومن تثقين به بشأنه، فإن كانت الخطبة بعقد زواج شرعي، فتعلمي كيف تحتفظين به، واعملي على التجديد في حياتك أنت فلا يمكن لشخصية بلغت من مستواها العلمي ما بلغتِ، ونضجها الفكري ما نضجتِ، أن تكون حياتها كما ذكرتِ “حياتي عادية ليس بها أي جديد فاليوم يمضي مثل الأمس ومثل ما سيمضي به غداً”. فإن كانت هذه التصرفات قد صدرت منه بعد الخطبة، اجلسي معه جلسة مصارحة شفافة، ووضحي له نِعم ما منحه الله، وأهمية استجلاب رضا الله ورحمته عليكما بالعمل الصالح والبعد عن المحرمات، وأفصحي عن مكنونات قلبك ومدى محبتك له، ورغبتك أن تجعليه في سعادة تامة، وصارحيه بما يغضبك، وأنك تخشين عليه من غضب الله وعقابه، وأعيدي تذكيره بحرمة ما يفعل، وحرمة إشاعة الفاحشة، وادعيه إلى التوبة النصوح، واذكري له قول الله تعالى: “قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم” وذكريه بأن للتوبة شروطاً مهمة منها: الإخلاص لله تعالى، والإقلاع عن هذا الذنب، ثم الندم على ما ارتكبه في السابق، والعزم على عدم العودة إليه مستقبلاً. فإن لم تتمكني أنت من القيام بهذه المصارحة، انتدبي له من تثقين به، ومن يرتاح خطيبك إليه للقيام بها عنك، وبإمكانك تأخير موعد الزواج إلى أن تتأكدي من استقامته، وحسن تعامله، وتوبته الصادقة، وإن لم ترتاحي لذلك يمكن أن تحزمي أمرك ما دمت على الشاطئ، وبإذن الله سيخلف الله عليك بالخير، ويعوض قلبك خيراً منه، محتسبة الأجر على من بيده خزائن السموات والأرض الذي يقول رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه: “إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©