السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الوصفة السحرية

18 يونيو 2018 22:34
طبعاً تأخذنا الدهشة من الذي حدث لـ «الماكينات» الألمانية، وهي تتعطل هكذا من دون سابق إنذار أمام منتخب مكسيكي ملحمي، لتشهد بدايات المونديال المفاجأة الأقوى والأكبر والأكثر دلالة، على أن نسخة روسيا ستكون بالفعل نسخة معقدة ومتشابكة. ولأن ألمانيا حاملة اللقب هي من صدمتنا بسقوطها المبرمج، وعلى الخصوص بتنازلها عن خاصية لطالما تمتعت بها منذ الأزل، جيلاً بعد جيل، عدم رفع الراية البيضاء، والتمتع بذهن من حديد، فقد انبرى أكثرنا إلى تعداد أوجه العطل التكتيكي في منظومة لعب المنتخب الألماني، برغم أن الربان ما زال كما هو، لم يتغير لا فكره ولا فلسفته، بينما الحقيقة أن هذا البركان المكسيكي الذي جرف بحممه بطل العالم، صمم بدرجة عالية من الذكاء ومن العبقرية، ذلك على الأقل ما يستشف من الذي دار في الندوة الصحفية التي أعقبت المباراة، والتي أبدع خلالها الكولومبي خوان كارلوس أوسوريو مدرب المنتخب المكسيكي في إفراغ محتوى فكره التكتيكي والفلسفي أمام جموع الصحفيين المأخوذين إعجاباً بالرجل. أوساريو هذا بدأ رحلته في جلباب معد بدني، وعمل بتلك الصفة قبل ثماني سنوات داخل الجهاز الفني لنادي مانشستر سيتي، قبل أن تشعره خيالاته بأن صفة المعد البدني تقيد طموحاته، فانطلق لعالم التدريب مشرفاً على أندية برازيلية وكولومبية وأميركية ومكسيكية، قبل أن يعهد إليه بقيادة المنتخب المكسيكي، الخارج من كأس القارات قبل سنة بالتمام والكمال على وقع خسارة موجعة أمام «المانشافت» بأربعة أهداف لهدف. أدرك أوسوريو وقرعة كأس العالم ترمي بمنتخبه في مجموعة يقودها الألمان، أنه سيكون بحاجة لما يستنهض فكره وخيالاته ليضع الوصفة السحرية التي بها يستطيع إسقاط «المانشافت»، وعلى مدى شهور دقق أوساريو في كل التفاصيل، وتوصل إلى أن اللعب بثلاثة مدافعين سيكون الوسيلة الأمثل لإخراس الهجوم الألماني وأن الحاجة ستكون ماسة لجناحين خارقين لاستغلال الفراغات الموجودة على مستوى الأروقة. ولأن المونديال هو لحظة فارقة في حياة اللاعبين، فقد سعى أوسوريو إلى السيطرة على ما يجري في رؤوس لاعبيه، بأن ابتدع نظاماً يقوم على خمسة عناصر، وكان أحد تلك العناصر يتعلق بعلم النفس، لذلك قام أوسوريو بانتداب إيمانول إيباروندو، وهو لاعب كرة القدم سابق، تحول بنهاية مساره لاعباً إلى معد ذهني. عرض إيمانول على اللاعبين المكسيكيين مقاطع فيديو تحمل عبارات تحفيزية، وكانت العبارة التي اختارها ليوم المباراة أمام ألمانيا: «عليك أن تلعب حباً في الفوز لا خوفاً من الهزيمة»، هذا ما فعله لاعبو المنتخب المكسيكي وهم ينازلون أبطال العالم، كان حبهم للفوز على «المانشافت» أكثر من خوفهم على السقوط في شراكهم، فانتصر الحب على الخوف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©