الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حدث هذا في البصرة

12 يناير 2013 22:35
تُعد مدينة البصرة بوابة العراق البحرية على العالم، وهي مرفأه الوحيد المطل على الخليج العربي، سواء النفطي أو التجاري العام .. كرة القدم دخلت العراق عن طريق الموانئ والمستعمر كما أسلفنا، وأهل البصرة أول من مارس اللعبة في بلاد ما بين النهرين. في البصرة هناك عدة أندية، لكن أعرقها نادي الميناء الرياضي الذي تأسس عام 1931، وهو أول فريق يخطف لقب الدوري من فرق أندية العاصمة موسم 77 -78. حظي فريق الميناء بجماهيرية واسعة داخل وخارج البصرة، بسبب الفنون والمهارات والمتعة التي كان يقدمها، خاصة بعد أن شكل لاعبوه أبرز نقاط قوة المنتخبات العراقية في عقدي البسعينات والثمانينات من القرن الماضي. عانت إدارات المدارس بشكل كبير في البصرة من مباريات هذا الفريق العريق، حيث كان الطلاب يهربون من الدروس الأخيرة لمتابعة المباريات التي تقام على ملعب الميناء في منطقة المعقل، وخاصة إعداديتي المعقل والوحدة .. في عام 1978، أصدر مدير إعدادية المعقل وهو ليس من أهل البصرة أمراً بإقفال الأبواب بشكل محكم، ووجّه بعض مدرسيه ومعاونيه والفراشين بعدم السماح للطلاب بمغادرة المدرسة قبل أن يكملوا الساعات المقررة .. كان الميناء يواجه إحدى فرق العاصمة.. انهمك المدير بمهامه الإدارية، ثم انتبه إلى أنه لم يسمع جرس الحصة الدراسية الجديدة، خرج مذعوراً من مكتبه، فنادى الفراشين، ونادى معاونيه وبعض مُدرّسيه المكلفين بالرقابة، لكن لا حياة لمن تنادي ..وقف صامتاًً، في حين كانت هتافات الجماهير تهز أرجاء المدينة .. في خضم انشغال الطلاب بالتشجيع على مدرجات الملعب، برز صوت رجل ملّثم، يهتف بقوة “ خُذ رقمه يابو العوف، تقدم يا هادي، العب يا علاء، انتبه يا صبيح ..” إزداد حماس الرجل الملّثم والتف حوله الطلاب حاملين كتبهم بأيديهم .. انفعل الرجل كثيراً، وكاد أن يُبّح صوته، وعندما سنحت للميناء فرصة تسجيل هدف قفز عالياً فسقط لثامه، وعرف الطلاب أن عدوى حب الميناء أصابت مديرهم، ففرحوا فرحاً لا مثيل له، بعدها تغيرت الأوامر، حيث أمر بفتح أبواب المدرسة عند وجود مباراة لفريق الميناء على ملعبه. أدباء البصرة أيضا قرروا عدم إقامة أي نشاط يتزامن مع وجود مباريات للميناء . وأكثر الحالات قسوة، كانت في زمن الحصار والقحط، عندما راح بعض محبي الفريق يبيعون من مخزونهم الغذائي من أجل أن يشتروا تذكرة دخول لتشجيع الميناء من جهة، ولدعمه مادياً من جهة أخرى. بدأ نادي الميناء هيئاته الإدارية بتشكيل إنجليزي، وخاض مباريات خارج العراق في خمسينيات القرن الماضي .. في البسعينات والثمانينات، كان المنتخب العراقي يختبر قوته بمواجهة الميناء، ويكتشف من خلال هذه المواجهات نقاط قوته وضعفه، لكننا في كل الأحوال، كنا نكتشف ما تفعله بنا الكرة.. نكتشف هذا الشغف الذي يسري في أوصالنا، ويصبح مع الزمن، ابناً يرافقنا ويكبر، لكن بداخلنا. جاسب عبدالمجيد (العراق)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©