الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التطعيم ضد الجهل

24 سبتمبر 2016 22:55
الجهل هو آفة كل زمان وهو مَرَدُّ كل الآثام والشرور التي صاحبت البشرية عبر التاريخ، وقد قسمه علماء الاجتماع لثلاثة أقسام، جهل بسيط وهو الفهم المنقوص للمسائل والأمور دون الإحاطة الكاملة بها وجهل كامل وهو عدم العلم بشيء والثالث هو جهل مركب، وهو فهم الأمر خلاف ما هو عليه، وهو الفهم المغلوط والمنقوص، وهذا أسوأ، بل وأخطر أشكال الجهل، وتسمية جاهل يطلقها عامة الناس على من لا علم له بشيء وهو يناقش ويجادل فيه، وهذه هي آفة هذا الزمان، والقرآن الكريم ذكر لفظ الجهل بمعنى الاعتقاد الفاسد بالعلم والمنطق. أَلاَ لاَ يَجْهَلَــــــــن ْ أَحَــــــدٌ عَلَيْنَــــــا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا - عمرو بن كلثوم الجهل عكس الحلم والحكمة والعقل. وهو يعني «تحكيم القوة»، ومن هنا جاءت تسمية ما قبل الإسلام بالجاهلية لأنها كانت فترة تغليب القوة والعصبية القبلية، أي حكم القوي على الضعيف «أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ»، ولكن بمرور الوقت أصبحت بمعنى عدم المعرفة، عامة الناس يطلقونها على من لا علم له بمسألة ويجادل فيها، فيقال هذا جاهل بالأمر. أحْلامُنَـــا تَـــزِنُ الجِبَــــالَ رَزَانَـــةً وَتَخَالُنَـــــــا جِنّـــاً، إذا مَا نَجْهَـــلُ - الفرزدق إن حركات التنوير وعلى مر العصور، التي ذكرها لنا التاريخ جوبهت بمقاومة كبيرة وهي نتيجة طبيعية لكل توجه وإرادة نحو التجديد والتغيير، التغيير الذي يبدأ دوماً بالدعوة إلى التعليم والقضاء على الأمية، فالإنسان المتعلم يستطيع فهم ما يدور من حوله من خلال القراءة والاطلاع لتنمية مداركه، ولكن هذا ليس بكافٍ لوحده، وخصوصاً أن حركة النشر تراجعت في عالمنا العربي بمعدلات مخيفة في العقود الأخيرة، مما يعني بالضرورة تراجع معدلات القراءة عند الجمهور ما يؤدي إلى انحسار وضيق الأفق الثقافي والمعرفي عند حدود ضيقة تنحصر في وسائل التواصل الحديثة والمطبوعات الإعلامية، وهذه لن تكون بديلاً للثقافة والاطلاع بأي حال من الأحوال. لأجل كل ما سبق جاءت مبادرة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وشركة أبوظبي للإعلام باعتماد ثمانية كتب هي الدفعة الأولى من الكتب التي سيتم توزيعها مجاناً مع جريدة «الاتحاد» ضمن مبادرة الكتاب وانطلاقاً من مبادرة «تحدي القراءة العربي». فهي محاولة جادة ورصينة وترجمة حقيقية هادفة للعودة إلى الجذور، والأصل هنا هو الرجوع إلى القراءة من خلال التشجيع عليها وتوفير مستلزماتها وأدواتها، وهذه المحاولة الجادة هي تيار معاكس لعملية التجهيل والتسطيح الفكري الممنهجة ومنذ عقود طويلة ما أدى لنتائج كارثية مما نراه من حولنا اليوم، وقد تنادى لها كل الكتاب والمثقفين وقادة الفكر في دولة الإمارات وحملوا لواءها، فنحن لا نستطيع أن ننسلخ عن العالم من حولنا كما يفعل البعض. ومن هذا المنطلق والمفهوم جاءت هذه المبادرة من دولة الإمارات وقادتها ومثقفيها ومفكريها لتؤكد حضورهم الدائم ليتحملوا جزءاً من مسؤوليتهم التاريخية تجاه شعبنا العربي في كل مكان، وهنا كانت الغاية والهدف من مشروع «تحدي القراءة» وهو غرس سترى نتائجه أجيالنا وأجيال قادمة من بعدنا لأن الطريق طويل وغير معبد وأُهْمِل لعقود طويلة مضت أضرت كثيراً بالمسيرة الثقافية والحضارية، فالفن والثقافة هما مرآة الشعوب، ونظرة لما وصلنا إليه كفيلة بفهم الواقع ومن غير بيان، فطوبى لكل من يشعل شمعة ليبدد بها ظلمة الجهل ودرب المحبة والسلام. مؤيد رشيد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©