الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

المشهد الثقافي السعودي إرث بقامة التاريخ

المشهد الثقافي السعودي إرث بقامة التاريخ
23 سبتمبر 2016 00:26
عبير العريدان (الرياض) يبقى المشهد الثقافي السعودي رافداً قوياً من روافد الثقافة السعودية المعاصرة التي ترسو على إرث ثقافي تاريخي يزخر بوجود علماء وشعراء وأدباء على مر التاريخ، وهي اليوم تتكئ على ذلك الإرث، فعدد أدبائها وشعرائها، كما قيل بعدد نخيلها، وقاماتهم بقاماتها، وعندما أتحدث عن المشهد الثقافي في المملكة العربية السعودية فإن ذلك يعني بالنسبة لي شاهد عيان لثلاثة عقود ثقافية، في الثمانينيات والتسعينات وفي الألفية الثالثة. يعد مهرجان الجنادرية أكبر وأهم مناسبة وطنية تحاكي تاريخ السعودية العريق، وتصور حاضرها المزدهر، لترسم لوحة فنية متقنة الإبداع، تنظمها وزارة الحرس الوطني كل عام منذ العام 1405 هـ /‏‏1985، لتستقطب فيها أبرز القامات الثقافية، من داخل المملكة وخارجها، وفيه تتنوع الفعاليات، بين الثقافية التي تبرز فيها مشاركات الكتاب والشعراء، وبين الفلكلور الشعبي اعتزازاً وزهواً وتعميقاً للهوية الوطنية. ومن أبرز المعالم الثقافية في السعودية سوق عكاظ، الذي يعد معلماً سياحياً فريداً، ينطلق في محافظة الطائف من كل سنة، على مدى عشرة أيام، بمشاركة عدد من الأدباء والمثقفين والشعراء والأكاديميين والفنانين التشكيليين والحرفيين، من داخل السعودية وخارجها، حيث يقام السوق في ذات المكان الذي كان يقع فيه سوق عكاظ التاريخي، ويقصده اليوم الكثير من السائحين لمشاهدته كمعلم تاريخي يضرب في جذور الماضي، ويحتفظ بعبق التاريخ وبريق الحاضر. ويجد زائر السوق مفارقة تجمع بين التقنيات الحديثة التي تم توفيرها في مكان المهرجان، مع جغرافية المكان وقيمته التاريخية الأصيلة التي تم تحديدها بعد دراسة الآثار المتاحة، وتحديد الأودية والجبال، وفق الوثائق المدروسة بعناية، لتحديد موقع السوق بدقة، وبكفاءة علمية. وتأتي أهمية سوق عكاظ اليوم كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، مستمتعين بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها ، من خلال ندوات السوق، ومحاضراته وفعالياته، ليعيد إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل، مستعرضاً ما حفظه ديوان العرب من الشعر ومعلقاته، ويقام في كل مهرجان احتفال واحتفاء بأحد شعراء المعلقات، لتؤكد اتصال التراث بالحاضر، الذي يعد امتداداً لرعايته للمحافل العلمية والفكرية ، في وقت حظي منذ إحيائه خلال السنوات الماضية باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لإيمانه العميق بأهمية بناء الإنسان السعودي المؤمن القوي، القادر على الرقي بوطنه ورفع رايته بين الدول، وتحقيق مجده بين الأمم والشعوب. وبرز على المشهد الثقافي المحلي ما سمي بـ(الأندية الأدبية) التي تشكلت نتيجة الهمّ الأدبي الذي لازم نخبة من أدباء الوطن الذين رغبوا في إيجاد مظلة أدبية رسمية تجمعهم، وتشكل منبراً حراً لأصواتهم، ومناخًا مناسبًا لتوليد إبداعاتهم، وهو ما تحقق حينما وافق الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- على تأسيس خمسة أندية أدبية، تكاثرت حتى وصلت اليوم إلى 17 ناديًا أدبيًّا في مختلف المدن السعودية، تعنى في المقام الأول بالأدب ومبدعيه، وعلى هذا الخط سارت الأندية الأدبية، فكان التفاعل معها كبيراً، من حيث كم الفعاليات ونوعيتها، وعدد الحضور، حتى غدت منارات إشعاع جاذبة للمبدعين في الحقل الأدبي، وأصبحت فعالياتها ومخرجاتها موادّ دسمة للصفحات والملاحق الثقافية، وغدت الحركة الأدبية في السعودية حديث الشارع الثقافي العربي. ولأن المسرح مهم في تكوين ثقافة فكرية وأدبية، كونه يختزل الكثير من الهموم، ويعالج مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الهامة التي تصب في إطار المجتمع، قامت جمعيات الثقافة والفنون بدعم الحركة المسرحية في السعودية. وتعيش المملكة حراكاً ثقافياً فنياً، حيث تمت استعادة النهوض بالحركة الثقافية، بإعداد مشروع يحمل اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، يهدف إلى إكمال ما سبق من تطور الحراك الثقافي في السعودية. جماعات التشويه يقول د. أحمد عبدالله التيهاني، كاتب سعودي:«لست هنا بصدد كتابة تقرير عن الحراك الثقافي السعودي الضخم، وإنما أورد رأياً حول أهم مشكلاته، بعد أن عملت في الإدارة الثقافية، وإدارة الفعاليات لحوالي ربع قرن، وعلمت أن الحراك الثقافي في السعودية، منذ مطلع الثمانينات، لا يواجه إلا مشكلة واحدة متجددة. وأرى أن ما يتردد من نقد للحراك الثقافي في السعودية يركز على الخلل والأخطاء، ويتجاهل الإيجابيات والأثر، فضلاً– وهذا هو المهم – عن أنه يجهل أو يغض الطرف عن المعوقات الكبيرة التي تقف في طريق القائمين على العمل الثقافي، وأخص منه العمل الثقافي المؤسسي. وتتلخص هذه المعوقات في كون العمل الثقافي مقلق جداً لجماعات تنتمي إلى ما يسمى الإسلام السياسي، وأخص بهذا الإخوان المسلمين السعوديين، والسرورية، وهما يعملان بمبدأ التمكين للتمكن من جميع مفاصل المجتمع السعودي، ومن أهدافهم الواضحة السيطرة على المؤسسات الثقافية لتحويلها إلى منابر تصدح بأدبياتهم، وتزيد أعداد أتباعهم. وعليه، فإن أي عمل ثقافي لا يخدم أهدافهم، ولا يزيد في أعداد أتباعهم، معرض للتشويش والتخريب والتأليب ضد الفعل والقائمين عليه، وهم إن لم يقتحموا هذه الفعاليات اقتحاماً واقعياً، يعملون على تجييش أتباعهم لنقدها وتشويه المشاركين فيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي كلها، ومن خلال الخطب، والجلسات، والمخيمات التي تسمى دعوية، وليس أدل على ذلك مما حدث من افتراءات تشويهية بعد المؤتمر الأول للمثقفين السعوديين الذي عقد في الرياض قبل أعوام». يضيف د. التيهاني: «ليست هناك مشكلة حقيقية أمام الحراك الثقافي في السعودية، سوى وجود هؤلاء الحركيين الذين يزعجهم العمل الثقافي حد الجنون والكذب والافتراء والظلم، ولا حل إلا بتضافر جهود: السلطة، وأهل الوعي، ورجال الدين غير الحزبيين، في التبصير بأهداف هؤلاء، وتعريف المجتمع بأن الدين بالنسبة إليهم ليس سوى أداة، أو عصا غليظة يلوحون بها في وجه كل من استقل عنهم أو اختلف معهم، والمثقفون الفاعلون مستقلون عن هؤلاء دون شك، ولذا نجدهم يناصبونهم العداء». أما الشاعرة غاميه الأسمري، فتشير إلى التطور الملموس في النشاط الثقافي: حيث يطرح على منبره كل عام عدد من الموضوعات المتنوعة والجديدة، والجنادرية لها الدور الكبير في هذا التطور والتنوع، والمهرجان الوطني للتراث والثقافة يتجدد لنا كل عام بأفكار ومفاهيم جديدة، وعلينا أن نلاحظ ?كيف كان مهرجان الجنادرية وكيف أصبح، لنعرف حجم التطور والتجديد، فشكراً من القلب لكل من يسعى إلى التطوير والنهضة بثقافتنا. حضارة وطن ورقي أمة يؤكد د. معجب العدواني، أستاذ النقد والنظرية المشارك في قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب جامعة الملك سعود، على أن الاختلاف من سمات الطبيعة البشرية، والتوافق تاج السلوك الإنساني. ويضيف: مما يتوافق الناس عليه حب الوطن والوفاء له حال وجودهم فيه، وحنينهم إليه حال غيابهم عنه. ولذا كان الاحتفاء باليوم الوطني لكل شعب مناسبة لتجديد الحب والولاء للوطن والحنين إليه لكلتا الشريحتين. نحتفل اليوم بالعيد الوطني للمملكة بوصفه مناسبة للفخر والاعتزاز لنا، إذ نفخر بالحضور السعودي المشرف في حاضرنا، ونعتز بالأمجاد الموروثة عن ماضينا، لنراجع ما يمكن مراجعته في سبيل نهضتنا، من أجل السير على طريق يسوده النضج والازدهار. إن هذه المسيرة الخضراء التي تتشكل من قيادة خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة وشعب المملكة الوفي المتباين في أعراقه ومذاهبه المتوافق في ولائه وحبه لوطنه تمثل أنموذجًا لحضارة وطن ورقي أمة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©