الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد بنعبود يرصد تحولات مدينة تطوان المغربية

محمد بنعبود يرصد تحولات مدينة تطوان المغربية
22 مايو 2014 23:59
محمد نجيم ( الرباط) صدر في المغرب حديثاً للكاتب والمترجم المغربي محمد بنعبود رواية بعنوان «قصبة الذئب»، احتار فيها فضاء مدينة تطوان المغربية العريقة، كمسرح لتحريك أبطال الرواية، نظراً لما لها من رمزية لدى الكاتب، فهي مدينة من أعرق المدن المغربية التي اشتهرت بطابعها الحضاري الأندلسي، لكن المدينة ستعرف تحولاً كبيراً، وهذا التحول هو الذي أحس به الكاتب وبطل الرواية، أو أبطالها. يُحوّل السارد مدينة تطوان إلى «قصبة الذئب»، مدينة تحوّلت من مدينة فاتنة إلى مدينة تشبه المسخ، مدينة شاخت وفقدت بريقها وشبابها، تطوان العتيقة تسقط متهالكة أمام زحف المعمار الوحشي، وتقع بين أنياب الابتذال والتحول الوجودي الذي ينفي تاريخ المدينة وعراقتها، وتجعل سكانها غرباء يتيهون بين أزقتها من دون هدف ولا جدوى. الكاتب الراوي في هذه الرواية وهو مولاي أحمد، أستاذ اللغة العربية يربط بين ثنائيات الرواية التي تشكلت من حكاية مشوار تجارة أسرة (آل الأندلسي) التي عُرف عنها الاتجار في التحف الفنية والنفيسة. وقصة (عبد الله بلفقيه) ابن المجاهد والمقاوم الذي كان في زمن ما من أبطال المدينة ورمزاً من رموز القوة والصلابة ومحاربة المستعمر، هذا البطل الذي حفظ القرآن لكنه يختفي في ظروف غامضة لمدة عقود طويلة قبل أن يعود بشكل حيِّر أهل المدينة. وفي الرواية يتعرف القارئ إلى أبطال مرويات صغيرة تدخل في متن النص، منها حكاية السيد عبد الهادي الذي يقول عنه الراوي: «كان السي عبد الهادي بقامته القصيرة ممدداً على فراشه البسيط، لحيته الصغيرة البيضاء منتصبة شعيراتها كأنها تلوّح بالوداع. التفت إلينا لما دخلنا، وانفرجت شفتاه عن شبه ابتسامة. دنوت وقبلت جبهته الصغيرة. كان نحيب زوجته يقطع القلب. ولده البكر منها، وهي الثانية بعد وفاة الأولى العاقر عن سن متقدمة، يتكلف الجلد ويتحرك بقلق ظاهر. جلس الفقيه عند قدميه وشرع يقرأ ياسين. بدا للحظة وكأن «السي» عبد الهادي يتابع مع الفقيه ما يتلوه، وعندما يتعثر في المتابعة، كان يرفع أصابعه إلى صدغه، فيفركه فركاً هيناً كما ليتذكر. كانت الرياح الشرقية في الخارج تعنف أكثر فأكثر. وكانت أصوات اعتمالات الشجر المحيط بالدار تصل إلى آذاننا وكأنها أصوات جنائزية قادمة من قاع سحيق. شرع شيوخ المدشر يفدون. بعد حين انبعث صوت «السي» عبد الهادي الخافت متلفظاً بأسماء أناس ماتوا من زمن بعيد: أمه، الحسين بن الحسين، الفقيه ابن رقية، المصطفى بلفقيه. كان يتحدث وكأنهم بحضرته. بدأ نحيب زوجته الأربعينية يرتفع. خارج الباب، الأطفال والنساء ينتظرون النعي. كاد الملوكي يلامس ذراع زوجة «السي» عبد الهادي، وهو يحاول أن يواسيها. ارتفعت نظرة ولد سيدي الصادق إليه، رصينة كالعادة. صعدت لذاكرتي أيام خوالٍ، عندما جانب من الورش (من المصدر) كانت «خدوج» لا تزال في مقتبل عمرها، وكان ولد سيدي الصادق وأحمد الملوكي يراهن كل منهما على أن تكون زوجته. ولد الصادق كان يؤكد لمن يعرفه أن خدوج إن انخدعت بالملوكي، ستكون فريسته في سلسلة ضحاياه التي لا تنتهي. كان الملوكي في فورة شبابه خنزيراً فعلياً؛ كان يترصد النساء في الغابة؛ كلما بدا له ثوب أبيض وأحمر (وهو لون ثوب النساء العام هنا)، كان يفقد صوابه تماماً فتراه، وكأن بعينيه عمى وبأذنه وقراً، يسعى في اتجاهه، كائناً من كانت صاحبته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©