الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شهية عربية وتلفزيونات غربية

24 يوليو 2010 21:36
تفتح الجماهير العربية شهية التلفزيونات الغربية التجارية بشكل يثير بعض التساؤلات والتأويلات، فخلال الأسابيع القليلة الماضية شهدت المنطقة زحمة اهتمام من هذه القنوات الخاصة: تلفزيون “كارتون نيتوورك” المخصص للأطفال بدأ استعداداته لإطلاق قناة تبث بالعربية على مدار الساعة بعد أشهر. وباشرت قناة “سكاي نيوز” الإنجليزية مفاوضات لإنشاء “سكاينيوز عربية” إخبارية. وقبيل ذلك أطلقت القناة العالمية الاقتصادية “سي إن بي سي” الأم (الناطقة بالإنجليزية) بثها المباشر من المنطقة لتدعم بذلك حضورها العربي إلى جانب قناتها “CNBC عربية”. تختلف هذه المشاريع بعض الشيء عن القنوات الأجنبية الحكومية التي سبق واستهدفت المشاهد العربي، على الأقل في دوافعها الربحية التي تمثل لها غاية “سامية” لم تتردد لأجلها في التلاعب بالسياسة والأفكار حتى أصبحت أغنى من الدول، وأكثر تعداداً من الجيوش، وأقوى تأثيراً من أي أيديولوجيا، ولهذا هيمنت في العقدين الماضيين على زمام شبكات الإعلام في أعرق ديمقراطيات العالم. ومن منطلق عائد الاستثمار يجب قراءة اهتمام هذه الشركات “العالمية” في توقيت ينبع من قناعة عامة بأن أسواق أميركا الشمالية وأوروبا الغربية باتت بعد الأزمة المالية العالمية شبه مشبعة بالصناعة التلفزيونية، مما جعلها تتطلع إلى ما تبقى من الأسواق الإعلانية حيث لا يمكن للقنوات المحلية منافسة اخطبوط الشركات الضخمة، وخبرتها العريقة وقدراتها التكنولوجية الهائلة. فسوق الإعلان لوسائل الإعلام الأساسية في أميركا الشمالية خرج لتوه من خسارة قاسية (بلغت -3,8و -12,7% للعامين 2008 و2009) وأفضل نمو يتوقعه لهذا العام إذا استمر الخروج من الأزمة المالية هو 1,3% (و3% للعام 2012)، ونفس الأرقام تتكرر تماماً لأوروبا الغربية، في حين أن الإنفاق الإعلاني في إعلام الشرق الأوسط وأفريقيا ازداد في السنتين الأخيرتين ويتوقع أن ينمو 6,9% للسنة الحالية والسنة القادمة على السواء ويرتفع إلى 7,4% في العام 2012. ورغم هذا الفرق ورغم أن نمو إعلانات التلفزيون سيكون بنسبة أكبر من هذا المعدل فإن مسؤولي تلفزيون “كارتون نيتوورك” يتطلعون إلى حصص أعلى وإلى تطوير سوق إعلانات الأطفال التي لا زالت بكراً في منطقتنا على حد قول مسؤوليه. والتلفزيون نفسه يتبع”Warner Time” الأميركية الشهيرة التي تملك شبكة قنوات أخرى منها “TNT” التي قد يكون لها أيضاً نسخة عربية قريباً (ولها نسخة فرنسية حققت -من دون صدفة– ثلاثة أضعاف ما تحققه القنوات المحلية من عوائد!). وقناة “سي إن بي سي” تملكها “بي.سي يونيفرسال” التابعة لشركة “جنرال إلكتريك” العملاقة وهي تسعى للدخول إلى 25 مليون منزل عربي. والباقي معروف. أما “سكاي نيوز” فتتبع قنوات “BSkyB” التي يملك روبرت مردوخ،”أكبر إمبراطور للإعلام في التاريخ” والمعروف بتعاطفه مع إسرائيل، 39% منها ويفاوض الآن لشراء الـ61% الباقية (مقابل 12,22 مليار دولار) بعد أن كان أشترى حصة 10% من مجموعة روتانا. لأسباب تتعلق بالعولمة والمناطق الحرة قد يكون من الصعب منع استيطان مشاريع هذه الحيتان الإعلامية الضخمة في منطقة تضم 350 مليون “مستهلك”، لكن من الأمنيات البسيطة ضرورة عدم تمكين تلك الشركات من القبض على آخر أنفاس الحرية في الإعلام العربي -والتلفزيونات الوطنية والمستقلة على وجه التحديد- وعدم السماح لها على الأقل بتقديم تبرعات مصدرها أموال العرب وقد تذهب لشراء أسلحة تستخدم في حصارهم واحتلال أرضهم وإذلالهم. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©