الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

السعودية.. موئل الإسلام ووجدان العرب ورسالة السلام

السعودية.. موئل الإسلام ووجدان العرب ورسالة السلام
22 سبتمبر 2016 00:59
على مفترق التاريخ، بين ماضي الجاهلية وحاضر الإسلام، كانت المملكة العربية السعودية على موعد مع نور غمر الأرجاء واحتضن أقدس الديانات.. حملت تاريخاً وحاضراً مازال يحج إليه الناس من كل حدب وصوب، ولعبت دوراً مهماً في تاريخ البشرية وفي تاريخ المملكة التي استحالت من صحارى إلى واحات وارفة للعلوم بكل أصنافها، ومنبعاً للتطور الحضاري.. والسعودية، وهي تغادر موسم الحج، وتغرس في عمق الوجدان العربي رايات الإسلام والسلام، ترنو في عيدها الوطني السادس والثمانين إلى لم الشمل العربي، وإعادة أمجاده وصون الرسالة التي حملتها أعناق لم تركع، وأكتاف ما زالت تصبر على ثقل الأمانة. وتحتفل المملكة العربية السعودية باليوم الوطني لتوحيد المملكة في 23 سبتمبر من كل عام. وهذا التاريخ يعود إلى المرسوم الملكي الذي أصدره الملك عبد العزيز برقم 2716، وتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351هـ، ويقضي بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية، ابتداء من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ الموافق يوم 23 سبتمبر 1932م. لهيب عبدالخالق (أبوظبي) تقع المملكة العربية السعودية، وهي دولة عربية ملكية، في شبه الجزيرة العربية وتستأثر بثلاثة أخماس مساحتها، ويحدها من الشمال كل من العراق والأردن والكويت، ومن الشرق دولة الإمارات وقطر والبحرين والخليج العربي، ومن الجنوب كل من سلطنة عمان واليمن، ومن الغرب البحر الأحمر. مساحتها نحو 2,149,690 كم2 في جنوب غرب آسيا، وعدد سكانها وفقا لإحصائية الهيئة العامة للإحصاء، بلغ 31,015,999 نسمة، ثلثهم مقيمون. وهي تغطي معظم شبه جزيرة العرب وتمتد عرضيا من الخليج العربي للبحر الأحمر. عاصمتها الرياض وأهم موانئها جدة على البحر الأحمر. وتعتبر السعودية من البلاد المهمة في النواحي الاقتصادية والسياسية والدينية. فاقتصادها هو أقوى اقتصاد في المنطقة العربية وهى أكبر مصدر للبترول في العالم. وموقعها بين البحر الأحمر والخليج يعطيها أهمية استراتيجية وسياسية، ووجود أهم مقدسات المسلمين على أراضيها في مكة والمدينة يعطيها مكانة مركزية في العالم الإسلامي. ازدهرت الثقافة في السعودية في العقود الأخيرة وأصبح فيها باحثون وكتاب على مستوى عال من العلم والاستنارة وكثير منهم تلقوا تعليمهم في أكبر جامعات العالم. صفحات من التاريخ وبالعودة إلى صفحات التاريخ، قامت الدولة السعودية في نجد عام 1746 على يد محمد بن سعود، ولكن البداية القوية الحديثة تعود إلى الملك عبد العزيز بن سعود الذي أصبحت المملكة في عهده تضم الحجاز وعسير وسواحل الخليج العربي (المملكة العربية السعودية في حالتها الراهنة). نظم الملك عبدالعزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطوير المعاصر، فوزع المسؤوليات في الدولة، وأسس حكومة منطقة الحجاز بعد ضمها، وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز وأسند مهامه إلى ابنه الأمير فيصل وكان ذلك عام 1344ه/‏‏‏1926م، كما أسند إليه رئاسة مجلس الشورى، وفي 30 ديسمبر 1931م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء، وأنشأ الملك عبدالعزيز عدداً من الوزارات، وأقامت الدولة علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسمياً، وتم تعيين السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية، كما اهتم الملك عبدالعزيز كثيراً بدعم القضية الفلسطينية، ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1945 كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة. ومن منجزات الملك عبدالعزيز، تنفيذ أول مشروع من نوعه لتوطين البدو، وشكل منهم جيشاً متطوعاً يكون تحت يده عند الحاجة، كما عمل على تحسين وضع المملكة الاجتماعي والاقتصادي فوجه عناية واهتماما بالتعليم بفتح المدارس والمعاهد وأرسل البعثات إلى الخارج، وشجع طباعة الكتب خاصة الكتب العربية والإسلامية، وأمر بتوسعة الحرم النبوي الشريف، وقد شرع في ذلك عام 1951م، ووفر الماء والخدمات الطبية والوقائية لحجاج بيت الله الحرام. وفي عام 1938م استخرج النفط بكميات تجارية في المنطقة الشرقية مما ساعد على ازدياد الثروة النقدية التي أسهمت في تطوير المملكة وتقدمها وازدهارها، وأنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي بعد أن بدأت العملة السعودية تأخذ مكانها الطبيعي بين عملات الدول الأخرى، واشترت الدولة الآلات الزراعية ووزعتها على الفلاحين للنهوض بالزراعة. وأنشأت الطرق البرية المعبدة، ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام، وربط البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية، ووضع نواة الطيران المدني بإنشاء الخطوط الجوية العربية السعودية عام 1945م، ومد خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر المتوسط، وافتتحت الإذاعة السعودية عام 1949م، واهتم المؤسس بمحاربة المرض وتوفير الخدمات الصحية، فأنشأت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن المملكة، ووضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة بالمجتمع. ولم يكتف الملك عبدالعزيز ببناء هذه الوحدة السياسية والحفاظ عليها فقط، بل سعى إلى تطويرها وإصلاحها في المجالات كافة، فوضع الأساس لنظام إسلامي شديد الثبات والاستقرار مع التركيز على المسؤوليات وتحديد الصلاحيات، فتكونت الوزارات وظهرت المؤسسات، وقامت الإدارات لمواجهة التطور، وأدخلت المخترعات الحديثة لأول مرة في شبه الجزيرة العربية فحلت تدريجيا محل الوسائل التقليدية، ثم اهتم بالنظام القضائي وحدد سلطاته ودعم وضع قوانينه، ووفر الأمن والاستقرار. كما وفر الملك عبدالعزيز أفضل الخدمات لضيوف الرحمن والأماكن المقدسة فوضع نظام للحجاج، وأشرف بنفسه على تنفيذه، كما اتخذ من التدابير ما يمنع استغلالهم وفرض تعريفات بأجور عادية لنقلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل على توفير مياه الشرب والأغذية وكل مستلزمات الحياة ووسائل الراحة لهم. واهتم بنشر العلم والثقافة على أسس إسلامية راسخة، وحارب الجهل بين الحاضرة والبادية فساند حركات الوعظ والإرشاد والتعليم في المساجد والكتاتيب وغيرها، ودعم المدارس الأهلية ووضع قواعد التعليم الحكومي المنظم عندما أسس مديرية المعارف لتتولى الإشراف على التربية والتعليم. ولم تقتصر جهود الدولة في عهد الملك عبدالعزيز على البناء الداخلي، بل سعت إلى توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة. وفي عام 1352هـ (1933م) عين الملك عبدالعزيز ابنه الأكبر سعود بن عبد العزيز وليا للعهد بعد الموافقة وأخذ البيعة له، ثم استمر في الحكم إلى أن توفي في الطائف سنة 1953، وبوفاته تمت مبايعة ابنه سعود ملكاً سنة 1953، والذي تمت في عهده العديد من الإصلاحات الداخلية والمشروعات العمرانية ومن أهمها، إنشاء مجلس الوزراء وإسناد رئاسته إلى فيصل بن عبد العزيز، والنهضة التعليمية التي تم فيها تحويل مديرية المعارف إلى وزارة المعارف، وعين فهد بن عبد العزيز وزيراً للمعارف. وعمل الملك سعود على توسعة المسجد النبوي الذي اعتمد مشروعه في عهد الملك عبدالعزيز، ثم توسعة المسجد الحرام. كما أنشأ المؤسسات الصحفية الأهلية، والعديد من الإذاعات، فوزارة الإعلام سنة 1961 وأسس التلفزيون في 1963. في 1964 تم تعيين أخيه فيصل ملكاً. انعطافة مفصلية مهمة عمل الملك فيصل على ضم جامعة الملك عبد العزيز الأهلية إلى الدولة، وتحويل الكليات والمعاهد العلمية إلى جامعة أصبحت فيما بعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، كما عمل على تحويل كلية البترول إلى جامعة البترول والمعادن. في عهده كانت تدور الصراعات العربية الإسرائيلية وفي حرب السادس من أكتوبر 1973م حيث كانت السعودية إحدى الدول المشاركة في الحرب، أمر الملك فيصل بقطع إمداد البترول عن الدول المؤيدة لإسرائيل، فكان مسانداً لتلك القضية مادياً ومعنوياً. وفي 1975 تولى الملك خالد الحكم، فشهدت المملكة في عهده تطوراً ملحوظاً في البناء والتنمية، وترأس العديد من المؤتمرات المحلية والإقليمية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما ترأس عدة مؤتمرات إسلامية، ويعد من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي، وحضر أول مؤتمر قمة له والذي أقيم في عام 1981. تولي الملك فهد ذلك العام الحكم، واتخذ لقب خادم الحرمين الشريفين، وفي عهده برزت العديد من الإنجازات على الصعيد الإسلامي، أهمها مشروع خادم الحرمين الشريفين لعمارة الحرمين الشريفين، وتوسعتهما كي يستوعب المسجد الحرام أكثر من مليون ونصف مليون مصل، والحرم المدني أكثر من مليون ومائتي ألف مصل، بالإضافة إلى تطوير المناطق المحيطة بها. ولم يختلف عن سابقيه في مواقفه من القضايا العربية والإسلامية وأهمها القضية الفلسطينية التي قدم لها الدعم السياسي والمادي والمعنوي، وشهدت البلاد في عهده نهضة حضارية كبيرة. في 1 أغسطس 2005م تولى الملك عبد الله الحكم واحتفظ بلقب خادم الحرمين الشريفين. في عهد الملك عبد الله، تطورت مختلف القطاعات، من أبرزها توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي، وزيادة عدد الجامعات والكليات، وإنشاء عدد من المدن الاقتصادية. عهد سلمان.. ازدهار وتقدم وريادة تمت مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملكاً للمملكة العربية السعودية يوم 23 يناير 2015، وكان قضى أكثر من عامين ونصف العام ولياً للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء، إثر تعيينه في 18 يونيو 2012م بأمر ملكي، كما بقي حينها في منصبه وزيراً للدفاع وهو المنصب الذي عين عليه في 5 نوفمبر 2011، وقبل ذلك كان الملك سلمان أميراً لمنطقة الرياض أكثر من خمسين عاماً. ولد سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في 31 ديسمبر 1935م في الرياض وهو الابن الخامس والعشرون لمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز آل سعود. ونشأ خادم الحرمين الشريفين مع إخوانه في القصر الملكي في الرياض، حيث كان يرافق والده في اللقاءات الرسمية مع ملوك وحكام العالم. تلقى تعليمه المبكر في مدرسة الأمراء بالرياض، وأبدى منذ الصغر اهتماماً بالعلم، وحصل لاحقاً على العديد من الشهادات الفخرية والجوائز الأكاديمية منها. أثبت قدرة عالية خلال إمارته لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود، أشرف خلالها على عملية تحول المنطقة من بلدة متوسطة الحجم يسكنها نحو 200 ألف نسمة إلى إحدى أسرع العواصم نمواً في العالم العربي اليوم، حيث تحتضن أكثر من 5 ملايين نسمة. ولم تخل فترة النمو هذه من التحديات الصعبة التي ترافق مسيرة التنمية والنمو، ولكنه أثبت قدرة عالية على المبادرة وتحقيق الإنجازات، وباتت العاصمة السعودية اليوم إحدى أغنى المدن في المنطقة ومركزاً إقليمياً للسفر والتجارة. وقد شهدت الرياض خلال توليه الإمارة إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية الكبرى، مثل الطرق السريعة والحديثة، والمدارس، والمستشفيات، والجامعات، إلى جانب المتاحف والاستادات الرياضية. في نوفمبر 2011 م عين وزيرا للدفاع في المملكة العربية السعودية، والتي تشمل القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي. وشهدت وزارة الدفاع في عهده تطويراً شاملاً لقطاعات الوزارة كاملة في التدريب والتسليح كما أشرف بنجاح على أكبر مناورة عسكرية في تاريخ القوات المسلحة السعودية (سيف عبدالله). تولى الملك سلمان منذ 1956 رئاسة مجلس إدارة العديد من اللجان الإنسانية والخدماتية التي تولت مسؤوليات أعمال الدعم والإغاثة في العديد من المناطق المنكوبة حول العالم، سواء المناطق المتضررة بالحروب أو بالكوارث الطبيعية. وقد نال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عن جهوده الإنسانية هذه العديد من الأوسمة والميداليات من دول عدة بينها البحرين والبوسنة والهرسك وفرنسا والمغرب وفلسطين والفليبين والسنغال والأمم المتحدة واليمن. وإذ تشرف المملكة العربية السعودية على عيدها الوطني السادس والثمانين، تشهد السعودية في عهده تطوراً واضحاً يضعها في مصاف الدول المتقدمة، وتلعب المملكة في عهده أهم أدوارها التاريخية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©