الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في الهند... أصداء مقتل بن لادن

11 مايو 2011 23:14
كشف أن أسامة بن لادن قضى نصف عقد من الزمن وهو يقيم على نحو مريح في مدينة باكستانية، وقد استُقبل هذا الخبر بنوع من المرارة في الهند المجاورة، التي لطالما كانت تقول إن جارتها وخصمها اللدود غير قادرة على محاربة الإرهاب داخل حدودها، أو حتى غير راغبة. ويمكن القول إن حقيقة أن بن لادن قد عاش، قبل مقتله على أيدي كوماندوز أميركي مطلع مايو الجاري، في مدينة تحتضن قاعدة عسكرية ولا تبعد سوى بحوالي ساعة بالسيارة عن العاصمة إسلام آباد، قد عزز ذلك الرأي حتى الآن لدى الهنود. وفي هذا السياق، قال وزير الداخلية الهندي "بي. شيدامبرام" في بيان صدر عنه: "لقد سجلنا بقلق كبير ما ورد في ذلك الجزء من الخطاب الذي قال فيه أوباما إن المعركة النارية التي قتل فيها بن لادن قد حدثت في أبوت آباد، عميقاً داخل باكستان"، مضيفاً "وهذه الحقيقة تؤكد أن الإرهابيين الذين ينتمون إلى منظمات مختلفة يجدون الملاذ في باكستان". أما كتاب عناوين الصحف، فقد كانوا أقل حذراً ودبلوماسية؛ حيث جاء في عنوان صحيفة "إيجن إيدج": "الولايات المتحدة تقتل بن لادن في باكستان، كما بتم تعرفون"؛ بينما كتبت قناة إخبارية هندية كبيرة في شريط الأخبار العاجلة أسفل الشاشة: "قناع باكستان يسقط"؛ وتساءلت أخرى حول ما إن كان بن لادن قد مات بالفعل في منزل آمن تابع لوكالة الاستخبارات الباكستانية "آي إس آي". وبسرعة رمى "الصقور" بثقلهم في الموضوع أيضاً؛ حيث قـال قائـد الجيـش الهنـدي "في. كي. سينج" للصحافيين الأربعاء الماضي إن الهند لديها القدرة على تنفيذ ضربة مماثلة في باكستان -مما أثار تحذيرات في باكستان من مغبة أن تقوم الهند بذلك. وفي هذه الأثناء، جذبت الأحداث نفسها اهتمام الهنود العاديين الذين يميلون عادة إلى عدم الاهتمام بأخبار الأحداث التي تقع خارج حدودهم؛ حيث جذب مقتل بن لادن 42 مليون مشاهد، حسب وكالة لقياس نسبة المشاهدة. وفي هذا الإطار، قال "جابامالاي ماري"، وهو عامل منزلي في نيودلهي: "إننا نشعر بالاستياء من باكستان الآن"، مضيفاً "إننا نعلم أن أميركا أعطتهم الكثير من المال". والواقع أن الأحداث التي عرفها الأسبوع الماضي لم تؤد إلا إلى تعميق الارتياب الذي يشعر به الهنود -من المؤسسة السياسية إلى الناس العاديين- تجاه باكستان. والجدير بالذكر في هذا الإطار أن البلدين خاضا ثلاث حروب بينهما منذ 1947، وما زالت منطقة كشمير المتنازع عليها في جبال الهمالايا تمثل بؤرة نزاع فيما بينهما. وكانت عملية سلام هشة أطلقتها حكومة رئيس الوزراء مانموهان سينج أوقفت عقب هجمات مومباي الإرهابية في 2008، عندما قُتل 166 شخصاً خلال هجوم استمر ثلاثة أيام نفذه مسلحون يقال إنهم تدربوا على أيدي مقاتلين باكستانيين. وتعتقد الهند أن الإرهابيين نفذوا ضربتهم بتواطؤ مع بعض العناصر في وكالة "آي إس آي"، وإن كانت إسلام آباد تنفي أي تورط لها في الموضوع. وفي هذا السياق، يقول "ماهيش رانجارجان"، المحلل السياسي في نيودلهي، إن هجمات مومباي "تعني أن الاشتباه في باكستان عميق في العقل الهندي؛ وأنه ليس مقتصراً على المؤسسة السياسية وحدها". ومنذ ذلك الحين، ما فتئت الهند تطالب إسلام آباد بشكل مستمر بأن تسلمها الأشخاص المتهمين في التحقيقات الأخيرة، وتدعو باكستان إلى الكف عما تقول إنه توفير ملاذ آمن للإرهابيين -وإن كانت قد أسقطت ذلك كشرط مسبق لمزيد من محادثات السلام. غير أن بعض المحللين يرون أن مقتل بن لادن من غير المرجح أن يحدث فرقاً جوهريّاً على مصير عملية السلام بين الهند وباكستان، التي يأمل رئيس الوزراء "سينج" أن يجعل منها حجر الزاوية لفترة حكمه. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن البلدين المتنافسين الحائزين للسلاح النوي قطعا خلال الأشهر الأخيرة خطوات صغيرة في اتجاه إعادة تلك العملية إلى سكتها. ففي أبريل الماضي على سبيل المثال تحاور "سينج" مع نظيره الباكستاني يوسف رضا جيلاني خلال مباراة كريكيت بين منتخبي بلديهما في مدينة موهالي الهندية الواقعة شمال البلاد وراج حديث عن محادثات في وقت لاحق من هذا الصيف. وفي بيان موجز صدر بعد الإعلان عن مقتل بن لادن، لم يخرج "سينج" عن اتجاه المشاعر العامة المتفشية في أماكن أخرى في الهند إذ قال: "إن هذه ضربة قاصمة للقاعدة ومنظمات إرهابية أخرى"، مضيفاً "وعلى المجتمع الدولي وباكستان بصفة خاصة العمل بشكل كامل على إنهاء أنشطة مثل هذه المنظمات التي تشكل تهديداً للسلوك المتحضر وتقتل الرجال والنساء والأطفال الأبرياء". هذا ومن المرجح أن يستعمل المسؤولون الهنود ما وقع الأسبوع الماضي في أبوت آباد لدفع الولايات المتحدة إلى تكثيف الضغط على باكستان من أجل محاربة الإرهاب؛ حيث تحركهم في ذلك بشكل خاص مخاوف من إمكانية أن يغتنم أوباما مقتل بن لادن لتسريع عملية سحب الجنود من أفغانستان، الأمر الذي يمكن أن يتيح للمنظمات الإرهابية في المنطقة قدراً أكبر من الحرية. ميان ريدج - نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©