تمطر السماء، ويعلو صوت الرعد بينما يضيء البرق مسافات النظر، الكل يستمتع بالمطر لكن من وراء ستار ، نختبئ خلف زجاج النوافذ لنسمع دفق الماء يغسل الأرض، بينما هناك آخرون يستبشرون بانهمار المطر، وتراهم يتبعون الغيوم بسياراتهم وكاميراتهم ليقتنصوا أجمل اللحظات التي لا يراها القابعون خلف الشبابيك ·· إنهم مطاردو الغيوم والأمطار·
يقول عمر النعيمي مدير عام مركز العاصفة ومؤسس رابطة مطاردي الأمطار في الإمارات: هواية تتبع الغيوم والأمطار هواية ورثتها من والدي الذي علمني حب المطر وتتبع الغيوم، وعلمني أيضاً أن أميز الغيمة الماطرة الثقيلة بالماء من تلك السوداء التي تظلل المكان وترحل بلا مطر، وتمييز الرياح الجالبة للغيوم وكل ما يتعلق بالطقس من معلومات ورثها والدي أيضا من الأجداد·
لم يتمن عمر أن تظل هوايته فردية لنفسه فقط، ويقول: أردت دوما أن أجد من يشاركني تتبع الأمطار، خاصة أنني لا أملك معلومات عن الطقس بشكل عام برغم معرفتي بتتبع الغيوم بعيني المجردة، والمشكلة أن نشرات الطقس في الإمارات لم تكن أكثر من مجرد خبر بسيط في الصحف يحوي درجات الحرارة والرطوبة! وهذا النقص في معلومات الطقس دفعني لإنشاء موقع متخصص بأخبار الطقس وتتبع الأمطار في الإمارات هو موقع ''العاصفة''·
ويتابع عمر: لم أتوقع هذا النجاح والإقبال على الموقع، خاصة أنه لا يقدم سوى أخبار المطاردات والغيوم، ولكن الموقع بعد سنتين صار يضم أكثر من 10 آلاف عضو وفيه أكثر من 40 عضوا متخصصا في مطاردة الغيوم والأمطار، مقسمين على عدة فرق لتتبع الأمطار في الإمارات مثل فريق الفضائي والسهيلي والركامي والشرقي، وغيرها من الفرق التي تستمد أسماءها من الرياح وظواهر الطقس في الامارات، وهي فرق تضم أعضاء متخصصين بمتابعة الأمطار، بعضهم يتابع الأمطار وحركة الطقس بواسطة الأقمار الاصطناعية، والبعض الآخر يدرس نتائج الطقس من المواقع العالمية، وآخرون يذهبون لمكان هبوب العاصفة ليستطيعوا تصوير العاصفة بالكاميرات والفيديو، وبالتالي نحتفظ بسجل مصور متكامل عن الطقس في الإمارات، لعدم وجود سجل طقسي حتى الآن، وضياع العديد من المعلومات المتعلقة بعواصف تاريخية هبت على الامارات مثل عاصفة عام ·1982
فرق المطاردات
ويتناول عبدالله حمدان الكعبي ''مطارد أمطار'' طرف الحديث قائلا: مصطلح مطارد أمطار هو المصطلح المناسب المنطقة الخليج فنحن في جانب هادئ من العالم ولا عواصف عندنا لنطلق لقب ''مطارد عواصف'' المنتشر عالميا، لذا فمطارد أمطار هو الأفضل·
ويتابع الكعبي: في بداية انطلاق الموقع كنا مجموعة من الشباب الهاوين نتجمع لتبادل الأفكار من خلف شاشات الانترنت، إلى أن نظمنا أولا لقاء للتعارف في منطقة ''المدام'' بالشارقة، وهناك التقينا للمرة الأولى، وفي ذاك اللقاء برزت فكرة الفرق والتتبع الجماعي للغيوم، وبعدها بدأنا في دراسة الأجواء بشكل مكثف وصرنا نطلع على آخر معطيات الطقس ثم نقسم الفرق حسب الأقرب للمنطقة التي يتوقع فيها هطول الأمطار وبعد ذلك يذهب فريق لمطاردة الغيوم وتسجيل الطقس على الطبيعة بينما يمدهم باقي الفريق بتطورات الطقس عبر تتبع الأقمار الاصطناعية والمواقع العالمية وأيضا باستخدام الانترنت المتجول·
مصور تلفزيوني
ويضم فريق المطاردين عددا من الوجوه المعروفة في الوسط الإعلامي مثل فهد محمد القحطاني مصور أخبار الإمارات في قناة دبي الفضائية الذي يقول: أحببت متابعة الطقس منذ صغري، وبمجرد أن حصلت على رخصة القيادة كنت أتابع الأمطار والغيوم لوحدي حاملاً عدة التصوير الفيديو والديجيتال، وعندما بدأت بالحصول على صور جيدة وذات مستوى عالي قمت بإرسالها لقناة دبي الفضائية ولقيت استحسان الجميع ، خاصة أن عرض التسجيل الذي أقدمه عن الأمطار كان من مكان سيلان الوديان في الجبال وليس من الشوارع في المدينة ، مما أهلني لأكون مصور الطقس الخاص بأخبار الإمارات منذ عام ·2004
وعن لقائه بالمطاردين يتابع القحطاني: ذات يوم كان المطر شديدا وكنت منهمكا في التصوير حين اقترب مني شابان وسألاني إن كنت أصور للموقع فأجبت بالنفي مضيفا بأني أصور للتلفزيون و استغربت حين عرفا اسمي وقالا إن تغطياتي الحصرية للأمطار موجودة في موقع العاصفة وقدما الدعوة لي للانضمام للموقع وقبلت الدعوة لتبدأ مسيرتي مع المطاردين ·
إعلاميون في الفريق
ويضيف فهد: انضمامي للمطاردين جعلني أكثر اطمئنانا وأمنا عند خروجي للتصوير في المطر، لأن أكثر ما كان يقلقني ويقلق أهلي أيضا هو التساؤل حول مصيري إذا تعطلت بسبب السبل في أحد الوديان أو الجبال مثلا، ولكن الخروج مع مجموعة لهم نفس الاهتمام صار يشعرني بالأمان، فهم حاضرون دوما لمساندة بعضهم والتكاتف في حال حصول أي مكروه لا سمح الله، كما أني كسبت الكثير من الصداقات والعلاقات الاجتماعية، وتعدى الأمر بيننا مجرد الخروج في مطاردة، بل صار البعض منا يتلاقى في المناسبات الاجتماعية، وننظم العديد من اللقاءات للتسلية والمرح وتعلم تقنيات جديدة في التصوير أو تتبع العواصف·
ويؤكد القحطاني أن مجموعة المطاردين تضم عددا لا بأس به من الإعلاميين··· يقول: بخلافي هناك أيضا صالح الحمادي مصور قناة الشارقة الفضائية وحمد ناصر المذيع في أخبار الإمارات، وعدد من صحفيي الاتحاد، ومحمد الملا عميد، المطاردين في الإمارات، فهو مطارد للأمطار منذ 30 عاماً·
غيوم الروايح
يقول عبدالله الكعبي: تتعرض الإمارات لغيوم ركامية تسمى محلياً ''الروايح'' وهي غيوم تتكون بسبب تدفق الرطوبة التي تحملها رياح الكوس الجنوبية التي تهب من خليج عمان باتجاه سلسلة جبال الحجر في سلطنة عمان، وإذا تصاعدت الرطوبة إلى طبقات معينة في الغلاف الجوي تصبح مناسبة لتشكل السحب الركامية الرعدية الماطرة·
عنصر نسائي
يضم المركز عددا من الفتيات اللواتي يساهمن بفعالية، إما بقراءة إحداثيات الطقس وتحليلها، أو بتصوير الأمطار إن صادف خروج الفتاة مع أهلها لرؤية المطر·
تقنيات المطاردة
يحتاج المطارد عادة إلى سيارة دفع رباعي حديثة لتجنب الأعطال في المطر، خرائط للطقس، جهاز ''نيفيجيشن'' لمعرفة الاماكن وتجنب عدم الضياع في الأجواء العاصفة، كاميرات رقمية للتصوير، عدة إسعاف أولي، عدة لقطر السيارات العالقة وطبعا إعلام المحيطين به عن إحداثيات المكان الذي يرغب الذهاب إليه
عدد اليوم
