الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معضلة السجناء العراقيين

19 يوليو 2010 22:55
في يوم الخميس الماضي سلم جنرال أميركي مفاتيح آخر مركز للاعتقال كان يديره الجيش الأميركي في العراق إلى وزير العدل العراقي. وبذلك أعلنت الولايات المتحدة تخليها عن مهمة إدارة مراكز ومعسكرات الاعتقال هذه. كما أعلنت تلك اللحظة نهاية فترة مثيرة للجدل بشأن الاحتلال الأميركي للعراق، بعد مرور سبع سنوات مر فيها عشرات الآلاف من السجناء العراقيين بمراكز الاعتقال الأميركية، علماً بأنه لم تتم إدانة الكثيرين منهم بأي تهم جنائية. كما تعرض بعض سجناء "أبوغريب" إلى الإهانة وسوء المعاملة على يد الجنود الأميركيين المسؤولين عن إدارة السجن. ولكن الآن تبدي منظمات حقوق الإنسان والمواطنين العراقيين قلقاً من أن يتعرض السجناء لسوء المعاملة داخل السجون المكتظة بالمعتقلين. فقد كانت ممارسات التعذيب سائدة إبان عهد الرئيس السابق صدام حسين الذي أطاح به الاجتياح الأميركي للعراق في صيف عام 2003. وخلال العامين الماضيين تم تأكيد المئات من حالات التعذيب التي تعرض لها السجناء من قبل وزارة حقوق الإنسان العراقية. وفي العام الحالي تم الكشف عن سجن يجري فيه تعذيب المعتقلين وانتهاك أعراضهم. وعلى حد قول سامر مسكتي -خبير عراقي بمنظمة هيومان رايتس ووتش- فإن من المؤسف أن يظل العراق عرضة لاعتقال مواطنيه وتعذيبهم، سواء كان ذلك في ظل النظام السابق، أم في ظل الاحتلال، أم في فترة الحكومة الحالية. وينص القانون الدولي على عدم تسليم المعتقلين والسجناء إلى جهة يتوقع لها أن تمارس التعذيب بحقهم. ولكن إلى متى تواصل أميركا إدارتها للسجون العراقية؟ يبدو أنه ليس ثمة حل مثالي للمشكلة، لكن أميركا تتحمل المسؤولية عن هؤلاء السجناء. من جانبه قال الجنرال "راي أوديرنو" كبير القادة العسكريين الأميركيين في العراق، إن قواته ستواصل تدريبها لمسؤولي الأمن الوطني العراقي ولحراس السجون على احترام حقوق الإنسان. ووصف انتهاكات حقوق الإنسان السابقة المنسوبة إلى الجنود الأميركيين في حق السجناء العراقيين بأنها نتجت عن نقص في التدريب والاستعداد. وقال إن تجربة سجن أبوغريب كانت درساً لم تستعد له القوات بما يكفي. وعلى رغم تسليم الجيش الأميركي لـ "كامب كروبر" وعدد السجناء البالغ عددهم 1500 سجين بداخله للحكومة العراقية يوم الخميس الماضي، فهو يواصل سيطرته على نحو 260 معتقلاً يعدون الأكثر خطورة بين جميع المعتقلين. ومن بين هذا العدد، ثمانية مسؤولين كبار سابقين في حكومة صدام حسين السابقة، يندرج جميعهم في قوائم الإعدام. وفي مناسبة التسليم هذه، تعهد وزير العدل العراقي بحسن معاملة السجناء الذين تم تسليمهم لوزارته واحترامهم وعدم تعريض أي منهم إلى سوء المعاملة. وحذر الأحزاب السياسية من التدخل في إدارة نظام السجون الوطني، الذي أصبح مشكلة في العراق الحديث. واستطرد إلى القول: فقد مضت تلك الأيام التي يتعرض فيها السجناء إلى سوء المعاملة والتعذيب. وأطالب إدارة السجون بحسن معاملة جميع السجناء بقدر عال من اللياقة والكرامة والشرف. وفي المناسبة نفسها قال الميجور جنرال جيري كانون، نائب قائد عمليات السجناء، إن الجيش الأميركي سوف يواصل تدريب نظرائه العراقيين على المعايير الدولية المتعلقة باحترام حقوق الإنسان، وإن جيش بلاده على استعداد للنظر في حالات إساءة معاملة السجناء المزعومة. ويمثل تسليم عمليات السجناء للعراقيين جزءاً من إطار أوسع لتسليم المهام والمسؤوليات ضمن خطة الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من العراق، حيث يتوقع انسحاب جميع القوات المقاتلة من العراق بنهاية شهر أغسطس المقبل. وقد حظيت هذه الخطوة بتأييد شعبي واسع في أوساط الأميركيين. أما في العراق، فتتضارب الآراء حول عملية تسليم السجناء هذه إلى يد القيادات العراقية. ويخشى الكثيرون اليوم على مستقبل العملية الديمقراطية الناشئة في بلادهم. وحتى الذين يطالبون منذ عدة سنوات بالعودة الكاملة إلى السيادة الوطنية، يعترفون اليوم بجودة نظام السجون والمعتقلات الذي كانت تديره القوات الأميركية بعد فضائح سجن أبوغريب. فحين يكون أحدهم تحت مسؤولية السجون الأميركية، فإننا ندرك أين هو على أقل تقدير. ذلك ما قاله الحارس الأمني في بغداد، حيدر علي، البالغ من العمر 25 عاماً. فقد أمضى ابن عمه عدة شهور في أحد السجون التي يديرها الجيش الأميركي وهو الآن في سجن في بغداد. وأضاف قائلاً: لا يوجد هناك تعذيب في السجون الأميركية، على عكس ما هو الحال في سجوننا. ومهما يكن، فإن الرأي السائد الآن هو أن نظام السجون الذي كان يديره الجيش العراقي كان أكثر حفاظاً على كرامة السجناء واحترام حقوقهم وإنسانيتهم. والمحافظة على هذه المعايير هو التحدي الرئيسي الذي يواجهه نظام السجون العراقي. ليلى فاضل - بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©