الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

معلولا بلدة مهجورة بعد شهر من انتهاء المعارك

معلولا بلدة مهجورة بعد شهر من انتهاء المعارك
20 مايو 2014 00:02
تبدو بلدة معلولا الأثرية في ريف دمشق بعد أكثر من شهر على دخول الجيش السوري إليها مقفرة إلا من الجنود، وتغرق في أجزاء واسعة منها في صمت لا يقطعه إلا تغريد السنونو بين وقت وآخر. في الساحة الرئيسية للبلدة، يجلس بعض الجنود يتبادلون الحديث أو يتمشون تحت أشعة الشمس، بينما صور الرئيس بشار الأسد منتشرة في المكان، إلى جانب شعارات تشيد به. لكن في أنحاء أخرى من البلدة المعروفة بمغاورها التاريخية التي تعود إلى القرون الأولى للمسيحية، المنازل والمحال التجارية مهجورة، معظمها خلعت أبوابه وتعرض للنهب، بينما آثار القصف والرصاص ظاهرة في عدد منها. وقال أحد الجنود لفريق وكالة فرانس برس الذي زار البلدة بعد الحصول على إذن من السلطات السورية: «يأتي بعض السكان أحياناً لساعة من الوقت لتفقد ممتلكاتهم، ثم يرحلون». وإذا كان حجم الدمار في البلدة الواقعة على بعد اكثر من خمسين كيلومتراً من دمشق لا يعادل ذاك الموجود في مناطق دمرتها الحرب تماماً مثل حمص، إلا أن الأبنية تحمل آثار المعارك التي جرت، عنيفة حيناً وبتقطع أحياناً، على مدى سبعة أشهر بين القوات النظامية مدعومة من «حزب الله» اللبناني من جهة ومقاتلي المعارضة وبينهم جبهة النصرة من جهة أخرى: منازل محروقة، نوافذ محطمة، أبواب مخلوعة، وشرفات منهارة. وتقع معلولا في منطقة القلمون الجبلية على طريق استراتيجي يربط لبنان بدمشق. واندلعت فيها المعارك في سبتمبر وانتهت بسيطرة المقاتلين المعارضين، قبل أن تستعيدها قوات النظام بعد وقت قصير. ثم انسحبت هذه القوات مجددا في ديسمبر، ودخلها مقاتلون غالبيتهم متشددون. وسيطرت عليها القوات النظامية مجدداً طاردة المعارضة المسلحة في منتصف إبريل. لكن سكانها الخمسة آلاف، ومعظمهم من الكاثوليك الذين لا يزالون يتكلمون اللغة الآرامية التي هي لغة المسيح، والذين نزحوا منها هرباً من أعمال العنف، لم يعودوا إليها بعد. وزارها في 20 إبريل الرئيس السوري بشار الأسد مؤكداً أن معلولا «ستبقى مع غيرها من المعالم الإنسانية والحضارية السورية صامدة في وجه همجية وظلامية كل من يستهدف الوطن». ويطرح النظام السوري نفسه حامياً للأقليات لا سيما المسيحية، الأمر الذي تدرجه المعارضة في إطار «الدعاية السياسية». إلا أن شريحة واسعة من مسيحيي سوريا تتعاطف مع النظام لا سيما في مواجهة خطر المتطرفين. وقال فصيح، الشخص الوحيد من سكان معلولا الذي التقته فرانس برس خلال جولتها، قرب دير مار تقلا للروم الأرثودكس: «نحتاج إلى مساعدات، لأن الناس هنا فقدوا كل شيء». وكان فصيح يتفقد محله التجاري لبيع الكحول، الذي بني في محيط إحدى المغاور المحفورة في الصخر. وبدا المحل محروقاً، والبراد في داخله محطماً. وقال الرجل بحسرة: «كانت لدي بضاعة بقيمة 66 ألف دولار داخل المحل. منزلي أيضاً احرق ونهب، لم يبقَ فيه أي أثاث. كيف تريدون أن يعود الناس؟». داخل دير مار تقلا المقفل من جانب الجيش، صور وأيقونات للسيدة العذراء والمسيح والقديسين مبقورة عند مستوى العينين. كان مقاتلون استخدموا الدير مقرا لهم بعد إخراج الراهبات منه واحتجازهن لمدة ثلاثة أشهر في بلدة يبرود القريبة. كذلك تبدو غرف الراهبات محروقة. وفي الأرض، بقايا زجاج وآنية محطمة، وكتب تحولت إلى رماد. كذلك المشهد محزن في الميتم التابع للدير، حيث تبعثرت الدمى والرسوم وملابس الأطفال وقد غطاها الغبار. على الطريق المؤدي إلى دير مار سركيس وباخوس، يمكن رؤية أكياس من الرمل على مداخل المغاور، كدسها مقاتلو المعارضة، الذين تحصنوا على ما يبدو في الداخل. وكانوا انتشروا في بداية المعركة على رأس المنحدر الصخري حيث يقع فندق «السفير» المدمر بشكل كبير بسبب القصف. وتظهر آثار القذائف المدفعية والصاروخية في دير مار سركيس، الذي يعود إلى نهاية القرن الخامس، وهو من أقدم الأديرة في الشرق الأوسط. وغطى الركام أرض كنيسته. على جدران الدير، اختفت أيقونات نادرة. في محل بيع التذكارات، تبعثرت على الأرض نسخ من الإنجيل باللغة الآرامية أو العربية، وصور ومسبحات وغيرها من القطع، التي كانت تُباع في المكان. وقال سائق تاكسي في طريق العودة من معلولا «من سيعود إلى البلدة الآن؟ على الأرجح لا أحد، سينتظر الجميع أن تنتهي الحرب». (دمشق-أ ف ب)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©