الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دين التفكر والتدبّر

11 يونيو 2018 21:40
تقع بين فترة وأخرى في السياق العربي بعض السجالات الفقهية بين هذا الطرف أو ذاك، وهذا النوع من السجال يحرك المياه الراكدة، وأيضاً يحرك العقول «للتفكر»، فعندما خرج مثلاً من قال إن الصوم «خيار» للإنسان وليس «إجباراً» انزعج البعض، ولو «تفكرنا» قليلاً لعرفنا أن العبادات كافة هي في الأساس «خيار»، لأن الله أعطانا عقلاً وأعطانا مشيئة، وأعطانا إرادة نتصرف بها، ليختار الإنسان النافع ويدع الضار، ويختار الخير ويدع الشر، ويختار ما ينفعه ويدع ما يضره. فإذا فعل الناس الخير استحقوا الجزاء من الله فضلاً منه، وإذا فعلوا الشر استحقوا العقاب، فهم إذا فعلوا الطاعات فعلوها باختيارهم، ولهم الأجر عليها، وإنْ فعلوا المعاصي فعلوها باختيارهم، وعليهم وزرها وإثمها، وجميعنا يتذكر قصة نبي الله نوح حينما طلب من ابنه أن يركب معه وهو نبي، ولكن الابن كان عنده الخيار فرفض واختار الجبل فغرق ومات كافراً. كذلك الإنسان مسير في أمور أخرى، قال تعالى (هُوَ الذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ)، وفي الصحيحين عن النبي الكريم أنه قال «ما منكم من أحد إلا وقد بين مقعده من الجنة ومقعده من النار، قالوا يا رسول الله، ففيم العمل؟ (يعني: ما دامت مقاعدنا معروفة من الجنة والنار- ففيم العمل؟) قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قوله سبحانه (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)، «سورة الليل: الآيات 5- 10»، ولأنك ولدت مسلماً من فضل الله فليس أقل من أن تجتهد في الطاعة وليس مثل شخص كان من دون دين «فأمعن عقله» حتى وصل إلى الإسلام واجتهد أكثر منك في عبادة الله، فهذا في ظني أن أجره يكون أكبر منك، فالله سبحانه ييسر للإنسان الأمور كافة للذهاب للخير أو الشر وحسب اختياره. فاللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى، فديننا واضح وسهل، ولكن بعض نفوس البشر تحب التعقيد، وفهمكم كفاية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©