الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا: تراجع دور نقابات العمال

5 مايو 2013 22:48
جانا راندو فرانكفورت قبل عقد من الزمن خطب مايكل سومر، النقابي الأول في ألمانيا، في حشد من العمال يوم احتفالهم في الأول من مايو محذراً من أن المخطط المقترح بشأن مرونة العمل لن يخلق أية وظيفة. واليوم وبعد عشر سنوات على ذلك، أصبح المخطط قانوناً. ولكن البطالة تقارب أدنى مستوى لها منذ عقدين من الزمن؛ والتوظيف ازداد بأكثر من 3 ملايين. والواقع أن النقابات هي التي أخذت أعدادها تتقلص. ذلك أنه نظراً لشروع عدد متزايد من الموظفين في قبول وظائف مؤقتة أو عقود عمل تنتهي بانتهاء المشاريع التي يشتغلون عليها، فإن الوظائف التي تُخلق حالياً هي في معظمها غير مؤطَّرة من قبل النقابات في بلد بُني شكله الحالي من قبل العمالة المنظَّمة. يذكر هنا أن النقابات الألمانية، التي أُسست في منتصف القرن التاسع عشر، اكتسبت القوة في سنوات الخمسينيات، عندما لعبت دوراً حاسماً في تحويل اقتصاد حطمته الحرب العالمية الثانية إلى معجزة اقتصادية. غير أن تأثيرها أخذ ينحسر ويتراجع تدريجياً في وقت أصبح يُنظر فيه إلى ألمانيا باعتبارها نموذجاً لأوروبا التي تتخبط في أزمة الديون. وفي هذا السياق، قال توماس هارييس، الخبير الاقتصادي الأوروبي في بنك بيركليز في فرانكفورت: «لقد تقلص تأثير النقابات بشكل ملموس نتيجة لتلك الإصلاحات»، مضيفاً «ولكنها تكافح بقوة من أجل استعادة بعض النفوذ». ولكن أحدث مشكلة من مشاكل العمال قوبلت بالاهتمام من قبل القيادة الألمانية؛ حيث قالت المستشارة أنجيلا ميركل، التي ستترشح لإعادة الانتخاب هذا العام عن «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، بعد اجتماعها مع زعيم اتحاد النقابات الألمانية «دي دجي بي» سومر في يناير الماضي إن ألمانيا في حاجة إلى «مراقبة» الوظائف المؤقتة، مضيفة «لأنها يمكن أن تتحول على نحو متزايد إلى التفاف على اتفاقات نقابية معقولة». وقد كانت النقابات تمثل 25 في المئة من القوة العاملة الألمانية في 2000، قبل ثلاثة أعوام من شروع المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر في تطبيق برنامج لمرونة سوق العمل. ووفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فقد انخفض ذلك العدد إلى 18 في المئة في 2011، في وقت دفعت فيه مزايا بطالة أقل سخاءً وقوانين أسهل بخصوص الفصل كثيراً من العمال إلى قبول وظائف مؤقتة منخفضة الأجر. كما انخفض العدد الإجمالي لأعضاء النقابات بـ21 في المئة. ولكن في الوقت نفسه، ساعدت المرونة الجديدة الاقتصاد الألماني، الذي يعد الأكبر على صعيد أوروبا، على احتواء البطالة خلال أزمة 2009 والخروج من الركود بشكل أقوى وأسرع مقارنة مع معظم الاقتصادات الأخرى في منطقة اليورو. وفي هذا السياق، قال عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي جورج آسموسن، في خطاب ألقاه في فرانكفورت في وقت سابق من هذا العام: «قبل عقد من الزمن، كان يطلق على ألمانيا لقب رجل أوروبا المريض»، مضيفاً «ولكن منذ ذلك الوقت، أصبحت البلاد نموذجاً للكيفية التي تستطيع بها الإصلاحات المصمَّمة على نحو جيد تغيير الوضع وقلبه». وقد بلغ التوظيف في ألمانيا 42 مليوناً تقريباً في فبراير الماضي، وهو الأعلى على الإطلاق في تاريخ البلاد المعاصر؛ بينما تعتبر البطالة، التي تبلغ 5,4 في المئة، الأكثر انخفاضاً في منطقة اليورو بعد النمسا، وأقل من نصف المعدل المسجل في المنطقة المؤلفة من 17 دولة. أما بطالة الشباب البالغة 7,7 في المئة في ألمانيا، فتقابلها 23,9 في المئة في منطقة اليورو. والواقع أن العمل المؤقت هو إحدى الطرق المتاحة أمام الشباب الألماني لإيجاد عمل. ففي ألمانيا، تعرض نحو 7500 وكالة على العمال وظائف عبر تلك القناة. وقد وظفت «مانباور جروب دويتشلاند»، التي تعتبر ثالث أكبر وكالة، نحو 20 ألف شخص العام الماضي، أي ضعف عدد من تم توظيفهم في 2002. وقال ستيفان راثجيبر، المتحدث باسم «ذي إيشبورن»، وهي شركة يوجد مقرها في ألمانيا: «إن العمل المؤقت يعاني من مشكلة سمعة، وهو أمر مؤسف»، مضيفاً «ذلك أنه يسهِّل دخول سوق العمل، ويقي من البطالة في أوقات الأزمات، وهو جذاب بشكل خاص بالنسبة للعمال من ذوي المؤهلات». ولكن بالنسبة لبنجامين فاندت، كان العمل المؤقت يعني وظائف في 18 شركة مختلفة بعد أن أنهى فترة تدريبه كميكاني صناعي في 2010. وقد كان التغيير من وظيفة لأخرى يتجاوز فترة الأسبوع بقليل أحياناً. وقال «فاندت» في مقابلة معه عبر الهاتف من لاندشوت، بألمانيا: «لقد كان العمل المؤقت الخيار الوحيد أمامي لجني بعض المال»، مضيفاً «كنت أتمنى أن أبقى في مكان ما وقتاً أطول. وكل ما كنت أرغب فيه هو وظيفة آمنة». ولكن ما حصل عليه فاندت كان عملاً لا يرقى إلى مؤهلاته أو عملا من النوع الذي لا يتلاءم مع ما تلقاه من تدريب، ورحلات مكوكية طويلة، ومشاكل بخصوص التوصل بمستحقاته المالية، قبل أن ينجح أخيراً في الحصول على وظيفة دائمة في شركة للبلاستيك في «إيردينج»، ألمانيا، وذلك بعد ملحمة طويلة دامت أكثر من عامين. وقد حصل «فاندت» على عضوية «آي دجي ميتال»، التي تعد أكبر نقابة في ألمانيا، منذ 2011، وهو ما يمثل نموذجاً للكيفية التي بدأت بها النقابات تستميل العمال المؤقتين. واليوم، يعتبر نحو 20 في المئة من كل العمال المؤقتين في صناعة المعادن أعضاءً في نقابات، مقارنة مع قرابة 50 في المئة من الموظفين الدائمين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©