الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

دومينو.. متاهات الإنسان في لعبة الحياة

دومينو.. متاهات الإنسان في لعبة الحياة
18 مايو 2014 22:45
محمد عبدالسميع (الشارقة) افتتحت مسرحية الـ“دومينو” لفرقة مسرح دبي الأهلي، مساء أمس الأول على خشبة مسرح قصر الثقافة بالشارقة فعاليات مهرجان المسرح الخليجي للفرق الأهلية في دورته الثالثة عشرة. وتم اختيار مسرحية الـ“دومينو” تأليف طلال محمود وأخراج مروان عبدالله صالح، من قبل إدارة المهرجان لتكون ممثلاً للمسرح الإماراتي، خاصةً وأنها عمل شبابي يبرز طاقة الشباب الفنية الإبداعية وقدرتهم على استيعاب تجارب وخصوصيات مسرحية كثيرة. وشارك في المسرحية عدد من الممثلين الشباب منهم: حسن يوسف وغانم ناصر وعمر التميمي ونصره ناصر، وتعتبر الـ “دومينو” بمثابة تكريم وتحفيز للمبدعين من شباب المسرح الإماراتي لتقديم الأفضل المعبر عن هوية وخصوصيته وإعطاء انطباع لدى المتابع للمسرح الخليجي عن تطور المسرح الإماراتي وتحقيقه للتميز خليجيا. فكرة المسرحية تطرح المسرحية سؤالا جوهريا يتعلق بمصير الفرد في هذا الوجود وهل هو محكوم بالأقدار منذ الولادة، وفي هذا الإطار تجري الأحداث وتدور الشخصيات ومن خلالها ترسل الصرخات ضد افتقار المجتمع للمساواة والعدل والحرية في اختيار المصير وتحديد ما ينتظر الإنسان في هذا الكون، فالإنسان هذا الكائن الذي يحتاج لمن يوقع له على وثيقة فعل تمنحه الطاقة الكافية للوصول إلى تحقيق أهدافه التي لا يستطيع تحقيقها إلا كرقم في معادلات شتى تشير إلى أنه ليس حرا دائما، وهذه مسألة لا تعود إليه رأسا، بل محكومة بآليات ليست بالضرورة من اختياراته الصرفة. العرض يقدم العرض من خلال صندوق كبير مغلق للعبة الدومينو، بداخله حركة مستمرة تعج بالممثلين وشخصيات المسرحية، يفتح الصندوق بالتدريج لتصرخ إحداهن معلنة الولادة والخروج إلى الحياة ومن ورائها تخرج الشخصيات تباعا، ويطلع المولود ملفوفاً بقماط يتم انتزاعه عنه ليتحول من حالة الطبيعة إلى حالة الثقافة ويبدأ بالتعلم وفهم أصول لعبة الحياة، لتصدمه حقيقة أنه حجر دومينو بلا نقاط، فهل يصمت بالفعل أمام هذا القيد ويستكين لوضعه ويرضخ لأحكام اللعبة التي لم يحدد من خلالها مصيره فيها. يقدم عرض “دومينو” شخصيات تراجيدية أرغمت على النطق تحت أضواء المسرح، وتشكلت لتطلق عقيرتها في المجال من حولها معلنة أنها مظلومه وأنها غير راضية بالفعل عن ماهي فيه، إنها أمام مشكلة ثنائية متعارضة بين الذات والآخر الذي يريد أن يكون هو صاحب كل شيء في الوجود، والتي مفادها أن الضعيف البسيط ليس له مكان ولا دور وليس له الحق أن يكون إنسانا كما يريد لنفسه أو يختار، فهو في نهاية المطاف ليس صاحب القرار الأخير والحاسم في أمره. يرسم العرض المسرحي الإنسان وقد تحول إلى حجر دومينو ممسوح دون أرقام يواجه أحجاراً أخرى لها أرقام وأدوار أكبر، وقد استطاع المخرج مروان عبدالله صالح من خلال جملة العلاقات المرئية والمؤداة من قبل ممثلين شباب بذلوا الجهد وعانوا من ضغوط نفسية وأداء جسدي للوصول الى التماهي مع الشخصيات تسرد معاناتها وعلاقاتها أمام الجمهور. تميز عرض “دومينو” بقدرة الشخصيات على أداء التعبيرات الجسدية التي تعطي الإيحاء بدقة ومهارة في منظومة جماعية متناغمة شكلت لوحة حركية متوافقة. فالدومينو كمفردة تأسس عليها العمل الدرامي وتصاعد الأحداث داخل المسرحية، إذ استطاع أن يجعل منها ومن خلال المستطيلات التي تتوافر على شكل الأحجار معادلات بصرية وحركية وتعبيرية وحركية عالية الجودة في التعبير، وكان الإطار المستطيل يلعب دلالات غير محدودة، فالاختيار الجمالي والفني للدومينو هو بمثابة اجتراح يحسب لصانع العرض الذي لم يجعل من محدودية تكوين المستطيل بمفرده، إلا سلماً يطلق من خلاله قدرته على التشكيل اللامتناهي. كانت دومينو صيحة مدوية في وجه المقرر والذي لا نتحكم في خيوطه والذي نجد أنفسنا فيه ومن خلاله أشبه بالأحجار التي تحركها الأقدار وتضع لها الماهية والقرار. يشار إلى أن الدورة الثالثة عشرة من مهرجان المسرح الخليجي تنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بالتعاون مع جمعية المسرحيين، ويستمر حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، ويتضمن ستة عروض مسرحية داخل مسابقة المهرجان، تقدم يوميا على خشبة مسرح قصر الثقافة بالشارقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©