الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية... حان وقت الاهتمام بحقوق الإنسان

2 يناير 2012
كيم مون سو حاكم إقليم جيونجي في كوريا الجنوبية بعد وقت قصير على إغراء عالم الاقتصاد الكوري الجنوبي "أو كيل نام" لدخول كوريا الشمالية برفقة عائلته في 1985، أدرك أنه في ورطة حيث تبين له ولعائلته أن الفرص التي كانوا يتوقعونها وهمية ووجدوا أنهم وقعوا في فخ. وبعد نحو عام على ذلك، تلقى "أو" أوامر باختطاف كوريين يدرسان في ألمانيا بالطريقة نفسها تقريباً التي أغري بها لدخول "الشمال". وعلى رغم أنها كانت تدرك أن ذلك سيعرّض عائلتها للخطر، فإن زوجة "أو"، "شين سوك جا"، رجته أن يرفض الأوامر ويهرب مجادلةً بأنه ليس من الأخلاق أن يقودا أبرياء آخرين إلى مصير مروع يشبه مصيرهما. وعندما أُرسل "أو" إلى الخارج، لم يتبع الأوامر وطلب اللجوء السياسي، فردّت السلطات الكورية الشمالية على ذلك بأن حبست "شين" وابنتيهما اللتين كانتا تبلغان 9 سنوات و11 سنة في معسكر يودوك في 1987. اليوم وبعد أربع وعشرين سنة على ذلك، يعيش "أو" في كوريا الجنوبية ومازال متعلقاً ببصيص من الأمل في أن يجتمع شمل عائلته من جديد يوماً ما. والواقع أنه من السابق لأوانه بعد وفاة "كيم جونج إيل" القول إن كوريا الشمالية قد تتغير، غير أن ثمة بعض الأمور التي تظل واضحة: إن "شين" وابنتيها هن من بين مئات الآلاف من الأشخاص في "الشمال" الذين لديهم قصص أكثر إيلاماً من أن يتخيلها المرء. فالتقديرات تشير إلى أن أكثر من 100 ألف مدني كوري جنوبي اختُطفوا من قبل كوريا الشمالية خلال الحرب الكورية، في حين يُعتقد أن حوالي 150 ألف كوري شمالي محبوسون في معسكرات للسجناء السياسيين. وفي كل يوم، يجازف الهاربون بحياتهم للهرب من القمع والجوع. ولكن صرخات القلق التي يطلقونها تضيع على ما يبدو وسط المخاوف من إمكانية تزعزع الاستقرار على خلفية انتقال السلطة المتوارث في "الشمال" بعد وفاة كيم. غير أنه بدلًا من التركيز على المصالح الذاتية الوطنية، لا بد من أن يتوحد المجتمع الدولي من أجل توجيه كوريا الشمالية في الاتجاه الصحيح. وإذا كانت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان وروسيا والصين تتفق جميعاً على ضرورة أن تسلك كوريا الشمالية طريق الإصلاح، وأن تتخلى عن البرنامج النووي العسكري، فإن الاختلافات موجودة بشأن كيفية التعاطي مع موضوع حقوق الإنسان. ما تريده كوريا الجنوبية هو أن تسير كوريا الشمالية على طريق الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية. وتشمل هذه التغييرات جهود إعادة أسرى الحرب والمختطَفين المعتقلين في "الشمال" وتفكيك معسكراته السياسية. كما نأمل في ضمان حرية التعبد في "الشمال"، وأن يُسمح للعائلات المنفصلة من الكوريتين بالالتقاء، ونعتقد أنه يتعين على كوريا الشمالية أن تصبح عضواً من العالم الحر. والواقع أن الولايات المتحدة بذلت إلى جانب بلدان أخرى جهوداً معتبرة خلال السنوات الأخيرة لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في كوريا الشمالية. ففي 2004، مرر الكونجرس بالإجماع قانون حقوق الإنسان الكورية الشمالية. وبصفتي مشرعاً كوريا في ذلك الوقت، انتابني شعور بالخجل وشعرتُ بأن المشرعين الأميركيين فعلوا شيئاً كان ينبغي أن نقوم بها – نحن الكوريين – قبل وقت طويل. وهكذا، رفعتُ إلى الجمعية الوطنية في 2005 قانون حقوق الإنسان الكورية الشمالية. ورغم مرور ست سنوات، إلا أنه لم يمرر بعد. غير أن الولايات المتحدة مازالت تنافح عن الحقوق الكورية. ففي الثالث عشر من ديسمبر الماضي، وافق مجلس النواب بالإجماع على قرار آخر تقدم به النائب تشارلز رانجل (الديمقراطي عن نيويورك)، وهو محارب قديم شارك في الحرب الكورية وصديق قديم لكوريا الجنوبية، يدعو "الشمال" إلى إعادة جنود ومدنيين كوريين محتجزين منذ حرب 1953-1950. وفي هذا الوقت الذي تبدو فيه إمكانية التغيير في كوريا الشمالية أكبر من أي وقت مضى، فقد حان الأوان لتكثيف الجهود في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وبلدان أخرى، إضافة إلى الأشخاص العاملين في المنظمات غير الحكومية، من أجل إنقاذ المقموعين والفقراء في "الشمال". البعض قد يعتقد أن الدعوات إلى تحسين حقوق الإنسان يمكن أن تصعّد التوتر وتهدد السلام في المنطقة في الأخير، ولكن التاريخ يخبرنا بأنه بدون حقوق الإنسان لا يمكن تحقيق السلام والرخاء الحقيقيين. ثم إن رياح الدمقرطة التي هبت على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام تثبت أن صبر العالم بدأ ينفد مع الحكام المستبدين الذين ينتهكون حقوق الإنسان. ولذلك، فإن كوريا الشمالية أيضاً يجب أن تتغير حتى يستطيع شعبها أخيراً أن ينعم بالحرية والديمقراطية والرخاء الاقتصادي الذي حُرم منه لعقود عديدة. عندما سُجنت لعامين ونصف العام في الثمانينيات بسبب مشاركتي في حركة الديمقراطية والعمل خلال فترة الحكم العسكري الديكتاتوري السوداء في كوريا الجنوبية، كان ما تلقيته من دعم منظمات حقوق الإنسان في الداخل والخارج أكبر مصدر أمل ومواساة بالنسبة لي. ذلك أنه عندما يكون المرء قابعاً في عالم أعتم، فإنه لا شيء أقوى من فكرة أن شخصاً ما يفكر فيك ويدعو لك. وعليه، فيتعين علينا جميعاً أن نوقد نور الأمل لنبدد العتمة التي تغشى كوريا الشمالية. أما إذا لم نفعل ذلك، فماذا سنقول للأشخاص في "الشمال" عندما سيسألون بعد أن يجتمع شملنا: "ماذا فعلتم من أجلنا عندما كنا في حالة يأس؟". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيورج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©