الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

قطاع البحث والتطوير في بريطانيا يفقد جاذبيته

قطاع البحث والتطوير في بريطانيا يفقد جاذبيته
10 سبتمبر 2016 19:55
ترجمة: حسونة الطيب أصبحت المملكة المتحدة بين عشية وضحاها، بيئة غير جاذبة للعلوم وإجراء عمليات البحث والتطوير. وتأثر نحو 371 من الباحثين الأفراد بقرار انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، بما فيهم 41 من الأجانب الذين رفضوا قبول مناصب فيها ونحو 100 آخرين، يفكرون في المغادرة أو غادروا البلاد بالفعل. كما تعطل بفعل ذلك، 40 مشروعاً تابعا لبرنامج هورايزون 2020 البحثي الذي من المخطط أن يستمر 7 سنوات بتمويل من الاتحاد يقدر بنحو 80 مليار يورو. وفي الوقت الذي يتشاءم بعض العلماء بالخروج، يتفاءل البعض الآخر بمستقبل مشرق للعلوم البريطانية خارج مظلة الاتحاد، في ظل الزيادة الكبيرة في التمويل الحكومي وتخفيف النظم المفروضة على البحوث، خاصة في مجال العلوم الحيوية. ويعتبر العنصر المالي من أول المخاوف التي تطل برأسها، خاصة وأن الباحثين البريطانيين أثبتوا نجاحاً كبيراً في جذب قروض الاتحاد الأوروبي، ما يعوض عن التمويل الحكومي الثابت. وتشكل بريطانيا 12% من ميزانية الاتحاد، في حين تتلقى دعماً بنحو 15,5% للعلوم وتحصل على القدر الأكبر من المنح التي يقدمها المجلس الأوروبي للبحوث. ويحرم فقدان عمليات التمويل هذه، علماء المملكة المتحدة من عمليات تمويل تصل إلى مليار يورو سنوياً. كما يتسبب الخروج في إلحاق ضرر كبير بالروح العلمية العالمية، في وقت بات فيه التعاون بين الشعوب أكثر أهمية. وربما تجد الجهود المبذولة لجلب المزيد من الباحثين من آسيا وأفريقيا والأميركيتين، صعوبة كبيرة في تعويض عدد الباحثين من الاتحاد الأوروبي في حال تم فرض قيود على حركة الناس، أو لتقلص تأثير بريطانيا على السياسة العلمية الأوروبية. وتعكس العقبة الاجتماعية والثقافية التي تحول دون توظيف الأجانب في بريطانيا التي كانت تتميز بمجتمع مفتوح للجميع، مفهوم تحول البلاد إلى بيئة عدائية للأجانب. وربما تعرضت سمعة المملكة المتحدة لتشويه بالغ بكافة أنواع كراهية الأجانب التي صاحبت عملية التصويت بالخروج من الاتحاد. وسواء على المستوى الجماعي أو الفردي، عبر المنظمات والحملات، يضغط الباحثون على الحكومة لتقوم بالتنسيق المطلوب للعلوم أثناء محادثات الخروج. وفي غضون ذلك، أبدت الحكومة التزامها العلوم والأبحاث، بما في ذلك حماية التمويل. وتمخض عن أول رد فعل للحكومة، ضمانها لتغطية كافة الالتزامات المالية للبحوث، حتى لو استمرت المشاريع المعنية لفترة ما بعد الخروج من المنظومة. واعترف كارلوس موداس، مفوض الاتحاد الأوروبي للبحوث والعلوم والابتكار، بالمخاوف التي تتعلق بإبعاد بريطانيا من مشاريع الاتحاد الأوروبي وبتلك الخاصة بالباحثين من دول الاتحاد العاملين في مؤسسات بريطانية. ويطالب العلماء أيضاً بضمان بقاء الباحثين لأي وقت، إلى جانب توفر حرية الحركة الأكاديمية بين بريطانيا وبقية دول الاتحاد حتى بعد عملية الخروج، دون الحاجة لإجراءات التأشيرة. ويلتزم الاتحاد الأوروبي دفع معظم تمويل قمر جاليليو الصناعي للملاحة. ومن ضمن المخاوف الأخرى، الآثار التي تنعكس على قطاع البحوث جراء انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، خاصة وأن القطاع يعتمد بشكل كبير على المعدات المستوردة. ومن المرجح أيضاً ارتفاع قيمة رسوم اشتراك بريطانيا في الهيئات العلمية خارج الاتحاد الأوروبي مثل، سيرن المركز المتخصص في الجزيئات الفيزيائية ووكالة الفضاء الأوروبية التي يتم تحديدها بالفرنك السويسري واليورو. وينعكس ذلك سلباً على المملكة المتحدة في توفير الميزانية العلمية الملائمة. ويعتبر تأثير الخروج على سعر الصرف والمنافسة العالمية للأجور البريطانية، واحداً من القضايا التي لم تجد حظها الكافي من النقاش، بيد أنها مهمة للغاية بالنسبة لعمليات التوظيف. ومن المنتظر أن يكون افتتاح معهد فرانسيس كريك، أكبر مركز في أوروبا لبحوث الطب الحيوي، بمثابة الاختبار لقوة جاذبية بريطانيا كوجهة علمية بعد خروجها من الاتحاد. وفي يوليو الماضي، أعلنت جلاكسو سميث كلاين، أكبر شركة للأدوية في المملكة المتحدة، عن تعاون بنحو 540 مليون إسترليني مع ألفابت الشركة الأم لجوجل وذلك في مجال الإلكترونيات الحيوية في مركز ستيفناج للبحوث. ويساور قطاع الفضاء في المملكة المتحدة النصيب الأكبر من القلق. ورغم أن الخروج لا يؤثر مباشرة على عضوية بريطانيا في وكالة الفضاء الأوروبية، المنظمة الدولية المستقلة، لكنها تعمل بشكل لصيق مع الاتحاد الأوروبي، الذي يمول بنسبة كبيرة قمر جاليليو الصناعي للملاحة المشروع الذي تقدر كلفته بنحو 10 مليار يورو، وشبكة كوبرنيكوس لمراقبة الأرض، بنحو 6 مليار يورو. ويقول باتريك وود، العضو المنتدب لشركة سوري لتقنية الأقمار الصناعية التي تعمل في صناعة الأقمار الصناعية الصغيرة:«تتخوف الشركات البريطانية من فقدان مليارات الجنيهات إثر الخروج، حيث تشهد الساحة وجود منافسين شرسين غير بريطانيين». لكن ليس كل خبراء العلوم البريطانيين متشائمين من خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. ويعتقد جون بيل، أستاذ الطب في جامعة أكسفورد، أنه من الممكن لقطاع العلوم في بريطانيا أن يحقق النمو، إذا طرحت الحكومة نظام رقابي جديد أقل حدة، إلى جانب توجيه المساعدات الحكومية للشركات العاملة في مجال العلوم والتقنية وزيادة حجم تمويل البحوث في القطاع الأكاديمي. ويقول:«يمكن لهذا البلد الصغير تحقيق خطوات كبيرة في تحويل العلوم والتقنيات، لنمو اقتصادي قوي. ويمكن أن يفجر النجاح طفرة اقتصادية جديدة». وفيما يختص بإيرلندا، التي تتداخل مع المملكة المتحدة في علومها وفي العديد من الحقول الأخرى، فإن تداعيات الخروج توفر لها فرصة جذب الباحثين الذين يرغبون في مغادرة الجامعات البريطانية. وفي فترة الشح التي أعقبت الأزمة المالية العالمية في 2008، هاجر نحو 10% من أفضل العلماء في إيرلندا، لكن وبعد شد رحال العودة لوطنهم، بدأ الازدهار يعود لقطاع البحث في البلاد وكسب المزيد من الأموال التي يرصدها الاتحاد الأوروبي لتمويل قطاع العلوم. ويرى بروفيسور فيرجسون من شمال إيرلندا والذي قضى معظم حياته العملية في جامعة مانشستر، أنه بريطانيا ربما تفقد 10% من أفضل علمائها بعد تطبيق الخروج من الاتحاد. وبعد عملية التصويت، بدأت مؤسسة العلوم الأيرلندية، التنسيق للمزيد من التعاون مع دور التمويل من المملكة المتحدة، مع الأخذ في الاعتبار عقد لقاءات بحث مشتركة بين الجامعات في كل من المملكة المتحدة وأيرلندا. لكن لم يتحمس بروفيسور فيرجسون لفكرة اللقاءات، مفسراً ذلك بأن الفائدة تصب في مصلحة الجامعة الأقوى التي هي غالباً ما تكون في طرف بريطانيا. لكن مع تحول ميزان القوى في الوقت الراهن ربما يستفيد كلا الطرفين من عملية التحالف التي تساعد على تخريج باحثين مؤهلين للحصول على قروض البحوث المقدمة من الاتحاد من خلال انتمائهم الأيرلندي بعد خروج بريطانيا فعلياً من مظلة الاتحاد الأوروبي. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©