الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كندا والهند: تجديد العلاقات

14 يوليو 2010 22:16
عبدالله عبيد حسن لعله أحد أبرز "المكاسب" والإنجازات التي حققها لكندا رئيس وزرائها الحالي خلال قمة العشرين الأخيرة التي استضافتها بلاده، ذلك التحول الكبير في نظرته وتحركاته السياسية نحو الشرق الأقصى، خاصة الصين والهند وبلدان جنوب آسيا. فتلك المنطقة، إلى جانب أهميتها الاقتصادية، فإن التداخل السكاني فيها، خاصة الجاليات الكندية في آسيا والكنديين من أصول آسيوية، تنتج عن اليوم أكبر كتلة انتخابية في كندا (أكثر من مليون صوت انتخابي). وكانت مشكلة "هاربر" أنه كسياسي كندي لم يكن بعيد النظر في مجال السياسة الدولية. وكان بحكم نشأته السياسية المبكرة وانضمامه لحزب الإصلاح الذي يمثل قمة الجماعات المحافظة اليمينية، قليل الاهتمام بالسياسة الخارجية. وكانت وما تزال قوته السياسية تكمن في أنه سياسي بارع في المناورات السياسية الداخلية. وكان واسع الفهم لقاعدة اليمين الكندي المتمركزة في غرب البلاد وفي أوساط المزارعين... بينما كانت نقطة ضعفه وموضع الهجوم والانتقاد ضده، عندما أصبح رئيساً للوزراء، محدودية خبرته في مجال السياسة الخارجية. وتمثل الهند بحجمها الجغرافي والسكاني أحد أكبر المنافذ الاقتصادية والبشرية لكندا... وينظر إلى الهند اليوم، ومعها الصين الشعبية، باعتبارهما القوتين العالميتين الأكثر براعة. وكانت العلاقات التجارية بين الهند وكندا تتطور وتتقدم إلى أن وقعت حادثة طائرة "إيرانديا" الشهيرة التي تحركت من كالجري (كندا) في طريقها نحو الهند وانفجرت فوق البحر في إيرلندا وكانت تحمل أكثر من أربعمائة مواطن كندي هندي. وكان الحادث كما ثبت في التحقيقات الجنائية من تدبير الجماعة السيخية المتطرفة. وسواء أكان بطء النظام العدلي الكندي هو السبب في استمرار القضية بين المحاكم منذ عام 1985 (تاريخ وقوع الكارثة)، أو ضعف أداء ممثلي الادعاء، فإن الهند أخذت على حكومات كندا أنها لم تبد الاهتمام اللائق بحجم الكارثة. بل إن أهالي الضحايا قالوا علناً: لو أنهم كنديون بيض لما كان الأمر كذلك. الحادثة الثانية أن حكومة كندية محافظة برئاسة السياسي المحافظ "مارلوني"، وتمشياً مع السياسة الأميركية، فرضت حظراً على تصدير المواد النووية من كندا إلى الهند ولو للاستعمال السلمي. فقد كانت كندا أحد أهم مصدري المواد النووية للهند، لذلك تضررت الأخيرة من قرار الحظر، وتأثر حجم التبادل التجاري بين البلدين. لكن جاء "الفرج" عندما قرر الرئيس الأميركي بوش الابن، وفي زيارة مفاجئة للهند، أن يرفع الحظر عنها ويسمح للشركات الأميركية بتصدير المواد اللازمة للصناعات النووية السلمية! انتهز رئيس الوزراء الكندي فرصة انعقاد قمة العشرين في بلده ووجه دعوة رسمية لنظيره الهندي السيد "سينج"، وهو أول سيخي يصل إلى سدة الحكم في الهند. بعد انفضاض القمة بدأت زيارة الزعيم الهندي باجتماع مغلق بينما قيل إنه وجه اللوم الرسمي للحكومة الكندية على تعاملها اللين مع المتطرفين السيخ، مما يهدد أمن وسلامة الهند وكندا معاً. وذهب "سينج" إلى النصب التذكاري الذي أقامه الكنديون الهنود لضحايا حادثة طائرة "إيرانديا". وأقام له "هاربر" حفلاً حاشداً جمع له مئات من النواب ووجوه الجالية الهندية، وضمنهم 27 برلمانياً من أصل هندي في مختلف الهيئات البرلمانية (منهم 22 سيخياً). ثم جاءت ساعة العمل، ووقع الزعيمان الاتفاق التجاري الذي يشمل تصدير المواد النووية للأغراض السلمية. كما وقعا اتفاقات علمية وتقنية وصحية. وأعلن هاربر أنه طوى صفحة من برود العلاقات بين البلدين في يومين، وأن العلاقات الهندية الكندية عادت إلى طبيعتها. وحصلت خطته لمعالجة الديون الوطنية، في القمة، على ثناء الرئيس الهندي، وهو الخبير الاقتصادي العالمي المشهود له بالكفاءة. وأعلن هاربر أن كندا تتطلع لرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ضعف حجمه الحالي، وهو خمسة مليارات دولار، خلال السنوات الأربع القادمة. وسيستطيع رئيس الوزراء الكندي عندما تحين ساعة الحساب حول تكلفة القمة الأخيرة، أن يقول إنها لم تكن خسارة بالنظر إلى ما تحقق فقط في العلاقات التجارية مع الهند والصين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©