الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد قجة يتتبع العقلانية في الفكر الإسلامي

محمد قجة يتتبع العقلانية في الفكر الإسلامي
15 مايو 2014 00:49
فاطمة عطفة (أبوظبي) استضاف مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام مساء أمس الأول، الباحث في الحضارات والتراث العربي الإسلامي الدكتور محمد قجة الذي قدم محاضرة بعنوان: «العقلانية في الفلسفة الإسلامية». وتناول المحاضر محاور عدة دارت حول العقلانية ومفهومها في القرآن الكريم والحديث الشريف، والفرق بينها وبين الفكر الإغريقي واللاهوت المسيحي، كما تضمنت المحاور عددا من ملامح العقلانية في الإسلام قديماً وحديثاً، وصولاً إلى الآراء المعاصرة فيها وفي مفهوم الوسطية في الفكر الإسلامي، ومؤكداً الحاجة إلى قراءة عقلانية لتراثنا الحضاري وقيمه الإنسانية. مفهوم العقلانية قدم المحاضر عبدالرحيم آيت علا، بلمحة من سيرته الذاتية. وبعد ذلك استهل المحاضر حديثه شارحاً مفهوم العقلانية منطلقاً من الدلالة اللغوية وصولاً إلى دلالتها الاصطلاحية. ثم تناول أهم الفلاسفة المسلمين، معتبراً أن الكندي مفكر عربي صميم، وهو من أوائل من حمل العقلانية في الفكر الإسلامي، وذلك في القرن الهجري الثالث، مشيراً إلى أن «رسالته إلى المعتصم بالله تلخص آراء هذا المفكر الإسلامي الرائد». وأوضح أن ذلك رافق رسو علم الكلام وظهور المعتزلة الذين أرادوا تحكيم العقل في الوصول إلى القناعة الإيمانية، وقد انقسموا إلى فرقتين: «جماعة البصرة الذين اتبعوا المنهجية الإسلامية في الفلسفة، وجماعة بغداد الذين كانوا أكثر تأثراً بالفكر الإغريقي». ثم انتقل المحاضر إلى مفهوم العقلانية في القرآن الكريم مستشهداً بعدد من الآيات الكريمة والحديث الشريف. كما ضرب العديد من الأمثلة على أن التسامح كان سمة الحضارة العربية الإسلامية، سواء في المشرق أو المغرب والأندلس، بينما كانت محاكم التفتيش في أوربا تحاكم العلماء وحكم عليهم بالإعدام، كما كان قبول الآخر والاعتراف به واحترامه سائداً. وأوضح المحاضر أن المؤرخين يتفقون على أن الفتوحات الإسلامية لم تقم بإجبار أحد على تغيير دينه سواء في الأندلس أو في غيرها وهذا ما جعل غوستاف لوبون يقول: «ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب». وتطرق إلى مسألة العقل والنقل في الفكر العربي الإسلامي، موضحاً أن المسلمين اتفقوا على أولوية القرآن الكريم مصدرا للفقه، كما أولوا عناية كبيرة للحديث الشريف، سواء في علم السند أو علم المتن، مشيراً إلى نشأة الاجتهاد في المذاهب الفقهية التي اتفقت على الثوابت والأسس، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، حيث نشأت تيارات فكرية كالأشعرية، والمعتزلة، وصولاً إلى أبي حامد الغزالي وكتابه «إحياء علوم الدين». وقد أكد المحاضر أن التباين بين الفقهاء اعتمد على التساهل واليسر، وليس على العداوة والعنف؛ لأن العقلانية الإسلامية بقيت على صلة بقضايا الإنسان والقيم الإنسانية ولم تكن أسيرة الأطر الميثولوجية والجدل البيزنطي والترف في الحوار، وأكد المحاضر قجة أن الفكر العقلاني الإسلامي يرمي إلى خير الإنسان ومصلحته المشتركة. الباحث محمد قجة عالم متبحر في تراث الأمة ولا يمكن أن نلم إلا بجزء قليل من محاضرته، لذلك نختتم بالإشارة إلى أهم النماذج التي تحدث عنها في الفلسفة العقلية الإسلامية، وهي: «أولا، تيار يقول بنبذ الفلسفة، والاعتماد على النقل، وضرب مثلا بالإمام (ابن حنبل). ثانياً، تيار آثر العقل بديلاً عن النقل. ثالثا، تيار يوفق بين التيارين السابقين، وهذا يقول لا تعارض بين العقل والنقل». وأشار قجة إلى بيت الحكمة في عهد المأمون وفند الرأي القائل أن الفضل يعود إلى المترجمين السريان في ذلك العهد، وضرب مثلاً بالعالم المصري أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل، موضحاً أن وجوده في بيئة علمية هي التي أوصلته إلى هذه المكانة، وهذا يؤكد أن البيئة العلمية التي أوجدها الرشيد ومن بعده المأمون هي المنطلق والأساس لبناء الحضارة العربية الإسلامية. مداخلات وأثرت أسئلة الحضور المحاضرة وكانت بمعظمها حول الفقه ودوره في حل المشكلات الراهنة، حيث رد المحاضر على كل الأسئلة مؤكداً أن هناك ثوابت لا تتغير، لكن يجب على كل الشعوب أن تحتكم لتراثها وتتخذ نهج العقلانية لحل مشكلاتها. وعن أي المذاهب نحتكم، قال: «لا نتبع أي مذهب؛ لأن الإسلام أكبر من المذاهب بكثير، الإسلام ليس فيه واسطة من رجال دين؛ لأن صلة الشخص بربه هي الأصل وعمله لخير الآخرين». وعن ابتعادنا في العصر الحديث عن دراسة الفلسفة وتأثيراتها على بقية العلوم أكد قجة أن «قضية الفلسفة مهمة جداً، ونحن بحاجة إلى العلوم البحثية والتطبيقية»، مؤكداً أهمية العلوم الإنسانية «لأن ابتعادنا عن الاهتمام بها أدى إلى تراجع لغتنا». وقد أوضح أن العلوم هي الأساس كالفلسفة والقانون والتاريخ والجغرافيا «يجب أن تدرس باللغة الوطنية، والتعليم فيه ثلاث لغات: اللغة الأم، الثانية لغة التعليم وهي الوطنية، والثالثة اللغات الأخرى التي يمكن أن يدرسها الشخص، لكن يجب تدريس العلوم باللغة الوطنية كما فعلت بقية الدول مثل اليابان والصين والهند وغيرهم». وفي ختام المحاضرة قام منصور سعيد المنصوري، مدير إدارة الشؤون الثقافية، بتكريم المحاضر الضيف مقدماً له شعار المركز.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©