الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

مدرب الأبطال ينجح بحكمة «لا يجب العبث بتركيبة رابحة»

مدرب الأبطال ينجح بحكمة «لا يجب العبث بتركيبة رابحة»
12 يوليو 2010 23:10
دخل المدرب الفذ فيسنتي دل بوسكي تاريخ بلاده من الباب العريض بعدما قاد منتخب بلاده إلى لقب بطل كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه وذلك إثر فوز “لا فوريا روخا” على نظيره الهولندي 1- صفر بعد التمديد أمس الأول على ملعب “سوكر سيتي” في جوهانسبرج في المباراة النهائية لمونديال جنوب أفريقيا 2010 . وارتقى دل بوسكي بامتياز إلى مستوى المسؤولية التي ألقيت على عاتقه بعد خلافة لويس أراجونيس الذي قاد المنتخب إلى لقبه الأول منذ 1964 بعدما توج بطلاً لكأس أوروبا 2008 على حساب نظيره الألماني (1- صفر)، وأصبح الرجل “الخالد” في أذهان شعب بأكمله. نجح رهان الاتحاد الإسباني على ابن سلمنقة المولود عام 1950 وتربع “لا فوريا روخا” على العرش العالمي وانضم إلى النادي الحصري للأبطال، رافعاً عدد المنتخبات التي حملت الكأس المرموقة إلى ثمانية. ونجح الرجل الهادىء الذي يعمل تحت الرادار ودون الضجة الإعلامية التي تحيط بالمدربين الآخرين مثل في ريال مدريد حالياً البرتغالي جوزيه مورينيو أو نظيريه الأرجنتيني دييجو مارادونا والفرنسي ريمون دومينيك، في أن يجعل منتخب بلاده ثاني بلد فقط يتوج باللقب الأوروبي ثم يضيفه إليه اللقب العالمي بعد عامين، وكان سبقه إلى ذلك منتخب ألمانيا الغربية (كأس أوروبا 1972 وكأس العالم 1974). يعد دل بوسكي شخصية فريدة من نوعها، وبينما اشتهر معظم أفراد أسرته في العمل في مجال السكك الحديدية، اختار شخصياً أن يخوض مغامرة مهنية مختلفة عن باقي أقربائه، مفضلاً الاستجابة لرغباته الكروية ومواصلة مسيرته في عالم الساحرة المستديرة. من المؤكد أن دل بوسكي دخل إلى العرس العالمي الأول على الأراضي الأفريقية وهو يملك الأسلحة اللازمة التي مكنته من تحقيق آمال الشعب الإسباني بالصعود إلى منصة التتويج لأن “لا فوريا روخا” تميز بلعبه الجماعي الرائع والقدرات الفنية المذهلة للاعبيه، وهو تحدث عن فلسفته قائلاً: “إن كرة القدم رياضة جماعية بامتياز، لكنك تحتاج للفرديات أحياناً من أجل صنع الفارق واختراق الدفاعات، نحن نملك مهارات فردية متميزة في كل خطوطنا، بدءاً بالحارس ومروراً بالوسط وانتهاء بالهجوم، إذ تضم صفوفنا لاعبين مهاريين بارزين”. سيبقى دل بوسكي دائماً في الأذهان بأنه المدرب الذي نجح في فك عقدة بلد بأكمله في العرس الكروي العالمي ونجح في قيادة “لا فوريا” روخا إلى أبعد ما نجح فيه أي من المدربين الـ49 الذين تناوبوا على رأس الهرم الفني للمنتخب الوطني. منذ أن تسلم مهامه مع المنتخب بعد كأس أوروبا مباشرة، نجح دل بوسكي في قيادة منتخب بلاده لمواصلة عروضه الرائعة ومسلسل نتائجه المميزة، ولم يلق أبطال أوروبا طعم الهزيمة بقيادته سوى مرتين فقط، الأولى على يد الولايات المتحدة في نصف نهائي كأس القارات العام الماضي (صفر-2) عندما وضع منتخب “بلاد العم السام” حينها حداً لمسلسل انتصارات بطل أوروبا عند 15 على التوالي (رقم قياسي جديد) والحق به هزيمته الأولى منذ سقوطه أمام رومانيا صفر-1 في نوفمبر عام 2006 فحرمه من تحطيم الرقم القياسي من حيث عدد المباريات المتتالية دون هزيمة، ليبقى شريكاً للمنتخب البرازيلي في هذا الرقم (35 مباراة دون هزيمة)، علما بأن الأخير سجله بين عامي 1993 و1996 . أما الثانية فكانت في مستهل المشوار المونديالي على يد سويسرا التي سجلت مفاجأة مدوية بإسقاطها المنتخب الإسباني الذي استعاد توازنه بعدها وواصل زحفه حتى بلغ نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1950 متخلصاً في طريقه من البرتغال والباراجواي قبل أن يجدد الموعد مع ألمانيا في نصف النهائي فتغلب عليها مجدداً وبالنتيجة ذاتها التي فاز بها في نهائي كأس أوروبا. ودخل دل بوسكي ومنتخبه نهائيات جنوب أفريقيا وفي جعبتهما 11 انتصاراً متتالياً و24 من أصل المباريات الـ25 الأخيرة، ما جعلهم المنتخب الأوفر حظا للفوز باللقب العالمي للمرة الأولى وهو ما زاد الضغط على لاعب وسط ريال مدريد وكاستيلون سابقاً، إلا أنه كان على قدر المسؤولية رغم البداية المتعثرة ودخل التاريخ. أثبت دل بوسكي انه يجيد التعامل مع الضغوط خصوصاً أنه أشرف على أشهر وأنجح فريق في العالم وهو ريال مدريد من 1999 حتى 2003 فائزاً معه بلقب الدوري عامي 2001 و2003 ودوري أبطال أوروبا عامي 2000 و2002 قبل أن يقال من منصبه عام 2003 من قبل رئيس النادي فلورنتينو بيريز. طرق الاتحاد الإسباني باب دل بوسكي بعد كأس أوروبا 2008 ليخلف أراجونيس، فلبى ابن سلمنقة النداء الوطني ونجح في قيادة بلاده إلى نهائيات جنوب افريقيا بطريقة رائعة لأن “لا فوريا روخا” حصد النقاط الكاملة في مجموعته الأوروبية الخامسة، متفوقاً بفارق 8 نقاط عن البوسنة الثانية. من المؤكد أن دل بوسكي لم يخيب ظن الشعب الإسباني بأكمله بل أنه أوجد جواً توحيدياً في البلاد لدرجة أن مقاطعة كاتالونيا التي تطالب باستقلالها رفعت العلم الإسباني إلى جانب الكاتالوني في خطوة نادرة. ولم يدخل دل بوسكي الكثير من التعديلات على طريقة لعب المنتخب والأسلوب الذي طبقه سلفه أراجونيس رغم الاختلاف الجذري بين المدربين على الصعيدين الشخصي والإداري، وخلافاً لأراجونيس الذي عرف عنه طابعه الحاد ومواقفه المثيرة للجدل في بعض الأحيان، ادخل دل بوسكي الهدوء والتحفظ والصبر إلى منصب المدرب، إضافة إلى التواضع. ويعتبر دل بوسكي نموذجاً للمدربين الهادئين الذين بإمكانهم المحافظة على رباطة جأشهم في الأوقات الحرجة ويتمتع أيضا بطبيعته المسالمة وبمقارباته المدروسة بالإضافة إلى قدرته على التعامل مع فرق تعج بالنجوم الكبار وهو ما سهل استلامه السلس لرئاسة الإدارة الفنية المنتخب دون إهمال واقع أنه يعمل دائماً للمحافظة على وحدة وأداء لاعبيه الموهوبين. والتزم دل بوسكي بالحكمة التي تقول إنه “لا يجب العبث بتركيبة رابحة” واتخذها كمبدأ له منذ أن استلم مهامه مع المنتخب.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©