الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حنه تاه بين المضمون الروائي والشكل التسجيلي!

حنه تاه بين المضمون الروائي والشكل التسجيلي!
16 أكتوبر 2008 01:00
عبّر عدد كبير من الفنانين والسينمائيين الإماراتيين عن صدمتهم وخيبة أملهم فور انتهائهم من مشاهدة فيلم حنه للمخرج الإماراتي صالح كرامة، وكانت ملامح الانكسار والإحباط واضحة عليهم بعد خروجهم من قاعة المؤتمرات الكبرى بقصر الإمارات والتي احتضنت عرض الفيلم، ورغم الآمال المبشرة التي وفرتها الحملة الدعائية المسبقة للفيلم، ورغم اعتلاء صالح كرامة خشبة القاعة قبل العرض، وإعلانه الصارخ والمنتشي بأن الفيلم هو أول عمل إماراتي يشارك بمهرجان سينمائي عالمي، إلا أن ذلك لم يشفع له بعد انتهاء عرض الفيلم، حيث لاحظنا غضب واستياء الحضور من غياب التقاليد القياسية للفيلم الروائي الطويل عن حنه ، كما لاحظ الجميع تفكك مفاصل العمل وتشتته بين فضاءات الفيلم التسجيلي والروائي دون أن يظفر بأحدهما من خلال بنية فنية متماسكة يمكن الرهان عليها، والإشارة إليها بثقة ووضوح· التحقيق التالي يعرج على بعض الآراء والملاحظات حول تفاصيل وحيثيات الفيلم· يقول المخرج الإماراتي عبدالله حسن أحمد: ''كنت أعتقد أثناء التحضير لفيلم ''حنه'' في إمارة رأس الخيمة، وقبل أن أشعر من الآن بأنه فيلم منتمي لفئة الأفلام التسجيلية، ولكنني فوجئت قبل انطلاق مهرجان الشرق الأوسط باختياره في المسابقة الرسمية كفيلم روائي طويل، وهذا ما أدهشني كثيرا، والآن بعد انتهائي من مشاهدة العمل، تيقنت بأن تغييرا ما أصاب الفيلم من أجل إقحامه في فئة الفيلم الروائي الطويل، وبالتالي فإن تصنيفه بات أقرب إلى (الدوكيودراما) الذي يجمع بين الفئتين، وكان الأجدر بصالح كرامة أن يميل لهذا التصنيف الجامع بين الوثائقي والدرامي، أما أن يكون الفيلم روائيا صرفا فهذا يعني وجود إشكالية كبرى في فهم صالح كرامة وفي فهم لجنة الاختيار لمعنى ومضامين وشروط الفيلم الروائي الطويل''· ويقول الفنان الإماراتي عبدالله الرمسي: ''الفيلم سبقته هالة إعلامية كبيرة، ولكن نتائج المشاهدة كانت مخيبة لآمالنا، ونحن نحترم ونقدر الجهد المبذول في الفيلم، ونقدر النوايا الحسنة لصالح كرامة، ولكن النوايا الحسنة لوحدها لا تكفي هنا، وكان الأجدر به أن يستعين بممثلين محترفين، بحيث يظل حضور الممثلين العفويين والفطريين الذين استعان بهم محصورا في المجاميع أو الكومبارس، لأن أداء الممثلين في الفيلم كان باهتا وينقصه الكثير من التكنيك الأدائي القوي الذي يصنع فيلما روائيا ناضجا ومتماسكا، ومن الملاحظات الأخرى غياب الموسيقا التصويرية تماما عن الفيلم، مما أثر على إيقاعه النفسي والجمالي''· أما السيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد فيقول: ''توقعت مشاهدة فيلم روائي طويل ومتكامل، ولكن ما شاهدته هو مجرد توثيق بصري لطبيعة الحياة الإماراتية في بيئتي البحر والصحراء، وكان واضحا غياب اللمسة الفنية والدرامية عن البنية العامة للفيلم، ولم تكن هناك خيوط واضحة تقود المشاهد لعوالم وتقاليد الفيلم الروائي، ورغم جماليات الصورة في الفيلم والإلتقاطات الموفقة لتفاصيل الحياة القديمة، إلا أن المحتوى الدرامي كان غائبا، وكان السيناريو مفككا وتائها ولم يستثمر أية حبكة درامية يمكن أن تثير المشاهد وتجذبه إلى الخط السردي والروائي في الفيلم''· ويضيف محمد: ''إن إعلان صالح كرامة على خشبة القاعة وقبل عرض الفيلم بأن فيلم ''حنه'' هو أول عمل إماراتي يشارك في مهرجان عالمي فيه مغالطة كبيرة، فهناك أفلام إماراتية كثيرة سبقته في هذه المشاركة مثل الفيلم الروائي الطويل ''عابر سبيل'' للإماراتي علي العبدول الذي شارك في مهرجان موسكو قبل أكثر من عشرين عاما، وهناك أفلام قصيرة كثيرة شاركت في مهرجانات دولية وعالمية، ويبدو أن صالح كرامة لا يتابع أخبار السينما المحلية، ولا يحيط بانجازاتها في ما يتعلق بالفيلم التسجيلي والروائي القصير''· ويقول المخرج والكاتب أحمد عرشي: ''عانى الفيلم كثيرا من غياب الرؤية الواضحة لهويته الفنية، وكان هناك نقص واضح في المقومات التقنية، والمؤثرات المرئية، وكانت الكاميرا ثابتة في معظم المشاهد، وهناك إشكالية في تنظيم حوارات الممثلين والتحكم فيها، حيث سمعنا الحوار متداخلا ومتضاربا، بحيث اضطررنا لمتابعة الترجمة الإنجليزية، لمعرفة ما يدور في الفيلم، وحتى الترجمة ذاتها كانت تعاني من نقص الوعي بمفردات اللهجة الإماراتية''· ويرى المخرج أحمد زين أن الهوية الفنية كانت غائبة تماما عن الفيلم، والمستوى الإخراجي كان ضعيفا تماما فلم تصل رسالة الفيلم للمشاهد بوضوح، ولم يتم استثمار أحداث الفيلم للتواصل مع لعبة التشويق الدرامي وجذب المشاهد إلى أجواء العمل· واستغرب أحمد زين من عنوان الفيلم ''حنه'' الذي مثلته الفتاة الصغيرة حيث لم يكن تأثيرها الدرامي والقصصي واضحا في الفيلم، ولم يتم التعامل معها كمحور رئيسي لقصة الفيلم، ويستغرب أحمد زين من تصريح صالح كرامة على الخشبة حيث وصف فيلمه بأنه عالمي واستثنائي، وفي نهاية عرض الفيلم لم نستدل على جزء ولو بسيط من المديح الذاتي الكبير والمتضخم الذي أسبغه كرامة على فيلمه! وأخيرا يقول المخرج نواف الجناحي: ''فيلم ''حنه'' تاه بين الشكل التسجيلي والمضمون الروائي، وبالتالي فإن ملامحه الفنية والموضوعية غائبة تماما، وكان هناك نوع من المط والتطويل في المشاهد لمجرد مضاعفة زمن الفيلم، وكانت الخمس دقائق الأخيرة هي من أكثر لحظات الفيلم توفيقا، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ما سبق هذه الخمس دقائق هو مجرد استعراض بصري وتمهيدي لا أكثر، ورغم أن الميزانية المخصصة للفيلم كانت كبيرة، إلا أن هذا الدعم لم نجد له أثرا واضحا في تقنيات وتفاصيل وحكاية الفيلم، ومن المفروض من الفيلم الروائي الطويل أن يستقطب انتباه وتعاطف المشاهد خلال العشر دقائق الأولى، وهذا ما لم يستطع أن يحققه فيلم حنه لأنه خلا تماما من العمود الفقري للشكل الروائي، وخلا أيضا من استثمار الحبكة أو خاصية (الصراع) في العمل الدرامي''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©