الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشراكة الأميركية -الباكستانية... أولويات غير متطابقة

الشراكة الأميركية -الباكستانية... أولويات غير متطابقة
29 ديسمبر 2009 23:52
اعتبر أوباما في خطابه للأول من ديسمبر الشراكة مع باكستان، وعن حق، مرتكزاً بالغ الأهمية بالنسبة للسياسة الأميركية تجاه أفغانستان؛ ولكن الحفاظ على هذه الشراكة، سيشكل ربما أكبر التحديات التي سيواجهها. ومعلوم أن مكمن الضعف في تحالفاتنا السابقة مع باكستان هو عدم استعداد البلدين لمواجهة التفاوت والتباين في أهدافهما، ولكن في هذه المرة علينا أن نكون واضحين بشأن أين تتقاطع أهدافنا وأين تفترق، وما نحن مستعدون لفعله بخصوصها. عندما انضمت باكستان إلى الحملة التي قادتها الولايات المتحدة ضد الإرهاب في الأيام الصعبة التي تلت الحادي عشر من سبتمبر، كانت للشريكين، وكما في الماضي، أهداف مشتركة - ولكن جزئيا فقط. فباكستان، وعلى غرار الولايات المتحدة، كانت تنظر إلى "القاعدة" باعتبارها خطراً على العالم، ولكن أهدافها الأخرى لم تكن متقاسَمة مع الولايات المتحدة. ومثلما حدث حينما تعاونت مع الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، كانت تأمل إسلام آباد أن تقوي وتعزز منافستها ونديتها للهند من خلال القوة الأميركية، حيث كانت تريد تعزيز نفوذها في أفغانستان وإنهاء نفوذ الهند فيه. وكانت هذه الأهداف أهم بالنسبة لباكستان من الهدف الأميركي المتمثل في القضاء على نظام "طالبان" وحظر نشاط المجموعات المتطرفة. وقد أبرز انهيار حكومة "طالبان" في أفغانستان أواخر 2001 الفرق، فبالنسبة للولايات المتحدة، شكل ذلك أول نجاح كبير للحرب على الإرهاب؛ أما بالنسبة لباكستان، فقد بدا ذلك ككارثة استراتيجية، وذلك على اعتبار أن باكستان كانت بصدد خسارة حليف محرج ولكنه مطيع، وأن كابول ستصبح خاضعة لحكومة توصف بأنها صديقة للهند. ومع مطلع 2007، كان الافتراق بين أهداف البلدين واضحاً وجلياً، حين هددت "طالبان" التي أعادت تنظيم صفوفها قوات "الناتو" وحكومة كرزاي، وعبّر المسؤولون الأميركيون عن قلقهم بشأن الدعم الذي تتلقاه من أجهزة الاستخبارات الباكستانية. والواقع أن السياسة الرسمية لباكستان اختارت تقوية الحكومة الأفغانية ومساعدتها؛ غير أنه نظراً لانخفاض سقف توقعاتهم بشأن موقف الرئيس الأفغاني من باكستان وقدرات حكومته، فإنه كانت لدى صناع القرار الباكستانيين دوافع قوية للحفاظ على علاقاتهم مع المجموعة التي ساعدوا على تنصيبها في كابول في منتصف التسعينيات. ولأن البلدان تدافع عن مصالحها أولًا قبل أن تلتفت إلى مصالح أصدقائها، فإنه من غير الواقعي أن يتوقع المرء أن تكون أهداف باكستان منسجمة تماماً مع أهداف الولايات المتحدة. ولكن ومع ذلك، فإن سجل إسلام آباد خلال هذا العام يبعث على الأمل. ذلك أن إسلام آباد أرسلت الجيش للقضاء على متمردي "طالبان" الداخليين في كل من "المناطق المستقرة" لباكستان مثل وادي سوات، والمناطق القبلية غير الخاضعة لسلطة الحكومة على طول الحدود الباكستانية- الأفغانية مثل جنوب وزيرستان. كما أن اعترافها بأن حملة الجيش هناك ستكون طويلة المدى وبالغة الأهمية بالنسبة للدولة إنما هو مؤشر على أن ثمة قدراً أكبر من التوافق والانسجام بين التصورين الأميركي والباكستاني لتهديد الإرهاب مقارنة مع ما كان يتوقعه كثير من الباكستانيين من قبل، وهذا ما يمثل "نافذة الأمل"، التي يشير إليها مسؤولو إدارة أوباما، ولكن ذلك لا يعني أن الأولويات الأميركية والباكستانية متطابقة بالكامل. وعليه، فإذا كنا نريد بناء شراكة حقيقية، فعلينا أولًا أن نعترف بإمكاناتها وقصورها. فباكستان لديها تاريخ طويل من التلاعب بحليفها الأميركي عبر حساب الحد الأدنى من العمل الضروري للتقليل من قلق واشنطن؛ ولهذا، يتعين على إدارة أوباما أن تكون واضحة بشأن "ثمن قبولها" شراكة طويلة المدى مع باكستان. وقد أشار خطاب أوباما إلى شرطين أساسيين هما: محاربة معاقل "طالبان" أفغانستان في إقليم بلوشستان، ووقف نشاط المتطرفين في أجزاء أخرى من باكستان مثل "لشكر طيبة". والواقع أن لا شيء من ذلك يمكن تحقيقه مرة واحدة، إلا أنه إذا لم تشر التحليلات إلى أن باكستان تحرز تقدما على الصعيدين، فإنه لن تكون لدى الولايات المتحدة شراكة كافية تعينها في حقول الألغام الأفغانية. لقد أوهم الأميركيون أنفسهم من قبل، واليوم عليهم ألا يفعلوا ذلك مجدداً. ولكن، بماذا على الولايات المتحدة أن تساهم في هذه الشراكة؟ المفتاح هو الصمود والقدرة على التحمل. فالباكستانيون يعتبرون الولايات المتحدة شريكاً لا يمكن الاعتماد عليه، استغل باكستان حين كان في حاجة إليها وتخلى عنها حين انتهت حاجته منها. والواقع أن انسحاب الجنود الأميركيين من أفغانستان في 2011 يمكن أن يعزز هذا الانطباع. ومن أجل تصحيحه، عرضنا منذ فترة مساعدات طويلة المدى على باكستان؛ واليوم علينا أن نعززها بدعم حقيقي لأمن باكستان الداخلي – بناء القدرات، والتمويل، والاعتراف بالتحديات التي تواجهها باكستان. وأخيرا، ودائما وشريطة أن نكون على الطريق نحو أهدافنا الرئيسية، علينا أن نجد فرصة للحصول على "مصادقة" الكونجرس، الذي يعتبره الباكستانيون "المعيار الأساسي" بخصوص جدية الولايات المتحدة، على العلاقات الأميركية- الباكستانية. فهذا هو المهم بالنسبة لشراكة جادة وطويلة المدى. ستظل باكستان تعتبر الهند مصدر التهديد الرئيسي لها، وستظل تستهلك حصة الأسد من مواردها الدفاعية. وسيكون للولايات المتحدة أيضاً مصالح كبيرة في شراكتها مع الهند، حيث ستعمل مع سلطة الهند المتنامية في المحيط الهندي ودورها الصاعد في شرق آسيا. ولكن إذا استطاعت باكستان الكف عن توفير المجال لنشاط المنظمات الإرهابية، علما بأن الولايات المتحدة عاقدة العزم على مواصلة هذا الجهد طالما أنها تحرز تقدماً حقيقياً، فإننا نستطيع أن نعمل معا رغم اختلاف الأهداف في مناحٍ آخر. وفي أثناء ذلك، سنكون قد قمنا بخطوة كبيرة في اتجاه الأمن والاستقرار الإقليميين. مديرة برنامج جنوب آسيا بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©