السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدور الصيني في الشرق الأوسط

30 ابريل 2013 22:44
ديفيد شنكر مدير برنامج السياسة العربية بـ«معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» كانت الإجراءات الأمنية في «المدينة المحرمة» في الجهة الأخرى من الشارع قبالة «قاعة الشعب الكبرى» مشددة الشهر الماضي، عندما تم تنصيب «لي كيكيانج» رئيساً للحكومة الصينية. ولكن الحرس لم يكونوا مسلحين بأسلحة أوتوماتيكية، بل كانوا بطفايات حريق لمنع محتجين من الإقدام على إضرام النار في أنفسهم. فالصين هذه الأيام قلقة بشأن الاستقرار الداخلي، ولكن رغم هذا الانشغال، فإن شهيتها المتزايدة لنفط الخليج العربي تثير اهتماماً صينياً غير مسبوق بالشرق الأوسط، ولاسيما بعد تركيز واشنطن الجديد على آسيا، وتراجع الاعتماد الأميركي على نفط الخليج العربي. وخلال زيارة «لي» إلى الصين، أمضيتُ أسبوعاً في الحديث مع محللين حول «الربيع العربي»، وتغير الدينامية الاستراتيجية في الشرق الأوسط. وفي نقاشات صريحة على نحو مفاجئ، وصف خبراء صينيون متخصصون في تلك المنطقة - والكثير منهم يتحدث العربية جيداً - رؤية تتطور للانخراط الصيني في جزء مضطرب من العالم لطالما تجنبته الدولة. الصين تستورد قرابة 55 في المئة من نفطها من الخليج العربي، ولطالما استفادت من المظلة الأمنية الأميركية هناك. وقد ذهب أحد المحللين الصينيين إلى حد وصف وجود حاملة الطائرات الأميركية الطويل هناك كـ«مصلحة عامة». غير أن الصين تبدو قلقة هذه الأيام بشأن ما يعنيه تعهد إدارة أوباما بتقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط بالنسبة للأمن الإقليمي وأمن الطاقة. كما يشعر الصينيون بالقلق بشأن تأثير تصاعد الحركات الإسلامية على مسلمي البلاد في إقليم شينجيانج الغربي الغني بالغاز. الخبراء الصينيون يعترفون بأن الجيش الصيني ليس مستعداً بعد للعب دور أمني في الشرق الأوسط. وتكفي الإشارة هنا إلى أن أول مهمة للبحرية الصينية خارج آسيا -ثلاث سفن لمحاربة القرصنة في خليج عدن- تمت قبل أقل من خمس سنوات، وكانت منهكة، على ما قيل. والواقع أنه حتى إذا كان الجيش الصيني قادراً على إرسال جنود إلى المنطقة، فإن واشنطن ما كانت لترغب في «إفساح الطريق»، للصين في الخليج، كما أُخبرت. ولكن الصينيين الذين تحدثت معهم أقروا على مضض بأن الجمهورية الشعبية ستضطر في النهاية للشروع في لعب دور أكبر في الشرق الأوسط. ومثلما قال لي أحد الخبراء، فإن «الصين دولة قوية ولكنها لا تتصرف على ذلك النحو». ولئن كانت الصين، لن تسهم بطريقة مهمة في أمن المنطقة قريباً، فإنها تعمل على زيادة وجودها هناك، ويشمل ذلك المساهمة بجنود لحفظ السلام ضمن قوات الأمم المتحدة في السودان ولبنان. كما أنها أخذت تضع الأسس لوجود عسكري إقليمي أكثر قوة، حيث أنشأت ما تسميه شبكة عقد اللؤلؤ التي تضم قواعد بحرية تمتد من آسيا إلى الخليج العربي. وإضافة إلى ذلك، تقوم بكين بتعزيز حضورها في المنطقة بطرق أخرى، ففي 2009، عينت بكين أول مبعوث خاص لها إلى الشرق الأوسط، ومنذ 2011، استعملت الصين حق «الفيتو» ضد ثلاثة قرارات في مجلس الأمن الدولي تندد بالنظام السوري. وبالمثل، فرغم استثماراتها المهمة في قطاع الطاقة الإيراني، فإن الصين احترمت حتى الآن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد طهران بهدف ثني الجمهورية الإسلامية عن تطوير سلاح نووي. كما تقوم بكين باستعراض للقوة الناعمة في الشرق الأوسط، حيث تسعى لزيادة التجارة والاستثمارات، ولاسيما في قطاع الطاقة. فحالياً، تتفاوض الصين ودول مجلس التعاون الخليجي حول اتفاقية للتجارة الحرة، كما تقوم شركات صينية مملوكة للدولة ببناء مصاف في السعودية؛ وحصلت على عقود لبناء مساجد -ومن ذلك مسجد بقيمة 1?5 مليار دولار- في الجزائر الغنية بالنفط. هذا النشاط الصيني الجديد، لا يعزى إلى الإيثار ونكران الذات، ذلك أن أولوية بكين هي تأمين طرق الوصول إلى الطاقة في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، فإنها لا ترغب في تحول إيران إلى قوة نووية. ولكن الأهم من ذلك هو أنها ترغب في تجنب مواجهة مع واشنطن بسبب العقوبات. ولئن كانت بكين قد تزيد من سفاراتها ووجودها العسكري الفتي في الشرق الأوسط، فإنه لا يبدو أن ثمة أي مؤشر على أن الصين ستعيد النظر في مساهماتها المالية الهزيلة في المنطقة. فالخبراء الصينيون يقولون إن بكين قلقة بشأن الاستقرار في مصر، غير أنه من الصعب الجزم بشأن ذلك. فالصيف الماضي، مثلاً، سافر الرئيس المصري محمد مرسي إلى الصين بحثاً عن مساعدة اقتصادية. ولكنه عاد إلى بلاده ومعه 70 مليون دولار فقط، وهي منحة تقل عما جناه لاعب كرة السلة «كوبي براينت»، بعد توقيع عقده الأخير. وعليه، فإنه من غير المحتمل أن تسهم الصين قريباً في منطقة أكثر استقراراً. وبالمقابل، فإن ما يحتاجه الشرق الأوسط، وفق افتتاحية لوكالة الأنباء الصينية الرسمية بتاريخ العشرين من مارس الماضي، هو «يد مساعدة من قوة عظمى بناءة ومسؤولة»، مثل واشنطن. غير أنه من دون جهد أميركي منسق لاستمالة بكين وإقناعها بتوفير المساعدة للدول العربية المتأزمة، وبدعم تدابير صارمة لمجلس الأمن الدولي ضد إيران، للأسف، فإن الصين ستظل لاعباً ثانوياً في شرق أوسط مضطرب. وعلى كل حال، فإن الصين تدرك أن التزامات أميركا تجاه اليابان وكوريا الجنوبية -وهما دولتان تعتمدان على طاقة الخليج العربي- سترغم واشنطن على ضمان الأمن في الشرق الأوسط. وبالتالي، فحتى في وقت يثير فيه «الربيع العربي» مخاوف الصين بشأن الاستقرار وأمن الطاقة والحركات الإسلامية، كما قيل لي، فإن بكين راضية عن دورها الحالي في المنطقة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©