السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسعار النفط وسياسات الطاقة الأميركية

أسعار النفط وسياسات الطاقة الأميركية
3 مايو 2011 22:06
يشعر الناس في معظم أنحاء العالم بالألم عندما يدفعون مبالغ كبيرة مقابل تعبئة سياراتهم بالبنزين في محطات الوقود. وقد وعد أوباما الذي تعتمد إعادة انتخابه كرئيس في الانتخابات القادمة على نجاحه في تحقيق العافية للاقتصاد الأميركي، بأن خطته الخاصة بالطاقة سوف تقلل من ارتفاع أسعار البنزين، وذلك على الرغم من أن وقائع اجتماع البنك المركزي الأميركي(الاحتياطي الفيدرالي)، الذي عقد في مارس الماضي، قد كشفت عن قلق لدى القائمين على البنك، أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد الأميركي، والتأثير بالتالي على احتمالات تعافيه. ولكن ما هو السبب الذي جعل أسعار النفط ترتفع من 36 دولاراً للبرميل في ديسمبر 2008 إلى 110دولارات للبرميل في الوقت الراهن؟ وما الذي يمكن عمله من أجل تخفيض هذا الارتفاع؟ في رأيي أن المضاربات في أسواق النفط، التي ليس لها سوى علاقة محدودة بعمليات البيع والطلب الفعلي تمثل جزءاً رئيسياً من المشكلة. ومن الممكن كبح جماح هذه المضاربات من خلال اتباع عدة خطوات تنظيمية. من المعروف أن أسعار النفط، تتحدد بشكل رئيسي بناء على مجمل تصرفات متداولي النفط في الأسواق وأهمها على الإطلاق "مركز نيويورك للتبادل التجاري". فعندما يعتقد المتداولون أن أسعار النفط سوف ترتفع، فإنهم يشترون النفط بموجب عقود آجلة، على أمل بيع ما يشترون عند ارتفاع الأسعار، وتحقيق أرباح طائلة من وراء ذلك. ومثل هذه المشتريات بعقود آجلة، تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق وإلى ارتفاع أسعار البنزين بالتالي في محطات التزويد، وكذلك أسعار غاز التدفئة والعديد من المنتجات النفطية الأخرى. وقد بدأت أسعار النفط في الارتفاع، لأن المتداولين رأوا إشارات واضحة تكشف أن الاقتصاد العالمي قد بدأ يسترد تدريجياً بعضاً من قوته بعد الركود الكبير الذي واجهه خلال الثلاث سنوات الأخيرة تقريباً، وهو ما سيؤدي بالتالي لخلق المزيد من الطلب على هذه المادة. وقد ساهم الدولار الضعيف، والمخاوف من أن تؤدي حالة الفوران السائدة في الشرق الأوسط في الوقت الراهن، إلى إعاقة تصدير النفط من البلدان المنتجة له في المنطقة، إلى أسواق الاستهلاك، في ارتفاع أسعار النفط. وعلى الرغم من أن الرأي العام والتغطية الإعلامية عادة ما يوجه إليهما اللوم، على ارتفاع أسعار النفط فإن ذلك في الحقيقة لا يقدم سوى تفسير جزيء للموضوع. فمن المعروف أن السعوديين يضخون كميات إضافية من هذه المادة، لتعويض نقص الإنتاج الليبي بسبب القتال الدائر هناك بين القذافي وقوات المعارضة الليبية. وعلى الرغم من أن المتداولين في الأسواق النفطية، قد ظنوا أن الاضطرابات التي وقعت في البحرين قد تمتد لغيرها من دول النفط الغنية، إلا أن ذلك لم يحدث، ونتج عن ذلك أنه قد بات لدينا كميات من النفط في الأسواق، تفوق الاحتياجات الفعلية وهو ما دفع السعوديين لتقليل مستويات إنتاجهم. وقد استمرت أسعار النفط في الارتفاع على الرغم من تضارب الأنباء عن عرض هذه المادة وطلبها، وعلى الرغم من تناقص احتمال حدوث انقطاعات في إمدادات النفط السعودي، والكارثة الإنسانية والاقتصادية اليابانية. وهذه التحركات السعرية النفطية بدت أكثر دراماتيكية عندما ارتفعت أسعار النفط من 50 دولاراً للبرميل في فبراير 2007، إلى 147 دولاراً للبرميل في يوليو 2008. ومن المعروف في هذا السياق أن التأرجح السريع في أسعار النفط الذي يصعب ربطه بقوى السوق التقليدية، يؤشر على نفوذ المضاربات. ويُشار هنا إلى أنه قد تم ضخ عشرات المليارات من الدولارات في سوق سلع الطاقة الأميركية خلال السنوات الخمس الماضية، كي يتم تخصيصها فيما بعد لشراء عقود النفط الآجلة، التي تغذي المضاربات. يعني هذا أننا بتنا نعتمد على المضاربة في النفط بشكل متزايد، وأن هذا بات هو النمط السائد في هذا المجال. ولكن ماذا نستطيع أن نفعل لمواجهة ارتفاع أسعار النفط؟ رسالة إخبارية عاجلة إلى الكونجرس وقادة العالم: إن وجود سياسة أميركية ذكية للطاقة سوف يساعد حتماً، حتى إن كانت هذه السياسة ستحتاج إلى وقت حتى يتم إنجازها. علينا إلى جانب ذلك أن نتخذ إجراءات للحد من المضاربات. ويشار في هذا السياق إلى أن الكونجرس قد قام بتفويض ما يعرف "مفوضية التجارة المستقبلية في السلع"(CFTS) للتأكد من أن أسعار النفط في الأسواق تعكس حقيقة الطلب والعرض، بدلاً من الاعتماد على المضاربات المبالغ فيها في تحديد تلك الأسعار. وهذه الخطوة يجب أن تكون متبوعة بخطوات أخرى منها: - وضع حدود على عدد العقود التي يمكن لكل متداول الاحتفاظ بها. - النظر في إمكانية الحد من مبلغ هامش الدين الذي يمكن للمتداول أن يتحمله. -إجراء اختبار للحلول التنظمية المختلفة من خلال جمع المعلومات لمعرفة أيها هو الأفضل في الحد من التكهنات. لقد حان الوقت للتفكير في إجراء تغييرات واسعة النطاق للحد من أسعار النفط المدفوعة بالمضاربات، ومن الآثار المترتبة على ذلك على الاقتصاد القومي، كما أن الوقت قد حان لاتخاذ إجراء في هذا الشأن الآن وليس فيما بعد. ومن المأمول أن تتمكن "مفوضية التجارة المستقبلية في السلع"، والفريق الجديد الذي قام أوباما بتشكيله تواً، لاستكشاف المضاربات، من الوصول إلى هذه النتيجة عما قريب. ستيف آيه. يتيف أستاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة أولد دومينيون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©