الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تونس: فرصة لحكومة «النهضة»

29 ابريل 2012
قررت الحكومة التونسية التي يتزعمها حزب "النهضة" في 26 مارس رسميّاً عدم تضمين مبادئ الشريعة الإسلامية الفقهية في الدستور الجديد. وربما يشكل ذلك حركة تغيّر قوانين اللعبة في وقت يسود فيه الكثير من الانتقادات ضد الحكومة الجديدة والقلق حول صفتها "الإسلامية المعتدلة". وواقع الأمر هو أن ذلك ربما يغير الأسلوب الذي يرى الناس من خلاله الحزب. والنهضة حزب ديني. وهناك جزء من الشعب له صوت، مقتنع بأن السياسة والدين أمران لا يجتمعان، ولذلك فهو يشك في نوايا الحكومة. ولكن مع اتخاذ هذا القرار، أراد حزب "النهضة" أن يثبت أنه عندما يعود الأمر إلى الدستور، فهو غير خائف من اتخاذ موقف معارض للجماعات الدينية التونسية المحافِظة. وقد فاز حزب "النهضة" في شهر أكتوبر الماضي، في أول انتخابات حرة بعد 50 سنة من الديكتاتورية، وحصل على 89 مقعداً من المقاعد الـ 217 التي تشكل الجمعية الوطنية. واختار الحزب التحالف مع مجلس الحزب الجمهوري الذي فاز بِـ 29 مقعداً، والمنتدى الديمقراطي للعمال والحريات (المعروف كذلك بحزب التكتل) الذي فاز بِـ 20 مقعداً، ليشكل أغلبية. وذكر المراقبون الوطنيون والدوليون أنه على رغم بعض المخالفات، فقد جرت الانتخابات دون فساد، متمشّية مع أصول الديمقراطية. إلا أن جوّاً من عدم الارتياح ما زال سائداً أيضاً. وقد أصبحت جماعات صغيرة متطرفة تستخدم العنف لكي يُسمع صوتها، مما يُفشل التوازن الثوري. ومن بين الأحداث التي تسببت بكثير من الإثارة والضجة في الصحافة احتلال جامعة منوبة للمطالبة بالسماح للطالبات المنقبات بدخول الجامعة. واستمر الاحتلال لمدة تزيد على الشهر، دون رد فعل واضح من جانب الحكومة. وفي هذا المضمون، هل يستطيع التونسيون، بل هل يتعين عليهم إعطاء الحكومة فرصة للحفاظ على وعودها لأفراد الشعب ومحاسبتها إذا لم تفعل ذلك؟ ليس الجواب مباشراً، فدور المواطن في تونس الديمقراطية ما زال جديداً، تماماً كما هو دور الناطق الرسمي باسم الحكومة. وما زالت هناك خبرات سياسية داخل الحكومة، تعمل في مضمون صعب ومتوتر. ويتوجب على الحكومة بدورها أن تزيد من التواصل وأن تتخذ مواقف واضحة، خاصة فيما يتعلق بأعمال العنف. ويجب أن تكون تصرفاتها وسياستها واضحة بشكل كافٍ حتى يتسنى لأتباعها وقاعدتها الانتخابية تقييم ما إذا كانت الحكومة تلتزم بوعودها. وكذلك لدى المجتمع المدني مسؤولية بإعطاء الحكومة المنتخبة ديمقراطيّاً فرصة للنجاح. وقد تراكمت المشاكل التي تواجه تونس اليوم عبر عقود عديدة، وليس من المعقول أو المنطقي أن نتوقع من الحكومة أن تجد حلاً سحريّاً خلال شهور قليلة. ومن المهم أن تحقق الحكومة مسؤولياتها، ولكن عندما نركز فقط على الأخطاء، قد لا نرى الأمور والإنجازات بشكل جيد. ويتهم بعض وسائل الإعلام الحكومة بالرقابة، إلا أن الإعلام يمتلك اليوم الحرية لانتقاد التصرفات الحكومية. وهناك أيضاً بعض التطورات الواعدة على الجبهة الاقتصادية، التي ينبغي عدم تجاهلها. وكان نجيب الغربي، مسؤول الاتصالات في حزب "النهضة" واضحاً حين قال إن: الاقتصاد هو أولوية الحكومة، وعندما يعود الأمر إلى الاقتصاد فإن الأمور تتحرك. وعلى سبيل المثال، في الضواحي الشمالية لتونس، بدأ العمل على إنشاء مركز أعمال ضخم. وفي منطقة النفيضة على بعد كيلومترات قليلة من مدينة سوسة الساحلية الكبيرة، هناك مخططات لبناء ميناء سيتسع لسفن الشحن الضخمة. كما استؤنف العمل بمشروع سما دبي، وهو مشروع عمراني ضخم على بحيرة تونس كان قد توقف بسبب الثورة. وتوفر هذه المبادرات وحدها آلافاً من فرص العمل. ونستطيع إعطاء الحكومة أيضاً فسحة من الوقت، وأن نبقى في الوقت نفسه واعين لضمان المساءلة. كما نستطيع إبقاء العين الناقدة دون تقديم نقد سلبي بشكل متواصل. والنقد والمعارضة جزء من العملية الديمقراطية، ولكن الاحتفال بالتغيير الإيجابي له معايير، وهو على كل حال مهم أيضاً. سونيا باهي صحفية وكاتبة تونسية ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©