السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعيد العوضي تعايش مع «الثلاسيميا» وتطوع لمساعدة المصابين بها

سعيد العوضي تعايش مع «الثلاسيميا» وتطوع لمساعدة المصابين بها
3 مايو 2011 20:25
إرادته فولاذية، يدهش الناس بعزيمته رغم مصابه، يساعد كل من حوله ويعتبرهم جميعا من أسرته، فقبل أن تتفتح عيناه على الدنيا علم أهله أنه مصاب بمرض الثلاسيميا، تعايشوا مع حالته، رغم أنهم يقضون أغلب أوقاتهم في المستشفيات، بحيث ينقل له الدم بمعدل 17 مرة في السنة، رغم صعوبات حياته، إلا أنه تألق في كثير من المجالات، قهر مرضه وتطوع لمساعدة غيره، حيث تطوع 8 سنوات في جمعية الإمارات للثلاسيميا. ورغم مهامه الأخرى في الحياة فهو متزوج وله أولاد ويحيى حياة طبيعية تماما، إنه سعيد العوضي، المدير الإداري لجائزة الشيخ سلطان بن خليفة بن زايد آل نهيان العالمية للثلاسيميا، وضابط إداري سابقا بمستشفى الوصل بدبي، وعضو مجلس إدارة والمدير المالي لجمعية الإمارات للثلاسيميا ومتطوع بها، ويعتبر أول خليجي يحصل على عضوية رابطة الثلاسيميا العالمية، وثاني عربي. مركز واحد يقول العوضي البالغ من العمر 32 سنة، والذي يعتبر من الجنود الذين يعملون في الظل مكرسين حياتهم لإسعاد الآخرين “لم يكن أبدا سهلا مسار حياتي، فقد عانى والدي كثيرا من أجلي ومن أجل إخوتي الثلاثة فأخي الأصغر وأخي التوأم يعانون من نفس الحالة، وعندما علم والدي بمرضي اكتشفا أنهما أيضا يحملان الجين المسبب للمرض، ونقلوني للعلاج في أكثر من دولة في الخارج، ومنذ أن كان عمري 7 أشهر بدؤوا ينقلون إلي الدم كل شهر تقريبا”. ويعرف العوضي “الثلاسيميا” بأنه حالة مرضية ينخفض فيها مستوى الهيموجلوبين في الدم عن معدله الطبيعي، لذلك يتم نقل دم للمصاب. ويضيف أن تكرار نقل الدم يزيد من تركيز الحديد في الدم، ويسبب خطورة على حياة الإنسان، لهذا كان يتوقع الأطباء في صغره بألا يتعدى عمره 15 سنة في أحسن الأحوال. إلى ذلك، يقول “كان الأطباء يرددون ذلك على مسمع أهلي، وهذا زاد أهلي إيمانا وقوة رغم المعاناة واليأس المحيطان بهما”، موضحا أن الإمارات يوجد بها أكثر من 1500 مصاب بالثلاسيميا. ويعلق “قد تكون هناك أرقام أخرى، إذ أنه لا يوجد إحصائيات دقيقة في هذا الشأن، بحيث تعمل كل هيئة صحية بمعزل عن الأخرى”. ويوضح العوضي أن تكلفة الدواء الذي يخلص مريض الثلاسيميا من ارتفاع نسبة الحديد مكلف جداً، إلا أن حكومة دبي متكفلة بالمواطنين والوافدين المصابين بالمرض، ويؤكد أن مستشفى الوصل هو الوحيد في الإمارات، الذي يتوفر فيه مركز لعلاج هذه الحالات، وهو معترف به على مستوى العالم، ويضم أعلى التقنيات وأحدثها. ويضيف “إلا أن هناك عدة صعوبات تعترض مرضى باقي الإمارات بحيث يتنقلون من الفجيرة ورأس الخيمة والمنطقة الغربية ومن باقي الإمارات قاصدين دبي، للعلاج في المركز الذي لا يضم أكثر من 25 سريرا، ويشهد إشغالا بنسبة 105%، رغم أن مريض الثلاسيميا لا يعتبر مريض سرير، بل يمكن أن يجلس في أي مكان وينقل له الدم، فأنا مثلا عندما أحتاج الدم أذهب على المستشفى لأحصل على كيسي دم”. لاعب كرة يوضح العوضي أن حالته الصحية لم تمنعه من ممارسة حياته بصورة عادية، حيث كان لاعب كرة قدم، كما أنه مجتهد في دراسته، رغم صعوبات العلاج، في هذا السياق، يقول “يعاني مريض الثلاسيميا ارتفاع نسبة الحديد في الأعضاء الداخلية للجسم ما يؤثر على وظائف الكبد والقلب وغيرهما من الأعضاء، لهذا كانت توضع حقنة تحت جلد البطن لمدة 10 ساعات، ما كان يعيق الدراسة بانتظام، أما اليوم فاستبدلت الحقنة بالحبوب وبذلك خفت المعاناة”. ويضيف “كنت دائما في تحد مع نفسي، بحيث مارست كرة القدم، ولم أتوقف إلا مؤخرا نتيجة إصابة في مفصلي الذي تم تغييره بسبب إصابة ملاعب”. تحدى المرض، وحافظ على توازنه، واستطاع بذلك مساعدة نفسه وإخوته والناس من حوله، عمل متطوعا فخبر المجال وأصبح مرجعا ينهل من علمه ومعرفته. في هذا الإطار يقول العوضي “عانيت وعانى أهلي معي ومع إخوتي، لهذا قررت أن أسعد كل من يحمل هذه الحالات، وعملت متطوعا في البداية في جمعية الإمارات للثلاسيميا التي أسسها أولياء أمور حاملي هذه الحالات وكان من بينهم والدي، وبعد فترة تقدمت لعضوية الجمعية وفزت عن طريق الانتخاب”، موضحا أن للجمعية هدفين: الأول رعاية المرضى من مواطنين ووافدين وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم (علاج، دراسة وسفر وترفيه)، أما الهدف الثاني فهو التوعية بهذا المرض قبل الزواج والحث على الفحص لأخذ كل الاحترازات”. ويضيف “في الجمعية نقدم التوعية للناس بأن حامل الثلاسيميا هو إنسان عادي، يمكنه الدراسة والزواج والسفر، والدليل على ذلك أن الدولة بها أشخاص مصابون بالمرض ومع ذلك نجحوا في مجال عملهم ومنهم من يعمل في السلك القضائي، وأذكر هنا حالة موظفة بالجمعية وهي مصابة، لكنها تعتبر شعلة من النشاط والحيوية وما تقدمه من خدمات يفوق ما يقدمه آخرون”. ويصنف العوضي المرضى على أنهم فئات مختلفة، منهم من يعلن عن مرضه، ومنهم من لا يرغب في ذلك أبدا، وهناك أناس يخافون الزواج، وهناك من يتمتع بجرأة وشجاعة ويعمل على نقل خبراته للآخرين، ويسهم في توعية المجتمع، متمنيا أن ينظر لحامل الثلاسيميا على أنه إنسان منتج، ويجب توظيفه، كما لا يجب رفضه عند التقدم للزواج. صعوبات التطوع شارك سعيد العوضي في العديد من المؤتمرات المتعلقة بالثلاسيميا داخل الدولة وخارجها، كما تطوع لمساعدة الآخرين، وخبر طباع بعض الناس ونظرتهم للتطوع. في هذا السياق، يقول “بعض الناس ينظرون إلى المتطوع نظرة دونية، وكأنه يعاني من الفراغ ولا يجد شيئا يعمله، في حين نجد أن الأمم المتحضرة تقاس بأعداد متطوعيها، وحصل معي أنني كنت يوما أقدم مساعدة لأحدهم كمتطوع، فنهرني واحتقرني، وعندما قلت له أنني عضو في مجلس إدارة الجمعية تغيرت معاملته لي، فالمتطوع إنسان ينوي خدمة بلده، له بيت وأولاد وأشغال ومسؤوليات لكنه يستجيب لمساعدة الآخرين حبا بوطنه”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©