الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسرح القطاع الخاص في مصر يلفظ أنفاسه الأخيرة

مسرح القطاع الخاص في مصر يلفظ أنفاسه الأخيرة
9 يوليو 2010 19:40
منذ سنوات يعاني مسرح القطاع الخاص في مصر، الذي يطلق عليه المسرح التجاري، أزمة بالنسبة لعدد العروض في الموسم الصيفي، حيث تقلصت العروض الى عمل أو اثنين على الأكثر في الموسم الذي كان يشهد رواجا كبيرا، واللافت هذا العام أنه لا يوجد عرض واحد جديد، باستثناء مسرحية «سكر هانم» التي يقوم ببطولتها مجموعة من الشباب رغم أن القطاع الخاص قبل عشر سنوات كان يشهد أكثر من 20 عرضا جديدا خصيصا لموسم الصيف، وكانت هذه العروض تحقق جذبا سياحيا على مدى سنوات طويلة‏،‏ ففي مثل هذه الأيام كان السياح العرب وبعض المصريين يجوبون شوارع القاهرة بحثا عن مسرحية تروح عنهم فيجدون أصنافا من النصوص المسرحية أطلق عليها البعض مسرحيات «التيك أواي». وفي السنوات الخمس الأخيرة عجز الناس عن إيجاد هذه النوعية من المسرحيات‏،‏ ففضلوا التجوال داخل المولات التجارية ربما يجدون ضالتهم في فيلم لهنيدي أو محمد سعد أو أحمد آدم أو هاني رمزي أو أحمد حلمي أو غيرهم من نجوم الكوميديا‏. موت المسرح التجاري ويقول سمير غانم الذي يعد واحدا من نجوم المسرح الخاص: سبب موت المسرح التجاري يرجع الى موجة أفلام الكوميديا المنتشرة حاليا، التي ألهت الناس عن مشاهدة أي عمل مسرحي‏،‏ فأي سائح يزور القاهرة كان يحرص في البداية على مشاهدة مسرحية «بودي جارد» لعادل إمام‏،‏ ثم يشاهد مسرحيتي قبل أن تغلق لأننا تاريخ في الكوميديا‏،‏ وبعد هذا ينشغل بمشاهدة أفلام مولد الصيف التي لا تكلفه سوى عدة جنيهات بسيطة‏،‏ والسبب الأهم في وفاة مسرح القطاع الخاص، كثرة دور العرض السينمائية في مقابل قلة دور العرض المسرحية‏،‏ فاليوم أي جراج يغلق تجد صاحب العمارة يقيم مكانه سينما لأنها أصبحت مربحة‏،‏ وتحقق أفلامها أرباحا عالية مهما كانت قيمة هذه الأفلام‏،‏ حيث يطرح أي فيلم في أسبوع عرضه الأول في أكثر من ‏60‏ دار عرض‏، وبالتالي يضمن منتجه أن يأتي بتكاليف إنتاجه عكس المسرح الذي يتكلف مبالغ باهظة ولا يحقق مكاسب تذكر‏.‏ وأرجعت شويكار أزمة مسرح القطاع الخاص الى مشاكل اقتصادية وسياسية أطبقت على صدر المسرح الخاص فلفظ أنفاسه. وتساءلت:‏ أين الأسرة المصرية أو حتى العربية التي تستطيع أن تدفع في التذكرة الواحدة نظير دخولها أي عرض مسرحي ‏250‏ جنيه في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة والأسعار الملتهبة‏، وأذكر أنني في آخر عرض مسرحي قدمته في القطاع الخاص اقترحت على زملائي عندما لاحظت قلة عدد الجمهور أن نخفض أجورنا حتى ينعكس ذلك على سعر التذكرة‏،‏ وبالتالي نضمن إقبالا على العرض‏،‏ فلم أجد استجابة من أحد‏.‏ هجرة المنتجين ويتفق المخرج المسرحي خالد جلال على أن سعر التذكرة المرتفع وأجور الممثلين الخيالية وراء حالة الوفاة‏،‏ بالإضافة الى أن هجرة منتجي مسرح القطاع الخاص الى السينما والتليفزيون تحقق لهم مكاسب مادية كبيرة خاصة بعد زيادة عدد دور العرض وعدد القنوات الفضائية وإقبالها على شراء الأفلام الجديدة بعد عرضها مباشرة في دور العرض.‏ أما المخرج سمير العصفوري صاحب أنجح تجارب مسرح القطاع الخاص في الفترة الأخيرة فيعترض على كلمة وفاة ويفضل أن نقول إنه متوقف لأجل غير مسمى لأنه مصمم على الاعتماد كليا على استنزاف نجوم السينما الحاليين الذين أسهم في صنع نجوميتهم وأعطاهم الفرصة الأولى وهم أيضا أعطوه من جهدهم ووقتهم الكثير‏. ويضيف‏: هؤلاء النجوم غير متفرغين للمسرح‏،‏ وكل همهم أن يقدموا أفلاما تحقق إيرادات عالية حتى يستمروا كنجوم شباك‏،‏ وبالتالي يمارسون النشاط المسرحي بعد تفرغهم من عملهم السينمائي‏،‏ وهذا كان يحدث أيضا في الماضي‏،‏ لكننا كنا ندرك أن دورة الحياة لابد أن تستمر‏،‏ فعندما كان ينشغل نجم بنشاط معين يستهلكه مثل النشاط السينمائي‏،‏ كنا نبحث عن نجم آخر يحل مكانه حتى يستمر النشاط المسرحي‏،‏ لهذا ولكي يسترد مسرح القطاع الخاص عافيته وترتد إليه الروح مرة أخرى‏،‏ فعلى المنتجين أن يكتشفوا عناصر شابة واعدة ونعطي هذه العناصر نصوصا جيدة ومخرجين لديهم القدرة على التدريب لاكتشافهم‏، على أن ترصد لهم ميزانيات كبيرة للدعاية‏، وهؤلاء النجوم لن يكونوا بدلاء للنجوم الحاليين‏، لكن هؤلاء يمكن أن يحققوا الوجود الفني الذي يعوض اختناق المسرح الخاص المصري الذي لم يعد به إلا عرض أو عرضان فقط في الموسم. مجموعة أرجوزات ويؤكد الناقد المسرحي عبدالغني داود أن سبب الوفاة يرجع الى أن السلعة الرديئة التي كان يقدمها القائمون على هذا المسرح انكشفت وانكشف كل لاعبي هذا الفن الهزلي الرخيص‏، الذين كانوا يكررون أنفسهم كل عام في سلع مغشوشة باسم مسرحيات‏،‏ واكتشفت الطبقة القادرة على استهلاك هذه السلع المسرحية الفاسدة بأسعار تذاكرها الباهظة زيف السلع وفسادها‏، فانصرفت عنها‏، ومنذ عامين كانت بقايا هذه الفرق تقدم عروضها السخيفة المملة ليلة أو ليلتين في الأسبوع فقط‏،‏ وهذا العام أعلنت وفاتها‏،‏ وهذه هي النتيجة المرضية لأي عاشق للمسرح‏، فالقائمون على هذه العروض لم يحاولوا طوال السنوات التي قدموا فيها عروضهم أن يقدموا مسرحا حقيقيا ولست أعني بالمسرح الحقيقي أن يكون متجهما‏،‏ لكن لابد ان يكون مسرحا جادا‏،‏ سواء كان ملهاة أم مأساة‏،‏ والكارثة أن هناك مجموعة من الأرجوزات الذين أدوا الى وفاة المسرح‏ المصري، يتجهون حاليا الى السينما لكي يقضوا على البقية الباقية من الفن في مصر‏.‏ جهل الممثل النجم ويقول المخرج المسرحي أشرف زكي‏‏ نقيب الممثلين المصريين إنه حزين جدا للحالة التي وصل إليها مسرح القطاع الخاص في مصر‏،‏ الذي يعاني هو ومسرح القطاع العام تحديات كثيرة وصراعا من القنوات الفضائية التي أصبحت تلبي احتياجات المشاهد في كل المجالات‏، ومن الأفلام الكوميدية التي تعرض بكثافة في الموسم الصيفي الذي يعتبر موسم الذروة المسرحية‏، بالإضافة الى انشغال الممثلين بالعمل في مسلسلات رمضان التي يبدأ العمل فيها في أشهر الصيف والتي تدر على الممثلين مبالغ مادية كبيرة أكثر من العمل في أي عرض مسرحي‏.‏ وأكد الكاتب المسرحي لينين الرملي أنه تنبأ بوفاة مسرح القطاع الخاص منذ حوالي‏ ‏10 سنوات‏،‏ وصرح بهذا في كل أحاديثه الصحفية والتليفزيونية‏، لأن المجتمع المصري لا يريد مسرحا وليس لديه إدراك لأهمية وقيمة المسرح في حياة أي شعب‏، عكس المجتمعات في الخارج التي تتكاتف فيها كل الهيئات الأهلية والجمعيات والشركات ورجال الأعمال والأفراد حتى تخرج تجارب مسرحية جديدة ومختلفة‏،‏ بالإضافة الى أن أحد أسباب انهيار مسرح القطاع الخاص يرجع الى تدخل الممثل النجم في كل شيء بداية من اختياره للنص والمؤلف والمخرج حتى الأبطال المشاركين معه‏، والمشكلة أنه يتدخل بجهل وليس بعلم أو منطق أو فهم لأبجديات العمل المسرحي‏‏.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©