السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديون... وسجال التقشف الأميركي

28 ابريل 2013 23:30
كارمن إم راينهارت - أستاذ النظام المالي الدولي بجامعة هارفارد كينيث إس روجوف - أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة بجامعة هارفارد في شهر مايو 2010، نشرنا ورقة أكاديمية عنوانها «النمو في زمن الديون» كانت خلاصتها الرئيسية المعتمدة على معلومات مستخلصة من 200 دولة، وتغطي ما يزيد على 200 سنة، أن المستويات المرتفعة من الدين الحكومي في كل من البلاد الغنية والنامية على حد سواء، كانت مرتبطة بمعدلات نمو أقل بدرجة لافتة. ومنذ أن نشرنا نتائج هذه الورقة، دأب الساسة والمعلقون والناشطون من مختلف درجات الطيف السياسي على الاستشهاد بها- وإنْ بقدر من المبالغة وسوء التأويل في الكثير من الأحيان- وذلك في إطار السجالات المحتدمة في العالم الصناعي في الوقت الراهن حول الطريقة المثلى للتعافي من الركود الكبير. في الأسبوع الماضي، نشر ثلاثة من أساتذة الاقتصاد في جامعة «ماساشوستس- امهيرست»، ورقة ينتقدون فيها النتائج التي توصلنا إليها. بعض هذه الانتقادات كان صحيحاً ومقبولاً منه على سبيل المثال أننا قد ارتكبنا خطأ في ترميز جدول البيانات، جعلنا نخطئ بالتالي في حساب معدلات النمو في الدول المثقلة بالديون منذ الحرب العالمية الثانية؛ ولكن بعضه لم يكن صحيحاً ولا مقبولاً بالتالي، حيث اتهمونا بارتكاب «أخطاء جسيمة» نابعة من عملية «إقصاء انتقائي»، وهما تهمتان نرفضهما بشدة. والحقيقة أن بحثنا، بل ومؤهلاتنا، تعرضت لهجمات في وسائل الإعلام، كما تلقى كل منا رسائل إلكترونية تلومنا باعتبارنا السبب في الاستغناء عن الكثير من الموظفين العموميين، وتقليص الخدمات الحكومية، والزيادات الضريبية، وتهم أخرى عديدة لا تستند على دليل. وبما أنه قد سبق لنا أن شغلنا مناصب كبرى في صندوق النقد الدولي، فإننا نجد في هذه الهجمات دليلاً محزناً في الحقيقة على تسييس أبحاث العلوم الاجتماعية، وهو شيء ما كان من المفترض أن يحدث؛ بيد أن مشاعرنا ليس هي ما يهم هنا. مؤلفو الورقة المنشورة الأسبوع الماضي وهم «توماس هيرندون» و«مايكل آش»، و«روبرت بولين»، يقولون إن «النتائج التي توصلنا إليها قد خدمت «كدعامة ثقافية لسياسات التقشف»، وفي حث صناع السياسة على «إعادة تقييم أجندة التقشف في كل من أوروبا والولايات المتحدة». وردنا على ذلك هو أن إجراء عملية إعادة تقييم واعية للتقشف، يُعد المسار المسؤول الذي يجب أن يسلكه صناع السياسة، ولكن ليس للأسباب التي يشير إليها هؤلاء المؤلفون. فعلى الرغم من أن الأدبيات الأكاديمية بشأن الدين والنمو، قد تركزت لبعض الوقت، على تحديد الخسائر الناشئة عن التقشف بمعنى: هل الدين المرتفع يعكس فحسب عائدات ضريبية أضعف ونموا أقل، أم أن المديونية المرتفعة تُقوض النمو؟ كانت رؤيتنا دائما أن الخسائر تحدث على الجانبين، وأنه ليس ثمة قاعدة تنطبق على جميع الأوقات، وفي جميع الأماكن. ففي ورقتنا المعنونة بـ«الوضع مختلف هذه المرة»، الصادرة عام 2009، والتي عرضنا فيها لتاريخ الأزمات المالية على مدى ثمانية قرون، توصلنا لخلاصة مؤداها أنه عندما كان الدين السيادي يصل لمستويات غير قابلة للاستدامة، فإن ذلك كان ينطبق أيضاً على تكلفة الاقتراض- إذا كان مثل هذا الاقتراض ممكناً في الأساس؛ وأن الوضع الحالي الذي يواجه كل من إيطاليا واليونان، اللذين ترجع ديونهما إلى بدايات عقد التسعينيات من القرن الماضي، أي قبل الأزمة المالية العالمية عامي 2007-8 بوقت طويل، يدعم هذه الرؤية. ولكن النقاش المشحون سياسياً، والذي وصل لدرجة عالية من الحدة خلال الأسبوع الماضي أو نحوه، ساوى، على نحو زائف بين النتيجة التي توصلنا إليها عن وجود رابطة سببية بين الدين والنمو؛ وبين الدعوة الصريحة للتقشف. نحن نوافق على أن النمو هدف مراوغ في فترات الديْن المرتفع؛ كما نعرف أيضاً أن خفض الإنفاق وزيادة الضرائب مسألة صعبة للغاية في اقتصاد بطيء النمو، يعاني من بطالة مستمرة. فالسياسات التقشفية نادراً ما تنجح من دون إجراء إصلاحات هيكلية، كما أن تلك السياسات، إذا ما جرى تصميمها بشكل رديء، يمكن أن تضرب الفقراء والطبقة المتوسطة بشدة. في بعض الحالات فضلنا بعض الاقتراحات الأكثر راديكالية، بما في ذلك إعادة هيكلة الدين (العام والخاص). فعملية إعادة الهيكلة هذه، ساعدت على التعامل مع مشكلة تراكم الدين خلال الحرب العالمية الأولى، وخلال فترة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. كما ظللنا فترة طويلة نعلن عن تفضيلنا لشطب الديون السيادية، والديون المستحقة للبنوك الكبيرة في دول الهامش الأوروبي (اليونان، البرتغال، وأيرلندا، وإسبانيا)، حتى نفك القيود على النمو، ونتيح له الانطلاق. توجد في الوقت الراهن دول عديدة، تقع في مناطق مختلفة من العالم، وتعاني من ديون عامة مرتفعة لحدود استثنائية بالمقاييس التاريخية- وخصوصاً عندما يتم أخذ برامج الرعايـة الصحيـة وبرامج دعم كبـار السن في الحسبان. وحل أعباء تلك الديون يشمل عادة عملية تحويل- مؤلمة في معظم الأحيان- من وضعية «المدخرين» إلى وضعية «المقترضين». ينشر بترتيب مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©