السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخط الأحمر ضد استعمال الأسلحة الكيماوية!

الخط الأحمر ضد استعمال الأسلحة الكيماوية!
28 ابريل 2013 23:29
آن ماري سلوتر مديرة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية الأميركية بين عامي 2009 و2011 بدأت الإبادة الجماعية في رواندا في أبريل 1994، وفي غضون بضعة أسابيع كانت منظمات غير حكومية هناك تقدر أن نحو 100 ألف من التوتسي والهوتو المعتدلين قد قُتلوا. غير أنه بعد شهرين على ذلك دار بين مراسل وكالة «رويترز»، آلان إيلسنر، والمتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، كريستين شيلي، هذا الحوار الشهير: إيلسنر: كيف تصفون الأحداث التي تشهدها رواندا؟ شيلي: بناءً على الأدلة التي رأيناها من الملاحظات الميدانية، لدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن أعمال إبادة جماعية وقعت في رواندا. إيلسنر: ولكن، ما هو الفرق بين أعمال إبادة جماعية والإبادة الجماعية؟ شيلي: حسناً، أعتقد أن... -كما تعرفون، هناك تعريف قانوني لـ... من الواضح أن ليس كل أعمال القتل التي تقع في رواندا هي أعمال يمكن أن ينطبق عليها هذا الوصف... لكن في ما يخص الفرق بين الكلمتين، فإننا نحاول وصف ما لدينا حتى الآن بأفضل طريقة ممكنة. وبناءً على الأدلة، مرة أخرى، لدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن أعمال إبادة جماعية قد وقعت. إيلسنر: لكن، كم من أعمال إبادة ينبغي أن تحدث حتى ترقى إلى إبادة جماعية؟ شيلي: الآن، هذا سؤال لستُ مؤهلة للإجابة عليه. والواقع أنه بينما يبحث الرئيس أوباما ومستشاروه عن «أدلة أكثر قطعية» على أن الأسد استعمل أسلحة كيماوية ضد شعبه، يجدر به أن يستحضر هذه اللحظة المخزية. فالأدلة التي يقيِّمها أوباما حالياً ظهرت لأول مرة في ديسمبر الماضي، عندما بعث القنصل الأميركي في إسطنبول ببرقية يصف فيها تفاصيل حوارات مع ضحايا ومراقبي هجوم وقع في حمص قبيل أعياد الميلاد، وخلص فيها إلى أنه من المحتمل أن تكون الحكومة السورية قد استعملت أسلحة كيماوية. الأدلة المشار إليها كانت الشلل، وتشنج العضلات، والنوبات، والعمى، والهلوسة، والتشوش الذهني. وقد استجاب الضحايا جيداً، على ما قيل، للأتروبين، وهو عقار يستعمل لعلاج الأشخاص الذين تعرضوا لغاز الأعصاب السارين. غير أن هذا لم يكن مناسباً بالنسبة لإدارة مصممة على عدم التدخل أكثر في سوريا. وهكذا، قال المسؤولون الأميركيون في أوائل يناير الماضي إن الحكومة السورية استعملت «مادة تُستعمل للسيطرة على الشغب». ثم جرى إسكات أدلة أخرى، مراراً وتكراراً، إلى أن ضغط علينا حلفاؤنا البريطانيون والفرنسيون، وحتى الإسرائيليون. إدارة كلينتون لم تكن ترغب في الاعتراف بأن الإبادة الجماعية تحدث في رواندا لأن الولايات المتحدة كانت ستكون ملزمة في تلك الحالة، بموجب اتفاقية فيينا لعام 1948، بوقف أعمال القتل. أما سبب عدم رغبة إدارة أوباما في الاعتراف بأن الأسلحة الكيماوية تُستعمل في سوريا، فلأن أوباما حذّر النظام السوري بوضوح وقوة في أغسطس الماضي من مغبة استعمال مثل هذه الأسلحة إذ قال: «ستكون ثمة عواقب وخيمة إذا بدأنا نرى تحركاً على جبهة الأسلحة الكيماوية أو استعمال الأسلحة الكيماوية»، مضيفاً: «إن ذلك سيغيِّر حساباتي بشكل جوهري». ولسوء الحظ، فإن تغيير اللعبة صعب. وعلاوة على ذلك، فرغم توصيات مستشاريه -على ما قيل- فإن أوباما لم يبدِ اهتماماً بالتدخل في سوريا في ما عدا تقديم مساعدة غير مميتة لبعض قوى المعارضة، وجهود دبلوماسية مع روسيا والأمم المتحدة، والقيام بمساع سياسية في محاولة لتوحيد المعارضة. غير أنه يجب على البيت الأبيض أن يدرك أن اللعبة تغيرت منذ بعض الوقت وأن مصداقية الولايات المتحدة باتت على المحك. فرغم إغراء الاختباء وراء قرار غزو العراق بناءً على معلومات استخباراتية مغلوطة حول أسلحة الدمار الشامل، إلا أن على أوباما أن يدرك الضرر البالغ الذي سيلحقه بالولايات المتحدة وبتركته إذا لم يحرك ساكناً. كما عليه أن يدرك الضرر العميق والمستمر الذي يقع عندما تكون الهوة بين الأقوال والأفعال أكبر من أن يتم تجاهلها، وعندما يُفضح الأشخاص الذين يمارسون السلطة باعتبارهم أشخاصاً لا يقولون ما يقصدون أو لا يقصدون ما يقولون. إن عدم الثقة والشك والكراهية التي يُنظر بها إلى الولايات المتحدة في جزء كبير من العالم، لاسيما في العالم العربي والإسلامي، تمثل سرطاناً حقيقياً. والأكيد أن الوقوف موقف المتفرج بينما يستعمل الأسد الغازات السامة ضد شعبه سيضمن لأوباما، مهما كانت إنجازاته الأخرى، أن يتم تذكره كرئيس بشر ببداية جديدة مع العالم الإسلامي، لكنه أشرف على فصل مميت في القصة القديمة نفسها. إن العالم لا يرى الحسابات المعقدة داخل البيت الأبيض، خاصة صعوبة التوصل إلى أي نتائج إيجابية في سوريا حتى مع التدخل، والضرر الذي قد يلحق بأجندة أوباما الداخلية إذا ما غاص في مستنقع حرب أخرى في الشرق الأوسط. لكن العالم سيرى المدنيين السوريين يسقطون صرعى على الأرض، والزبد يخرج من أفواههم، ويموتون بالآلاف بينما الولايات المتحدة تقف متفرجة. كم من مرة ينبغي استعمال الأسلحة الكيماوية حتى يعتبر ذلك تخطياً لخط أحمر ضد استعمال الأسلحة الكيماوية؟ هذا سؤال لا بد أن أوباما مؤهل للإجابة عليه! ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©