الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوف أجده

سوف أجده
31 يناير 2009 23:54
لا أتحمل هؤلاء الأوغاد معدومي الضمير الذين لا هم لهم سوى مضايقة الفتيات البريئات والتحرش بهن· دعك من أنني عاشق·· أعني أنني كنت عاشقاً في ذلك الوقت من الثمانينات·· كنت أرفع سماعة الهاتف وأنتظر سماع صوتها الرقيق تسأل عن المتكلم·· أنتشي وأغمض عيني متخيلاً أن جوقة من الملائكة تعزف لي وحدي· وفي الحادية عشرة مساءً أخرج في الظلام وأمر ببيتها·· أنظر لنافذتها المغلقة والضوء من خصاصها وأتخيلها هناك·· أغني: ''أنا في الشارع الذي تعيشين فيه''· كانت زميلتي في الكلية، وكنت أداري حبها عن الآخرين كسرّ عزيز صغير، لهذا وجدت كراس محاضراتها ذات مرة·· أخذته عالماً أنني سأعيده لها يوماً ولسوف تدرك كم أنا أمين شهم·· أخيراً تكلمت معها وصرنا صديقين·· لكني لم أتماد طبعاً ولم أعلن عن عواطفي حتى تظل تلقائية معي· لاحظت أنها تحمل خوفاً غير طبيعي من الآخرين·· لا تثق بأحد على الإطلاق·· لا أعرف السبب، وقد حاولت كثيراً أن أفهم سبب خوفها، فقالت: ـ ''لو كان هناك من يلاحقك ويعرف عنوان بيتك لأصابك الذعر مثلي'' ـ''من هذا الشيطان ؟'' قالت إنها لا تعرف من هو·· الجيران حكوا لها عن شخص مخيف المنظر يمشي في شارعها ليلاً - في الحادية عشرة تقريباً - وهو يصدر أصواتاً مخيفة، وينظر لنافذتها وقد بدا عليه التوحش·· ـ''كيف يبدو هذا الوغد ؟'' يقولون إنه يضع نظارة، بدين كالخنزير·· رثّ الثياب·· باختصار هو شخص لا تتمنى أن تقابله في زقاق مظلم·· لا أعرف من هو لكني سأجده ويومها سوف أحوله إلى لحم مفروم ·· قالت لي إن هناك من سرق كراس محاضراتها·· هي نسيته في قاعة المحاضرات فلما عادت لم تجد له أثراً·· المشكلة أن هذا الكراس يحوي معلومات عنها·· معلومات مهمة·· إذن هناك من يسرق كراسات محاضراتها سواي ؟·· هذا مخيف·· أما الكارثة الكبرى فهي تلك المكالمات التي لا تسمع فيها صوتاً·· ترفع السماعة فيجيء صوت لهاث مخيف من الجانب الآخر·· لابد أنه مريض نفسي ·· استبد بي الجنون·· هذا المخبول يجب أن يُعاقب ·· هكذا رحت أقف في شارعها وقتاً أطول من اللازم، أنتظر قدوم هذا الوغد البدين وأنا أحمل عصا ثقيلة أحطم بها وجهه·· لم يظهر لحسن حظه، لكن أثار ذهولي أنها تحكي عن أن زياراته لم تتوقف·· تقول إنه صار مسلحاً، وإن أباها يخشى النزول له لكنه قرر أن يطلب الشرطة ·· كانت تنهار بلا توقف·· صارت حياتها جحيماً، وصار صوت حفيف أية ورقة شجر جوارها كفيلاً بجعلها تصرخ·· كانت تذوي رعباً وأنا أذوي حسرة ·· في اليوم التالي رأيت سيارة الشرطة تقف في الظلام قرب بيتها فسرني هذا، وابتعدت تاركاً للعدالة أن تأخذ مجراها·· الشرطة أقدر مني على التعامل مع الأشقياء·· قالت لي حبيبتي إن من يلاحقها كف عن الاتصال الليلي والمكالمات الصامتة·· سرني هذا كثيراً ·· ذكرني كلامها عن الهاتف بأن علي المرور على شركة الاتصال لأبلغ عن عطل·· الهاتف معطل منذ ثلاثة أسابيع ولا أحد يهتم بسماع شكواي ·· جاء اليوم الذي عرفت فيه إنني أحبها، وعرفت أنها تميل لي ·· قالت لي وهي ترتجف: ـ''برغم تلك الفترة المرعبة التي مررت بها فإنني سعيدة لأنك كنت هناك دائماً لتحميني'' قلت لها وأنا أعني ما أقول: ـ''لا أعرف اسم ذلك الذي هددك ولا شكله، لكني أعرف يقيناً أنه سعيد الحظ لأنني لم ألقه·· كان سيبيت في المشرحة بينما أشنق أنا··'' اليوم هي قد تزوجت وصارت بدينة كالخرتيت، ولديها أربعة أطفال تصفعهم طيلة الوقت، وأنا تزوجت، لكن كراس محاضراتها ما زال معي·· عندما امسكه في يدي أتذكر آسفًا أن هناك مخبولاً ما يحتفظ بكراس آخر من كراسات محاضراتها، عندها يغلي دمي·· وأتساءل: من هو ؟··· أين هو ؟
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©