السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ندوة في الجزائر تدعو التنويريين العرب إلى لعب دور نهضوي

ندوة في الجزائر تدعو التنويريين العرب إلى لعب دور نهضوي
7 أكتوبر 2008 00:45
نظمت في الجزائر مؤخراً ندوة فكرية بعنوان ''قضايا الدين والسياسة في الوطن العربي''، تناولت العديد من القضايا المحلية في المشهد العربي ذات الصلة بموضوع الندوة، ودعت كذلك إلى أن يلعب التنويريون العرب دوراً فعالاً ونهضوياً في الواقع العربي الحالي؛ وقد أدارها الدكتور عمر بوساحة وشارك فيها الدكتوران عبد الرحمن بوقاف ونور الدين جباب أستاذا الفلسفة بجامعة الجزائر، وبحضور أكثر من 200 مثقف وأستاذ وباحث جامعي· بدأ بوقاف الندوة بتقديم عرضٍ تمهيدي للموضوع تطرق فيه إلى العلاقة التاريخية بين المسيحية والسياسة، وقال إنها اتسمت بالتوتر في القرون الوسطى، بسبب احتكار الكنيسة للعلم وتحالفها مع الإقطاع والحكام المستبدين، لكن ذلك لم يحُل دون ظهور العديد من المفكرين الذين ثاروا على الكنيسة والاستبداد ونظروا للعقد الاجتماعي والحكم المدني والفصل بين السلطات منذ القرن السابع عشر ومنهم لوك ومونتيسكيو وروسو، وهو ما أدى إلى بروز النهضة الغربية الحديثة التي أسقطت الأنظمة الشمولية وأنهت نفوذ الكنيسة وأقامت حكماً ديمقراطياً مدنياً فاستقرت الأوضاع ليتفرَّغ بعدها الغرب لبناء نهضته العملاقة· وقام بعدها بوقاف بإسقاط الوضع على الواقع العربي الحالي انطلاقاً من الحالة الجزائرية كنموذج، ولاحظ بروز ظاهرةٍ في الجزائر منذ سنوات؛ حيث يفكر الجزائريون كمسلمين أكثر مما يفكرون كمواطنين، فشبانهم يتطوعون للقتال في أفغانستان وفي أية بؤرة توتر تظهر في العالم الإسلامي ضد الغرب، ولكنهم قد لا يتطوعون للدفاع عن أرضهم ضد أي عدوان خارجي، لأنهم يرون أن تلك مهمة الجيش النظامي وحده· وأمام مفاجأة المثقفين الحاضرين، استرسل بوقاف في شرح فكرته فقال: ''نحن نغلِّب المسلم على المواطن؛ كل جزائري يتحمس للتبرع بما تيسر من ماله لبناء المساجد، ولكنه لا يتبرع أبداً لبناء أي مرفق اجتماعي يقدِّم خدمة عامة ويرى أن ذلك مهمة الدولة وحدها''، واعتبر أن سقوط أكثر من 120 ألف قتيل في الأزمة الجزائرية راجعٌ إلى هذه النظرة؛ أي تغليب ذهنية المسلم على المواطن، وأبدى تشاؤمه من هذا الوضع وقال إنه يهدِّد بضياع الوطن· أما المحاضر الثاني الدكتور جباب ففضل أن يبدأ بملاحظة أن الأجواء العربية المعاصرة ليست بعيدة عن الأجواء الكنَسية في القرون الوسطى؛ فمن يفتح موضوع الدين والسياسة في الوطن العربي بشيء من الجرأة، فكأنما يفتح أبواب الجحيم حيث تختفي حينذاك الموضوعية والحياد وينسحب العلم ليترك المجال واسعاً للإيديولوجيا والإدانة والتحريض، مما أدى إلى الانكماش في طرح الموضوع، ومن أصر على ركوب المجهول دفع الثمن غالياً· وطالب جباب بفصل الدين عن الدولة وقال إنها ''مهمة تاريخية''، ولكن العرب تأخروا في إنجازها فباتوا مهددين بأن ''يجدوا أنفسهم خارج التاريخ''، ودعا الباحثين والمشتغلين بالفكر إلى اقتحام بنية الفكر الديني والتعمق في دراستها وآليات عملها لاقتراح حلول أخرى تستجيب للحداثة، فالإسلام في العصور الأولى قدم إجاباتٍ شاملة لقضايا المسلمين آنذاك فحدث الاستقرار والازدهار والتطور في جميع المجالات، ولكن بعد ''صدمة الحداثة'' في القرن التاسع عشر، أصبح المسلمون بحاجة إلى خطاب جديد يستوعب تطوراتها ويتلاءم معها، وهو ما حاول القيامَ به نخبة من الفقهاء التنويريين أمثال الطهطاوي وخير الدين التونسي والأفغاني ومحمد عبده الذين كانوا مجددين، وحاولوا عقلنة الخطاب الإسلامي وتوفير الأجواء لنهضة إسلامية شاملة، لكن الاستعمار أجهضها لتسقط الأمة كلها تحت هيمنته ردحاً طويلاً من الزمن· واعتبر جباب أن الاستقلال هو الإنجاز الوحيد الذي حققه العرب في العصر الحديث، وبعده بدأت محاولات دخول الحداثة على يد القوميين، إلا أن هزيمة 1967 قضت على ''المشروع العقلاني التحديثي العربي'' لتبرز بعده الحركات الأصولية بقوة، حيث سعت في البداية للوصول إلى السلطة والاستئثار بها، وحينما أدركت لاحقاً تعذر ذلك، تبنت ''صيغة مخيفة'' حيث تحالفت مع الأنظمة العربية الفاسدة وكذا النظام العولمي الجديد الذي تفطن إلى أنه لن يجد أفضل منها لخدمته، وأبدى جباب تشاؤمه من المرحلة المقبلة حيث تبدو مؤشرات لتحول ''الضباب'' الحالي إلى ''ظلام قاتم''، ودعا ''التنويريين العرب'' الى التحرك لقطع الطريق أمام هذا الخطر الداهم· وأثناء فتح باب النقاش، علق عدد من الحاضرين على فكرة ''المسلم والمواطن'' فقال الدكتور أمين الزاوي إن المجتمعات الخليجية تسير الآن لتغليب فكرة المواطنة· وهذا يعتبر فهمٌ جدي لمفهوم المواطنة، حيث لا يكفي دخول العالم دون تشبُّع بالوطنية· بينما تحفظ الدكتور أحمد وارث على فكرة بوقاف وقال إن بروز مسألة ''المسلم والمواطن'' الآن أمر ظرفي، وفي صدر الإسلام كان المسلمون واليهود والنصارى يعيشون في وئام· وقد ضمن الرسول صلى الله عليه وسام المواطنة للجميع في وثيقة المدينة، وتحسر متدخل ثالث على نجاح النهضة في الهند وجنوب شرق آسيا وبلوغ شعوبها الفضاء، بينما وصل المشروع النهضوي لمحمد علي إلى ''القطط السمان'' وكذا تكريس الشمولية والاستبداد في الوطن العربي·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©