الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغيرة النسائية.. حرب لا تنتهي

الغيرة النسائية.. حرب لا تنتهي
22 ديسمبر 2009 22:11
عندما تهب رياح الغيرة تأكل صاحبها وتسلبه راحة البال، ولا يجدي استرحام دموعه في إخمادها، البعض يموت من الألم الذي يعتصر قلبه، والآخر تتكسر أحلامه وتغرق مشاعره في فيض من القهر، وهناك آخرون تعصف بهم عواصف الغضب المجنونة، فتقتلع من واحدهم جذور عقله، ذلك أنَّ حواء تفعل بأختها ما لا يصدقه عقل. لا يختلف اثنان على أن غيرة المرأة من المرأة، تتحول إلى حالة مرضية قاتلة حينما تتجاوز خطوطها الطبيعية، وذلك من خلال إحساس مرضي تعيشه المرأة الغيورة من المرأة الأخرى، سواء كانت أختها أو جارتها أو صديقتها، وعلى الجانب الآخر تؤدي بها الغيرة نحو أن تلغي ذاتها وسط جملة من التساؤلات اللا مشروعة مثل: لماذا؟ كيف؟ وأين؟ إلى آخر التساؤلات بدوافع الغيرة. غيرة مدمرة تعتبر مريانا مركيز غيرة المرأة من المرأة من أكثر أنواع الغيرة إيلاماً وتعذيباً للذات، تقول عن ذلك: «ليست هناك امرأة واحدة لم تعان من مختلف أنواع الغيرة، التي تصل في بعض الأحيان إلى محاولة تدمير الطرف الآخر بكل الوسائل والسُبل». تسترسل مريانا في الحديث، قائلة: «هذا المرض يجعل غيرة المرأة من المرأة عذابا تعيشه معظم النساء، وجحيماً تتلظى به بنات حواء، فإذا كان ثمة اختلاف ما بين امرأة وأخرى في هذا الصدد، فهو في أسباب الغيرة ودرجاتها ومستواها». تصمت محدثتنا قليلاً قبل أن تعاود القول: «النساء متعبات، أو يمكن القول بكلمات خاصة أنهن مختلفات عن الرجال كثيراً، فقد يتسمن بالعدوانية والحقد والعنف والقسوة أحياناً تجاه النساء الأخريات». متهمة بالنجاح تلفت ريهام الشيخ (سكرتيرة) إلى أنَّ المرأة قد تكره المرأة كثيراً، خاصة في مكان العمل، هي تقول عن ذلك: «تهمتها الوحيدة في ذلك أنها امرأة ناجحة في حياتها العملية، أو أنها أكثر جاذبية وجمالاً، وهذا ما أعاني منه في عملي، فالكثير من النساء اللاتي يعملن معي في الشركة يغرن مني. والسبب أنني خلال سنة واحدة، من تعييني حصلت على زيادة راتب، بجانب الاشتراك في الكثير من الدورات التدريبية التي تنظمها الشركة. تضيف وهي تشعر بالانزعاج من هذا السلوك: «الذنب ليس ذنبي، فجهدي ووقتي كله أفنيه في العمل، ليكون على أكمل وجهه، وهذا هو واجبي في العمل، تصمت وتعاود القول: «لجوء الكثيرات من النساء إلى الغيرة أجد سببه في كثرة ما يتعرضن له من سقطات شديدة، وأغلبها نفسية، تعود إلى فشلهن في حين ينجح الآخرون، وتخلفهن في حين يتقدم غيرهن، وسوء حالهن في حين تتحسن حالة من سواهن، ولهذا يجد الغيور الفرصة مواتية لكي يُـشفُـي غليله للتنفيس عن فشله وتقصيره اللامحدود». ظاهرة نسائية تتفق مريم سليمان مع ريهام وتضيف: «إن الغيرة ماهي إلا ظاهرة نسائية، تتقنها المرأة وتمارسها أكثر من الرجل». تتابع مريم قائلة: «البعض من النساء للأسف يخصصن الأوقات المحددة لجلسات الغيرة والحسد والحديث عن فلانة وعلانة والتشفي بمن يتفوقن عليهن من النساء، استناداً إلى ميزات أو صفات منحها الله لهن، وكل هذا هذا بسبب غيرتهن، وحسدهن للأخريات اللواتي يعتبرن أفضل منهن مركزًا ومالًا». فتش عن الحسد بدورها تقارب لولوة ربيع الموقف بالقول: «إن الغيرة هي الدافع الرئيسي للحسد والنميمة. وتلجأ إليها الأنثى لعدة أسباب، لكن السبب الرئيسي هو أنه يأتي من شخصية الإنسان، لأن البعض من هؤلاء النساء يعانين من نقص في شخصيتهن. تشرح لولوة طريقة ذلك، وتقول: «غالباً ما يقمن النساء بالتكلم عن الأخريات بما يضرهن، سواء كان ما يدعينه حقيقة أو من تأليفهن الشخصي ويكون ذلك في غيابهن». وتقول شادية الريس: «الحسد ينتشر بين النساء، لأنَّهن يغرن من بعضهن البعض كثيراً ولأتفه الأشياء، الغيرة تدفع إلى الحسد والنميمة، كما أن أغلب حديثهن في المجالس عن الأخريات، ولحماية أنفسنا من هؤلاء النساء لابد من الابتعاد عن ذوي القلوب السوداء منهنَّ، والأهم ألا نمارس هذا السلوك ضد أحد حتى لا يمارسه أحد ضدنا، يقول المثل الشعبي: «كما تدين تدان». غيرة فطرية من جانبها تلفت منال خليفة إلى أن هذه السلوكيات تنتشر بين النساء أكثر من الرجال. وتذكر سبب ذلك بالقول: «الغيرة حالة فطرية وعادة غير مكتسبة، لا يُستثنى منها أحد من بني البشر، وهي موجودة في كل بيت، وفي كل أسرة، وفي كل مكان لأن النساء غالباً ما يكن ربات بيوت بمعنى أنهن يجلسن في البيت، ومن ثم تكثر زيارات النساء لبعضهن البعض. وأعتقد أن فطرة الغيرة موجودة أصلا في النساء أكثر منها لدى الرجال، ومجالس النساء دائماً ما يكثر فيها التباهي، والمرأة دائما ما تغلب عليها العاطفة والقلب قبل العقل، أما الرجال فهم يقضون أغلب الوقت في العمل مما يقلل فرص الحصول على أوقات فراغ للحديث الذي ليس له فائدة، لكن هذا لا يمنع بأن تكون هناك فئة من الرجال ممن يعانون وبكثرة من هذه الصفات». آثار سلبية من جهتها غادة الشيخ، استشارية أسرية، تعلق على الأمر قائلة: «الغيرة المحسوبة بين الأخت وأختها، أو الصديقة وصديقتها، أو المديرة مع الموظفة أمر طيب، فكلما وُجدت بينهم زاد حبهم لبعضهم البعض، والغيرة بين الرجال مجرد منافسة لا غير، أما الغيرة الجامحة بين النساء فمن النادر جداً أن تكون إيجابية أو تقتصر على المنافسة، وغالباً ما تكون لها آثار سلبية».‏ وتسترسل مستشهدة بحديث الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، الذي يؤكد لنا أن الغيرة موجودة، بل قال أكثر من ذلك، إذ أكد في الحديث الشريف: «إن الله يغار والمؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله». الشيخ تشرح معني الغيرة بالقول :»هي شعور طبيعي عند الإنسان، وهي كالحب والبغض والألم والغضب وغيرها من المشاعر الطبيعية، لا تُعدّ مرضاً، وليست انحرافاً نفسياً نتهم به الرجل أو نتهم به المرأة. وما دامت الغيرة لم تخرج من وضعها الطبيعي فهي صفة موجودة عند الرجال وعند النساء. وتختلف الغيرة باختلاف مسبباتها، ويختلف وصفها بالمدح أو الذم تبعاً لذلك» وتضيف: «غيرة الطالبة من زميلتها في الكلية، والأخت من أختها في المنزل، والجارة من جارتها في الحيّ، والموظّفة من زميلتها في العمل، هذا ما أدعوه بالجحيم الأكبر، غيرة تخلّف وراءها ما لا تخلّفه غيرة الزوجة على زوجها، غيرة تسعى السعي الحثيث بالمكائد، والفخاخ والمصائد، غيرة تسعى بصاحبتها الحاسدة بالوشاية بمن تحسدها، لتحقّر من أمر محسودتها، وتقلل من شأن تفوّقها وتميّزها، وكم جرّ التميّز على صاحبته من ويلات ونكبات». وتتوسع غادة الشيخ في الشرح: «كم من غيرة تدفع من بُليَتْ وأصيبتْ بها إلى حضيض النميمة والغيبة، فأصبحت تضيع الوقت الثمين في مراقبة محسودتها، حتى صرنا نرى الحاسدة إنسانة غبية تافهة، لا قيمة لها ولا وزن، إنسانة تلهَّت بالحسد عن الانشغال بأمور نفسها وإصلاحها، فعطّلت بذلك قدراتها ومواهبها بإفساد أخلاقها فنراها تسعى لتلويث سمعة منافستها، أو نعتها بأوصاف لا تليق بالإنسان، أو تراها تنسب نجاح عدوّتها اللدود للغش، والواسطات، أو تراها تسعى بجارتها لتهدم سعادة الجارة بأن تلفق حولها الأقاويل والمزاعم، فلا تتورع عن نعت جارتها بالخائنة لزوجها، فتهدم بذلك بيتاً عامراً بفضل حسدها وضيقة عينها، وقد تكيد الأخت لأختها لو كانت أفضل منها». تختم الشيخ حديثها قائلة: «إن إحساس المرأة بالضعف وقلة الحيلة يدفعها إلى عدم تخزين هذه المشاعر بداخلها، وتصديرها إلى الخارج على هيئة نقد للأخريات، وبالتالي من وجهه نظري لابد من النساء أن يرتبطن ببعضهن البعض، وأن تدعم كل واحدة منهن الأخرى، وأن يشجعن بعضهن، ولا يجب عليهن تمزيق بعضهن إرباً».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©