السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القصر الصيفي في بكين تحضنه أكبر الحدائق الملكية في العالم

القصر الصيفي في بكين تحضنه أكبر الحدائق الملكية في العالم
22 ديسمبر 2009 22:10
لعل أجمل ما في الصين وآثارها تلك القصور الإمبراطورية بطرازها المعماري المميز وأسطتحها القرميدية وزخارفها البديعة الملونة.. ويأتي القصر الصيفي واحدا من هذه القصور إذ يعد من أجمل المتاحف القائمة في الهواء الطلق. تحفة فنية يقع القصر الصيفي في الطرف الشمالي الغربي من العاصمة ويبعد عن مركزها حوالى 20 كم، ويطل على ضفة بحيرة كونمينج ويتسلق سفوح هضبة جميلة الهيئة، وتحيط بمعالمه العمرانية حدائق إمبراطورية تنتشر على مساحة ما يقارب 300 هكتار، وتغطي المياه ثلاثة أرباع هذه المساحة، بينما تشغل الحدائق والقصور ربعها الباقي، وتعتبر أكبر الحدائق الملكية في العالم، وهي مصممة بتناسق هندسي جميل تجعلها تحفة فنية وسط طبيعة ساحرة تركت على حالها بصخورها وأشجارها وأنواع أزهارها، لتشكل لوحات ملونة تجمع بين الفن التشكيلي والتناغم الموسيقي حتى تبدو روضة غناء من الطبيعة بمختلف ملامحها وتضاريسها. بينما الإمبراطور الذي كانوا يعتبرونه ابن السماء، يجعل بلاط حكمه عادة في وسط تلك الصروح والحدائق الجميلة وتبقى الأجنحة والمرافق المحيطة للحاشية والخدم. وفي الغالب تزيد المساحة المخصصة للبساط الأخضر وجداول المياه عن أربعة أو خمسة أضعاف المساحات التي تشغلها الأقسام المعمورة. الأساطير والتاريخ حين التوجه لزيارة القصر الصيفي يجد الزائر فنون الشعر والرسم والحكاية تملأ الصفحات التي تطالعه عن القصر الصيفي وحكايات رجال التاريخ التي كثيرا ما تستند في أساسها إلى وقائع تاريخية، يزيدها الخيال الشعبي جمالا وروعة وتصبح على ألسنة الناس ورواياتهم الشفوية محاطة بهالات ملونة من الغرائب والأعاجيب! لكن صعود الزائر إلى مركب صغير لنقله في رحلة عبر البحيرة لا تزيد على عشر دقائق، سيدفع به إلى النزول فى الضفة بالقرب من زورق رخامي جميل، ثم يسير في رواق مسقوف إلى بوابة القصر الزاهي بأعمدته الخشبية الحمراء حيث يستقبل الزائر تمثالان لأسد ولبؤة، وسيجد صعوبة في التمييز بينهما، ثم يكتشف أن الأسد يضع يده على كرة صغيرة قد تكون رمزا لكرة الرعد في الأساطير الصينية، إن لم تكن رمزا للكرة الأرضية. أما اللبؤة فتضع يدها على شبلها الصغير. ويواصل الزائر الانتقال من صرح إلى صرح أعلى عبر جسور وسلالم حجرية ذات نقوش وزخارف متنوعة، وهذه القصور تحتوي على كنوز وآثار وتماثيل، لكن التصوير ممنوع في الداخل، وفي طرف إحدى القاعات حجر ضخم من اليشب أوالزمرد الأخضر وعليه رسوم وعلامات وتماثيل وتفاصيل فنية رائعة، فيما يبرز في أحد الجوانب والفسحات المحيطة بالقصور تمثال لثور من البرونز”. قصور متدرجة يعود تصميم القصر الحالي يعود إلى سنة 1750 في عهد الإمبراطور تشيانلونج الذي قدمه هدية لأمه في عيد ميلادها، وقد استمر العمل فيه 15 سنة، وتقع الحدائق المحيطة به على ثلاثة تلال وتضم 5 حدائق متواصلة. وهناك جسر بديع التصميم بـ17 قنطرة. وجرى توسيع البحيرة أكثر من مرة. وفي حرب الأفيون دمرت هذا القصر الجيوش البريطانية والفرنسية، وكذلك القوات المتحالفة بعد ذلك. وتشكل هذه الصروح الأثرية سلسة من القصور المتدرجة في صعودها من ضفة البحيرة إلى قمة الجبل، وفيها حوالي 3000 من المعالم العمرانية التي تضم أجنحة وأبراجا وممرات وجسورا وأروقة مسقوفة ومسنودة بالأعمدة الخشبية. وأثناء النزول يلاحظ أن عدد درجات السلالم الحجرية، عدا الدروب والممرات الترابية والشعاب الصخرية لا تقل عن 300 درجة. وعلى القمة تنتشر أبراج الكهان ومحارق البخور، وأنواع متعددة من الأشجار والخمائل المكسوة بالأعشاب والأزهار”. الإمبراطورة دواجر أقامت الإمبراطورة دواجر تسيشي في هذا القصر، وكانت قد حكمت الصين بيد من حديد بحيث استمرت في الحكم 47 عاما، وكانت أوامرها لا ترد. ورغم جمال هذه القصور والحدائق المحيطة بها إلا أن الفساد انتشر خلال حكمها فتسببت للبلاد بكوارث داخلية وهزائم خارجية أمام الجيوش الغربية الطامعة التي دمرت القصر مرتين وأحرقته، ولم يستطع صموده أن يحول دون دمار بعضه. وكانت دواجر امرأة داهية بكل معنى الكلمة، مولعة بالفنون والأزياء وألوان الطعام، وقد استطاعت أن تمارس سلطتها من وراء ستار باسم ابنها وابن أختها اللذين لم يكونا أكثر من دميتين في يدها. وتقول كتب التاريخ إن مخدع نومها كان في قصر معزول بالماء عن قصور العاملين في البلاط وإدارة شؤون البلاد، وكانت تنتقل إليه بمركب حتى تحظى بنوم آمن مريح. وهناك مقصورات جانبية وشرفات كانت تقضي فيها أمسياتها لمشاهدة عروض الأوبرا وغيرها من الحفلات الفنية التي كانت تحبها. ورغم أن هذا القصر تعرض للحرق والنهب والدمار، إلا أنها استطاعت أن تستولي على ميزانية الأسطول الإمبراطوري وتعيد بناءه لتمارس حكمها وحياتها المترفة من هناك، بدلا من المدينة المحرمة مباشرة، لأن قانون البلاط الإقطاعي لم يكن يسمح للمرأة أن تحكم بشكل معلن، فكان القصر الصيفي وسيلة للتغطية والتحايل على القانون والتقاليد. ومن الأمور التي تروى عن دواجر أنها كانت مولعة بالطعام وتناول ألوان منه حتى بلغت كلفة وجباتها اليومية مبالغ خيالية من الفضة، ويقال إن لائحة طعامها كانت تضم عشرات الأصناف من المشهيات ومئات من أطباق الطعام المختلفة لتنتقي منها ما تشاء. وكانت تقف بقوة وعناد ضد حركة الإصلاح التي قام بها ابن أختها الإمبراطور جوانجشو. لكن تلك المحاولة لم تدم إلا حوالي مئة يوم، فقد تمكنت من خنق الحركة والقضاء على أهم رجالها، مستغلة جو الفساد المستشري في البلاط. ويرى المؤرخون أن حكمها الاستبدادي كان سببا حاسما في سقوط العرش الإمبراطوري وزواله سنة 1911 بعد ثلاث سنوات من وفاتها. إضاءات - يروى أن بدايات اختيار الموقع وإنشاء القصر في تلك المنطقة من بكين على كتف البحيرة كانت خلال العهد الإقطاعي، قبل حوالي ثمانية قرون، وكان منتجعا مترفا لاستراحة العائلات الإمبراطورية ومسراتها وسط طبيعة ساحرة. - اعتبرته اليونيسكو في سنة 1998 من كنوز التراث الحضاري في العالم الذي لا بد من حمايته والمحافظة عليه.
المصدر: فاطمة عطفة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©