الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بادن بادن» تصحو على سياحة الطبيعة وتغفو على أضواء المصابيح

«بادن بادن» تصحو على سياحة الطبيعة وتغفو على أضواء المصابيح
6 يوليو 2010 20:26
تعرف “بادن بادن” الألمانية بأنها مدينة الثقافة والفنون والحمامات والمنتجعات الصحية. وهناك يمكنك أن تطلق العنان لروح المغامرة؛ لأن كل ما ينتظرك في ربوعها سوف يجعلك تعيش ألوان الخيال بحق. ومتعة السياحة في هذه المدينة مضاعفة؛ لأن الجولات الاستكشافية فيها لا تقتصر على المشاهدة والاستمتاع، وإنما تمنح الفرصة لتجربة الكثير من النشاطات. وحصة الأسد فيها مزدوجة، مرة لشهرتها بالينابيع الدافئة، ومرة بالسياحة الثقافية التي تعتبر جزءاً من تاريخها. هي باختصار مجموعة من الكنوز الفنية والموسيقية والثقافية، تدخل الحماس إلى النفس وتقدم طبيعتها الخلابة إلى المصطاف طاقة إضافية. والجميع فيها يجدون ما يلبي طموحاتهم، من الاستجمام إلى الاستشفاء والترفيه. وأهم من ذلك كله أن أصحاب الميل إلى السياحة الثقافية، سوف ينعمون في “بادن بادن” ببرنامج حافل. يمتد من صالة “فستشبيل هاوس” إلى مبنى “ترينك هاله” وصالة “كورهاوس” ومسرح المدينة المتسم بهندسته الباروكية. وتستكمل النشاطات الراقية بزيارة حدائق المدينة المحاذية للشارع الشهير “ليشتنتالر آليه” ومتحف “فريدر بوردا” الذي افتتح حديثاً، ومتحف المدينة المجاور له، وصولاً إلى الجهة الشرقية من الضواحي بالقرب من منزل الموسيقار “برامز”، والصرح التراثي “ليشتنتال” الذي يرجع تاريخ تأسيسه إلى أكثر من 700 عام. عربات الخيول الإنصات إلى القصص المثيرة التي يرويها الدليل السياحي حول تاريخ المدينة هي الطريقة المثلى لاستكشاف معالم “بادن بادن” السياحية. تبدأ الرحلة عادة بجولة سياحية تستمر نحو الساعة ونصف الساعة، هي غير كافية طبعاً للتعرف إلى كافة المرافق المهمة في المدينة، وإنما فرصة لأخذ فكرة عامة عن كل ما هو جميل فيها. فهي تحتضن الكثير من المعالم السياحية التي تدور حولها أساطير تتناقلها الأجيال. ومع أن المشي من أروع ما يمكن في تلك الأرجاء، إلا أنه بالإمكان استكمال الجولة بواسطة العربات التي تجرها الخيول. وهذه مناسبة لمشاهدة المناظر الرومانسية للطبيعة، كما لو أن السائح يراها من خلال شاشة عملاقة. ومن المتاح كذلك القيام برحلات عبر القطارات الجوالة في وسط المدينة، والتي تمر من أمام “كورهاوس” إلى ساحة “أوغوستابلاتس” ومن ثم إلى الـ”باراديس”. وهذه الأخيرة هي نافورة مصممة على الطراز الإيطالي الذي كان رائجاً في عصر النهضة، حيث بالإمكان الاستراحة على مقربة منها قبل التوجه إلى ينبوع “كركللا” للمياه الطبية الدافئة. والرحلة بالقطار ممتعة ومثيرة في مختلف الظروف المناخية، لا سيما أن وسيلة النقل هذه تخضع باستمرار لأجهزة تعديل الجو. كما أن مقاعدها مصممة بعناية ودقة لضمان راحة المسافرين وذوي الاحتياجات الخاصة منهم. مياه دافئة لكل من يرغب في اكتشاف تاريخ “بادن بادن” الطويل، لا سيما خلال الفترة التي استعمرها الرومان، فقد اكتسبت المدينة شهرة واسعة خلال القرن التاسع عشر نظراً لغناها بينابيع المياه الدافئة الطبية، الأمر الذي جعلها من جهة مركزاً مهماً للاهتمام بالصحة، ومن جهة أخرى ملاذاً للترفيه والاستجمام. وبالتوجه إلى الجرعة الثقافية الأكبر في هذه المدينة، حيث المعالم التاريخية، نتعرف في متحف “بقايا الحمامات الرومانية” إلى الطريقة التقليدية في استخدام المياه الطبية. فلقد أدرك الرومان القدامى أهمية الاسترخاء في مياه مدينتهم التي تتدفق من الينابيع والتي تمنح الجسم الكثير من المنافع الصحية. وقد تركت هذه الشعوب بقايا أعمال فنية للحمامات ترجع إلى نحو 2000 عام. وهذا المكان تعبق منه رائحة الماضي بما يضمه من إنجازات تحتل مكانة مرموقة بين أهم الآثار المنتشرة في ألمانيا. ويتعرف السائح إلى هذه الحقائق إما أثناء القيام بجولة برفقة المرشد، أو عبر استخدام جهاز التسجيل الذي يشرح عن الحمامات وتاريخها. ومن المفيد هناك مشاهدة الفيلم القصير الذي يلخص تاريخ هذه الحمامات. ومما لا شك فيه أن تجربة الغوص في المياه الدافئة تستحق عيش المغامرة على أرض الواقع. سحر المكان بالانتقال إلى معالم أخرى، نصل إلى المتحف الرسمي للمدينة، حيث يضم في جناحه الزجاجي الجديد منحوتات وقطعاً فنية من عهد الرومان ولغاية يومنا هذا، بالإضافة إلى مجسمات قوطية الطراز تعرف محلياً باسم “ستفتسكيرتش”. ومن المقتنيات المميزة في المتحف، دمى متفاوتة من حيث تاريخ صنعها، بالإضافة إلى الكثير من العملات النقدية والميداليات الغريبة. أما متحف “فريدر بوردا” الذي تم افتتاحه عام 2004، فينظر إليه الكثيرون على أنه الجوهرة المتلألئة في “بادن بادن”. وهو من تصميم المهندس المعماري الأميركي الشهير “ريتشارد مايير”. وتضم القطع الفنية المعروضة فيه 500 لوحة زيتية، بالإضافة إلى رسومات ومنحوتات وأشياء أخرى تحكي عن تاريخ الفن خلال القرن الماضي. ويسلط قسم من المتحف الضوء على الفن الكلاسيكي الحديث، وعلى أعمال الفن التعبيري لفنانين ألمان أمثال “ماكس بيكمان”، و”أرنست لودويج كيرتشنر”، و”أوغيست ماكيه”. ويحتضن أيضاً مجموعة من آخر أعمال “بابلو بيكاسو”، وبعض اللوحات التعبيرية التجريدية التي تحمل توقيع الرسام الأميركي “جاكسون بولوك”. وكذلك الجداريات التي تحكي عن التأملات، وهي لكل من: “كليفورد ستيل”، و”مارك روثكو”. ويلعب موقع المتحف دوراً مهماً بدءاً من موقعه في شارع “ليشتنتالر آليه” الذي بدأ حكايته كشارع تجاري بسيط، ليصبح أهم شارع تجاري في المدينة، والعنوان الذي يفضل الكثير من الأثرياء أن يحمل اسم متجرهم أو مقر سكنهم. وفي كنف المتحف يحلو التنزه بين الأشجار العتيقة والجسور المزدانة بأجمل النقوش التي ترسم ظلالها على نهر “أوس”. ومن حوله الفنادق الفخمة والقصور الأثرية التي تشارك في صناعة سحر المكان، الذي لا يزال يحافظ على مكانته كأحد أهم الشوارع التجارية في العالم منذ أكثر من 350 عاماً. رائحة القهوة مبنى “كورهاوس” من المعالم التي تجدر زيارتها في “بادن بادن”. ومن صالة “كورهاوس” يتعرف الزائر إلى الهندسة الغنية التي راجت في أوروبا منذ أكثر من 200 عام. وقد شيدت الصالة بين عامي 1821 و1824 على يد المعماري “فريدريش فاينبرنر”، وهي تشمل أجنحة ضخمة وصالات للمآدب، ويحلو فيها الاحتفال بالمناسبات السعيدة. وعند القيام بنزهة في حدائق “كورهاوس” يفوح عبق الزهور والورود التي تصل إلى المتاجر القريبة، التي تستحق التجول بداخلها. وعندما يحين وقت تناول الطعام، فإن مطعم “كورهاوس” المجاور يقدم مأكولات ألمانية يقال إنها الأفضل. وفي هذا المكان تنبعث رائحة القهوة اللذيذة ورائحة الحلويات التي تملأ الأجواء بأريجها الزكي، وكأنها تدعو المارة للتذوق منها فوراً. وفي الجوار مقهى يفتح على مدار اليوم يحلو فيه الاسترخاء والاستمتاع بالمنظر الجميل لمبنى “كورهاوس” والحدائق المحيطة به. وعلى مقربة منه وفي مبنى “ترنك هاله”، يوجد مكتب للمعلومات السياحية، حيث بالإمكان شراء التذاكر لحضور المسرحيات والعروض الفنية وسواها. ويزود المكتب السياح بالنصائح حول النشاطات التي يجب القيام بها خلال وجودهم في “بادن بادن”. وما أن يهبط الظلام على المدينة الهادئة، حتى تضاء أزقتها بمصابيح الغاز القديمة، وتدخل الزوار والمقيمين في أجواء ساحرة وفريدة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©