الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نكيتا لالواني تسرد مفهوم اللاعنف والحب والمبادئ الأخلاقية لدى الشعب الهندي

نكيتا لالواني تسرد مفهوم اللاعنف والحب والمبادئ الأخلاقية لدى الشعب الهندي
26 ابريل 2013 23:41
مريم جمعة فرج (دبي) - تهتم الروائية “نكيتا لالواني” (مواليد 1973) بالموضوعات المثيرة للجدل كالهوية والسلطة والحرية، وتعتبرها من الأمور الأخلاقية إلى حد بعيد. لالواني من مواليد كوتا، إحدى مدن ولاية راجستان الهندية، تلقت تعليمها في بريطانيا وعملت في الصحافة وفي تدريس مادة الكتابة الإبداعية في الجامعات البريطانية. وتعقيبا على سؤال حول ما إذا كان نشرها لرواية “القرية”، قد جاء متأثرا بالفوز الذي حققته روايتها الأولى “الموهوبة” 2007 الحاصلة على جائزة “ديزموند إليوت” والتي ظهرت في القائمة الطويلة للأعمال المرشحة للفوز بجائزة “مان بوكر” للإبداع الروائي، تقول “لا أتصور أن هدفي هو الحصول على الجوائز، بقدر ما هو محاولة كتابة رواية مختلفة هذه المرة، عمل يحتل مساحة شاسعة من الجدل. الشيء الوحيد الذي تأثرت به هو الوصول إلى هذه الفكرة، كيف أمسك بها وأشتغل عليها بشكل جيد. لم يكن الأمر بهذه السهولة”. يتناول موضوع رواية القرية عمل طاقم إحدى القنوات الفضائية الأجنبية أثناء إخراج فيلم وثائقي، مليء بقصص الإثارة التي تجسد حياة الناس في السجون الهندية. وعلى حد تعبير الرواية فإن ما يحلم به مدير القناة التلفزيونية الغربية هو، دراما مليئة بالمزيد من مشاهد العنف والدم والدموع والرومانسية وغيره، مما يمكن أن يشاهد في أفلام الجريمة، ويعترف به الناس في شهاداتهم. إلا أن الرواية وعلى العكس من ذلك تقدم عملا أكثر واقعية، فتختار أحد السجون المفتوحة مكانا لأحداثها. قرية “أشوار” -مسمى خيالي اختارته المؤلفة- التي يعيش فيها المدانون بجرائم القتل وعائلاتهم طلقاء، في بيوت بلا زنزانات ولا أسوار تحيط بقريتهم. المكان نفسه جزء من تجربة حقيقية عرفتها الهند في ستينيات القرن الماضي. فيما يعبر ذلك المشهد عما يعرف بإعادة التأهيل. المشهد بما ينطوي عليه من أبعاد، يحتوي كذلك على بعد إضافي أخلاقي يتمثل بالشعور بالفوقية الذي غالبا ما يميز الأقوى تجاه الأضعف. والقوي هنا مدير القناة التلفزيونية، الذي لايكف عن إرسال بريده الإلكتروني الباعث على الاشمئزاز، إلى فريق العمل مطالبا إياهم بالمزيد من المشاهد التي تؤثر في المشاهد وتجعله يذرف الدموع أمام شاشة التلفزيون. وكما تقول تعليماته “بمجرد أن تظهروا لهم مشاركتكم الوجدانية، في كل ما يقولونه، وترديدكم لعبارات مثل، أوه.. كم هو مؤلم.. وغيره، سينهارون، ويعترفون بكل شيء”. قيم مقابل هذه السطحية، تسعى الرواية إلى طرح مفهوم اللاعنف والحب والحقيقة والكثير من المبادئ الأخلاقية التي استمدها الشعب الهندي من زعيمه الراحل المهاتما غاندي. حيث إن ما يمكن فعله لهؤلاء الذين أضلتهم الحياة، هو تذكيرنا بأن الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة يمكنه الوصول إليها، عن طريق منحه الحب والاهتمام بتفاصيل حياته اليومية والطموح الذي يعيش من أجله، لكي يتحول إلى طاقة بناءة. إن هؤلاء الذين أقدموا على ارتكاب الخطيئة، ليسوا من القتلة المأجورين أو من عتاة المجرمين، بل أقدموا على أفعالهم في ظروف نفسية واجتماعية استثنائية. كما أن قريتهم تلك ليست كغيرها من القرى. فهي تضم في غالبيتها شريحة واسعة من القرويين، الذين تربوا في مجتمعات الثأر وجرائم الشرف والمال والمرأة والعادات والتقاليد وكل ما يصعب على الإنسان العادي فهمه، وبالتالي نقله في فيلم وثائقي. وبالتالي فإن ما يراه البعض نقل صورة حقيقية عن “الهند” ما هو إلا تجسيد عاطفي لا أكثر، قد يحتاجه الناس في أماكن أخرى. ولكن هؤلاء الرجال والنساء الذين يعيشون في مكان كالسجن الكبير، لا يرون أنفسهم فيه. وكما تناقش القرية موضوعات أخلاقية، وتلقي الضوء على صراع القوة والسلطة والهوية، تتطرق رواية نكيتا لالواني الموهوبة، إلى الموضوع ذاته. وهي تجسد الصراع لرأب فجوة العنصرية التي يستشعرها البريطانيون من خلفيات آسيوية، في تناولها لقصة طالبة صغيرة من أسرة مهاجرة، تظهر لديها بوادر العبقرية في مادة الرياضيات، فيستغل والداها موهبتها لسد عقدة الشعور بالنقص. وعبر أكثر من ثلاثمائة صفحة تطرح إشكاليات يمكن إيجازها في أسئلة، حول الضغوط التي تعيشها مثل هذه الأسر المهاجرة، والضغوط الاجتماعية والنفسية التي يُخضع لها المهاجرون أطفالهم، لاسيما في مجال التعليم، فيُحرمون أحيانا من أشياء كثيرة منها طفولتهم من أجل التفوق الدراسي، خاصة إذا ظهرت لديهم بوادر الذكاء. كما في قصة الطفلة “رومي” الطفلة ذات العشر سنوات، التي حرمت من أبسط حقوقها منذ اكتشاف موهبتها وهي في سن الخامسة. والحقيقة أن شخصيات لالواني المستضعفة التي يتم استغلالها حتى من قبل نفسها، تسعى إلى إيجاد حلول لمأزقها، فتقدم لها هي حلولا إنسانية بسيطة، قد تساعد في النهاية على تحررها من الشعور بالنقص.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©