الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النظام السوري... وبوادر الضائقة المالية

النظام السوري... وبوادر الضائقة المالية
26 ابريل 2012
جون واريك وأليس فوردمان بيروت في الوقت الذي تدخل فيه الانتفاضة السورية المناهضة لنظام الأسد شهرها الثالث عشر، تواجه الاحتياطات المالية للحكومة تناقصاً سريعاً، وذلك حسب ما أفاد به مسؤولون في الاستخبارات الأميركية ومحللون ماليون يراقبون الوضع المتردي للاقتصاد السوري. هذا النزيف المالي الحاد دفع الحكومة السورية إلى وقف توفير خدماتها الأساسية للمواطنين من تعليم وصحة وباقي الخدمات في بعض المناطق السورية، بل دفعت النظام إلى البحث عن خط إمدادات جديد من إيران لدعم العملة الوطنية الضعيفة. هذا في الوقت الذي تراجعت فيه مداخيل الدولة من صادراتها النفطية ووصلت إلى أدنى مستوى لها عندما امتنعت كل من الصين والهند عن استيراد النفط السوري. لكن رغم هذه المصاعب الاقتصادية يبدو أن الرئيس الأسد نجح في تحصين نفسه ودائرته الضيقة من تأثيرات العقوبات الاقتصادية والحصار التجاري الذي أكثر ما يمس المواطنين الذين يعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وذلك بسبب لجوء الأسد إلى احتياطاته المالية الخاصة، بالإضافة إلى اعتماده على السوق السوداء لتحصين أركان النظام وضمان استمراره لشهور عدة، إنْ لم يكن أكثر، بحيث من غير المتوقع أن يواجه النظام مشاكل كبيرة في تمويل العمليات العسكرية ضد المعارضة. وفي هذا السياق، يقول مسؤول في استخبارات إحدى الدول التي تراقب الوضع في سوريا دون الكشف عن هويته: "رغم قسوة الضغوط الاقتصادية، إلا أنها مع الأسف ليست كافية"، وحسب العديد من المراقبين تأتي هذه التقييمات للوضع الاقتصادي في سوريا وسط جهود جديدة تبذلها القوى الغربية لتضييق الخناق المالي على النظام ودفعه إلى تقديم تنازلات كبيرة إلى المعارضة والدخول في عملية سياسية تفضي إلى انتقال واضح وسلس للسلطة، وذلك من خلال تعميق العزلة السياسية والاقتصادية للنظام الذي يقمع نشاط المعارضة منذ أكثر من عام. وفي سياق العقوبات الجديدة، تبنى الاتحاد الأوروبي إجراءات ترمي إلى منع بيع البضائع الفاخرة إلى سوريا، كما أن إدارة أوباما فرضت عقوبات جديدة على الأفراد والشركات، التي تمد نظام الأسد بالأجهزة والمعدات التكنولوجية المتطورة التي تستخدم في خنق المعارضة وتعقبها، وليست هذه القيود الجديدة سوى سلسلة أخيرة في حلقة ممتدة من الإجراءات العقابية التي فُرضت على النظام السوري منذ انطلاق الثورة في 11 مارس الماضي، وهي لن تكون الأخيرة في ظل العقوبات المنتظرة التي سيتفق عليها ممثلو 75 دولة ستجتمع في واشنطن لتنسيق الجهود الساعية إلى وقف ما تبقى للنظام من خط الإمدادات المالية. وفي شهادة أدلى بها وزير الدفاع، "ليون بانيتا"، أمام المشرعين الأميركيين في الأسبوع الماضي أكد أن العقوبات المفروضة على النظام السوري "تساهم في إضعاف الإمكانات المالية للنظام"، مخفضة مداخيل الحكومة بأكثر من الثلث. ورغم تأكيد المسؤولين الغربيين أن العقوبات والحصار المفروض على صادرات سوريا النفطية موجهة بالأساس إلى النظام وطبقة رجال الأعمال المؤيدة للحكومة ولا تستهدف المواطن العادي، فإن الإجراءات العقابية امتدت في الحقيقة إلى باقي القطاعات الاقتصادية لتصل إلى المواطن السوري دون أن يبدو أنها تهديد بقاء النظام نفسه. ومن هذه التأثيرات السلبية ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض الليرة السورية في الوقت الذي ظلت فيه الأجور على حالها. ولعل الأمر الأكثر تهديداً بالنسبة للنظام نفاد مخزونه من العملة الصعبة المودعة في الحسابات الحكومية المختلفة، فقد تراجع احتياطي العملة الصعبة من 20 مليار دولار قبل عام إلى ما بين 5 مليارات دولار و10 مليارات دولار اليوم مع استمرار النزيف بواقع مليار دولار شهرياً. ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن احتياطات سوريا من العملة الصعبة تهاوت بأكثر من النصف منذ بدء الانتفاضة، وهو ما عبر عنه مسؤول بارز في إدارة أوباما بقوله "إنهم ينفقون بسخاء على العمليات العسكرية لإخماد الانتفاضة، لكن إمداداتهم منها باتت محدودة للغاية". ووصف المسؤولون كيف تقبع حاويات النفط في المياه السورية لأجل غير مسمى غير قادرة على إيجاد مشترين بعد الحصار المفروض دولياً على صادراتها من الطاقة، بل حتى الجهود السورية لبيع النفط عبر وسطاء إيرانيين فشلت بسبب امتناع شركات التأمين على السفن التجارية عن التعامل مع سوريا خوفاً من العقوبات. والمأمول -يقول المسؤول الأميركي- "أن يعجز الأسد عن تمويل حملته العسكرية على المعارضة، وأن يتسبب ذلك في إحداث انقسام بين النخبة الحاكمة وطبقة رجال الأعمال الباحثة عن مصالحها". ويشير المسؤولون إلى أن الضائقة المالية التي يواجهها النظام السوري أمام تحدي تمويل الحملة العسكرية وانهيار العملة المحلية دفعت النظام مراراً إلى طلب المساعدة الإيرانية لدعم استقرار الليرة السورية. وعن هذا الموضوع يقول مسؤول آخر في الإدارة الأميركية تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "المال الإيراني يساعد الأسد على البقاء والاستمرار، لكن إيران تعاني من مشاكلها الخاصة، ومساعدتهم باتت محدودة مقارنة بالسابق". بيد أن مشكلة النظام السوري المالية ليست وليدة الحصار الخانق المفروض على صادراتها النفطية وباقي العقوبات الاقتصادية الأخرى، بل تأتي أيضاً من انهيار قطاع السياحة الحيوي، هذا بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على البنوك، التي لا تساعد الشركات السورية على الاستيراد، إذ لن يكون بمقدورها تأمين ضمانات بنكية يطلبها عادة الموردون العالميون ضماناً لحقوقهم، وقد كانت لافتة تقديرات صندوق النقد الدولي التي أكدت انكماش الاقتصاد السوري بنسبة 2 في المئة خلال العام المنصرم، وفيما تراجعت الصادرات السورية. وتقلصت الحجوزات السياحية توقف تدفق العملة الصعبة على البلاد، وهو ما أدى إلى انخفاض العملة السورية، إلى أدنى مستوى لها مقارنة بالدولار الأميركي ليساوي الدولار حسب سعر الصرف الحالي 50 ليرة سورية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©