الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حدائق خضراء بالمشرف تعكس الطابع المحلي

حدائق خضراء بالمشرف تعكس الطابع المحلي
21 ديسمبر 2009 21:32
منظر جميل سيستوقفك، لا محالة، إذا كنت ماراً بمنطقة المشرف في مدينة أبوظبي، حيث تتربع حديقة خضراء نضرة، فروع الأشجار فيها متدلية على الشارع المحاذي، معطية ظلالاً هادئة للمكان، وخزان مياه غير بعيد وضع ليروي ظمأ المارين من الناس، أو طالبات مدرسة النهضة التي تقع في الجهة المقابلة، وقد اتخذن من الحديقة مكاناً واسعاً وجميلاً يلجأن إليه هرباً من أشعة الشمس الحارقة أثناء فترة انتظار الباصات، أو أولياء أمورهن كي يقلوهن إلى منازلهن. رمز الكرم الإماراتي ظننا لوهلة أن الحديقة خاصة بمنزل المهندس صياح محمد موسى، الذي شغل منصب وكيل دائرة المياه والكهرباء سابقاً، حيث إن الحديقة نظيفة للغاية، ومزينة بأشجار وورود وديكورات مكلفة، تبرز مجهودات شخصية وذوقاً عالياً في اختيار كل قطعة من القطع الموضوعة بكل إتقان في زوايا مختلفة من الحديقة، حيث وفر المهندس صياح لزوجته وربة بيته كل ما يلزمها كي تبدع في تصميم وتزيين الحديقة، حتى يشمل نفعها عامة الناس. دفعتني لتصميم الحديقة أم أحمد، مواطنة إماراتية أصيلة متشبثة بمبادئها وبعادات وتقاليد هذا البلد الطيب، تعشق كل ما هو أخضر ومستوحى من الطبيعة، وهذا ما يظهر جلياً في الحديقة الخارجية المطلة على الشارع، التي أصبحت مستقراً لمحبي الخضرة والجمال. عن فكرة ابتكار هذه الحديقة، ومتى كان ذلك تجيبنا: “لقد انتقلنا للسكن في بيتنا هذا نهاية عام 1993، بعد انتقالنا بفترة وجيزة، وبمحض الصدفة في أحد أيام موسم الصيف الحار، وبينما أنا راجعة لبيتي، لمحت رجلاً عربياً متقدماً في السن، يقف قرب علبة للأسلاك الكهربائية، ينتظر بناته على زاوية قطعة الأرض الموصلة لبيتي، ولكنها ذاك الوقت كانت خراباً ومجرد أرض جرداء لا خضرة ولا حياة فيها، وقف ذاك الرجل حاملاً بيده ملفاً وضعه على رأسه، مخفياً وجهه الذي كان يتصبب عرقاً ومحمراً من شدة الحر، أثارني المنظر يومها، ولم تغب تلك الصورة عن ذاكرتي، فقررت منذ ذلك اليوم أن أعمل على تحويل هذه الأرض إلي حديقة عامة، فباشرت بتنظيفها من بقايا لوازم البناء والأحجار التي كان كل من يبني بيتا يرمي فيها ما لا يحتاجه، واستصلحت تربتها لأزرعها بمختلف الشجيرات والنباتات والأزهار، فتحولت تلك الجرداء إلى حديقة خضراء”. جرار ودلال وآبار زينت أم أحمد الحديقة بطريقة محلية رائعة، تعكس لكل من يراها التراث الإماراتي الأصيل بعاداته وتقاليده، حيث وضعت جراراً من الفخار بنية وخمرية اللون كانت تستخدم قديما لحفظ الماء وتبريده، وقد علقت البعض من هذه الجرار على غصون الأشجار، والبعض منها في أركان وزوايا الحديقة، أما البئر قديمة الطراز فقد وضعتها بمنتصف الحديقة، هي وضعت هذه الأشياء للزينة فقط، وتذكير الناس بالمقتنيات الإماراتية المحلية، أما الماء فقد خصصت ثلاجة وضعتها في ركن الحديقة كي تروي ظمأ المارة العطشى، وبالنسبة لأوعية الزرع فقد اختارتها أم أحمد من بين الأواني المعدنية التي استخدمتها النسوة قديماً، ولا زلن يستخدمنها إلى يومنا هذا في الطبخ، مما زاد في جمال ديكور الحديقة وأعطاها طابعاً محلياً محضاً. وعن الطاولة الخشبية بمقاعدها الجميلة التي وضعتها في الحديقة تقول أم أحمد: “لقد أشرفت شخصياً على تجهيز هذه الطاولة، حيث كنت أحتفظ في بيتي بجذع شجرة كبير قطعته وصممت به طاولة ومقاعد لتوفير جلسة مريحة للمارين من الناس”. هدفي.. إفراح الناس داخل بيت المهندس صياح زرعت أشجار ونباتات محلية وأجنبية، حيث نجد شجرة الرمان، الموز، البابايا، الكاري، الياسمين، الجاردينيا، الليمون الحامض، البرتقال الفلبيني، الروزماري، الريحان، الياسمين الهندي وأصنافاً أخرى كثيرة ومتعددة. أما عن شعورها لهذا الإنجاز الإنساني النبيل فتقول ربة البيت: “لعل أكبر مكافأة أتلقاها كل يوم هو تلك الغبطة الكبيرة التي تنتابني عند رؤيتي لكل من يقف أو يجلس في الحديقة فرحاً مستمتعاً بالأجواء التي يخلقها النبات والديكور، ولا أسعى من وراء هذا إلا كسب الحسنات والثواب من الله عز وجل”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©