الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ظاهرة تعدد الهواتف النقالة بين الضرورة والترف والسلبية

ظاهرة تعدد الهواتف النقالة بين الضرورة والترف والسلبية
31 يناير 2009 03:41
يجلس بو مبارك محفوفاً بخمسة هواتف نقالة لا تتوقف عن الرنين· فهذا يعلن عن وصول ''رسالة جديدة''· وآخر يدندن ''سعيد يتصل بك''، وتئن الطاولة الزجاجية أنيناً متقطعاً جراء وضع أحد تلك الهواتف على الوضع الصامت· ويصنف بو مبارك هواتفه الخمسة بأن الأول خاص باتصالات المنزل والأسرة، والثاني لمتابعة الموظفين، والثالث لجميع من يقابلهم، والرابع للأشخاص المهمين "VIP"، أما الخامس فهو مخصص للمغامرات مع الجنس الآخر، وهذا الأخير له خصوصية· ''فهو يحفظ في السيارة ولا يغادرها بأي حال من الأحوال، ويغلق عند مغادرة السيارة، ولا يشغل إلا عند ركوبها''، بحسب ما يقول بو مبارك· ويتابع أنه يحتفظ برقم دولي يعمل على شبكة من بريطانيا أو سلطنة عمان أو غيرها، حصل عليه من إحدى الشركات في دبي، ويضيف ''هناك بعض من يمتلكون رقماً دولياً يتصلون بزوجاتهم لإيهامهن إنهم خارج الدولة، حتى يتسنى لهم الغياب عن المنزل دون إثارة الشك لديهن''· ولا تعد ظاهرة تعدد الهواتف النقالة مستهجنة في المجتمع الإماراتي، لما له من خصوصية في مجالات المال والأعمال وغيرها، فضلاً عن ارتفاع مستوى الدخل، ونظرة المجتمع إلى هذه الظاهرة كنوع من الوجاهة والرفاهية، على الرغم مما تسببه أحياناً من إثارة للخلافات الأسرية· وتبلغ نسبة انتشار الهاتف النقال في الإمارات بين 170% - 200% نسبة إلى عدد السكان، لتكون بذلك الأعلى على مستوى المنطقة· ويعتبر بو مبارك أنه ليس الوحيد الذي يلجأ إلى مثل هذه الأساليب، متسائلاً ''هناك نحو 8 ملايين خط هاتف تشغلها شركتا ''اتصالات'' و''دو''، أين تذهب هذه الأرقام''·؟ وبحسب دراسات إقليمية متخصصة نشرت العام الماضي، فقد بلغ عدد اشتراكات الهاتف النقال في الإمارات 7,9 مليون اشتراك، 91% اشتراكات مسبقة الدفع، في حين يبلغ عدد اشتراكات الخطوط الثابتة 1,3 مليون اشتراك، 48% منها خطوط سكنية· وتحظى الهواتف النقالة باهتمام كبير في أوساط الجمهور، من حيث خدماتها وأنواعها وأسعارها، مما حدا بشركات الاتصالات إلى مواكبة هذا الاهتمام بتوفير خدمات الاتصالات بالصوت والصورة وغيرها· وعلى الرغم من فوائد الهاتف النقال، إلا أن هذه التقنية باتت تشكل هاجساً يؤرق الأسر، خصوصاً في ضوء حرص بعض الرجال على اقتناء هواتف ''سرية'' تترك في موقع العمل أو في السيارة، دون إعطاء تفسير لسبب امتلاكها، مما دفع أحدهم إلى إسقاط مفهوم الإثم على هذه الحال بقوله إنه ''ما حاك في النفس وخشيت أن يطلع عليه الناس''· وتروي أم محمد اكتشافها امتلاك زوجها هاتفاً نقالاً آخر· تقول ''في بداية زواجي اكتشفت أن لدى زوجها هاتفا آخر غير الذي أعرفه، عندما كنت أنظف سيارته وأخذته لأواجهه به، ولأعرف سبب وجوده وسبب إخفائه''· وتضيف ''في البداية حاول الإنكار والتعذر بأنه فقط يحتفظ به للاتصال بأصدقائه ووعد بإلغائه وأوفى بوعده''· وتزيد أن التفسير الأقرب لإخفاء هاتف هو معاكسة الفتيات، معبرة عن رأيها في أن وجود أكثر من هاتف ''ليس له داعٍ، ومهما سيقت أعذار وجوده فهي واهية''· ولا يوافقها في الرأي يوسف محمد الموظف في القطاع الخاص، حيث يقول إنه لا يجد أية مشكلة في اقتناء أكثر من هاتف، فلديه هاتفان، الأول للعمل ميزانيته محدودة ولا يستخدمه إلا في إطار مصلحة الشركة التي يعمل فيها، والثاني للأهل والأصدقاء وهو ملكه الخاص يفعل به ما يشاء· وهو الرأي ذاته لسالم الكعبي الذي يحمل ثلاثة هواتف لعمله وأهله وأصدقائه، معتقداً أن المشكلة ليست في اقتناء أكثر من هاتف، إنما في شخصية من يحملها وسلوكه· ويؤكد فرحان مانع أن امتلاكه هاتفين سببه اقتصادي، حيث يلجأ إلى الهاتف الثاني الذي يعمل ببطاقة مدفوعة مسبقاً، حين يزيد حجم فاتورة الخط الأول عن الحد المسموح به· ويلفت فرحان إلى كثير من الشباب يحتفظون بعدد من الهواتف نظرا لرغبته في جمع الأرقام المميزة، إضافة إلى تصور بعضهم أن امتلاك أكثر من هاتف ''نوع من الوجاهة الاجتماعية وإعطاء أهمية له في المجتمع ولفت نظر الآخرين''· من جهته، يرى الدكتور عقيل كاظم أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمارات أن ظاهرة تعدد الهواتف مرتبطة بالاستهلاك وارتفاع مستوى الدخل وعدم الوعي بالاستخدام الأمثل للتقنيات، إضافة إلى التنافس بين الشركات المنتجة للهواتف في ابتكار أشكال وأحجام جديدة للهواتف وتقنياتها، لإغراء المستهلكين· وأضاف أن المستهلك يفتقد الوعي الكافي وينبهر بالمظاهر، ويعتقد أن المركز الاجتماعي مرتبط بعدد الهواتف وأشكالها ونوعيتها وقيمتها، لافتاً إلى أن العبرة ليست بعدد الهواتف النقالة، بل بكيفية الاستخدام·
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©