السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألعاب الأطفال اليدوية التقليدية لا تخشى المنافسة «الإلكترونية»

ألعاب الأطفال اليدوية التقليدية لا تخشى المنافسة «الإلكترونية»
8 مايو 2014 20:03
علاقة الطفل بلعبته، علاقة أزلية، ورغم ذلك تحتاج المزيد من التحليل والتفسير والتناول لأهميتها وثرائها النفسي والتربوي. وهنا نسترجع قول جان جاك روسو: « لكي نربي الأطفال تربية سليمة وصحيحة ينبغي على المربين دراسة الأطفال، ودراسة عالمهم وميولهم من خلال ملاحظة ما يقومون به من ألعاب وممارسات يومية». لذلك، نرى دراسات عديدة تتناول علاقة الطفل بألعابه، وتوزع اهتماماته وشغفه ما بين الألعاب التقليدية واليدوية «الكلاسيكية»، والألعاب الإلكترونية الحديثة، وولعه بالهواتف الذكية، والألعاب التي تقترن بها. فهل نجد ما يقتضي إعادة النظر في «سيكولوجية اللعب، ونظرياته التي عكف علماء النفس والتربية على استخلاصها عبر عقود طويلة من الزمن؟ خورشيد حرفوش (أبوظبي) يقضي الطفل معظم ساعات يومه في اللعب، بل قد يفضله أحياناً على ‏النوم والأكل فهو أكثر أنشطة الطفل ممارسة وحركة. فمن خلاله يتعلم الطفل مهارات جديدة ‏ويساعده على تطوير مهاراته المختلفة. لكن يبدو أن مشكلة إدمان ألعاب ووسائل التكنولوجيا لدى الأطفال، ولا سيما بعد إتاحتها بين يديه طيلة الوقت من خلال أجهزة المحمول الذكية، وأصبحت هذه الحالة مؤرقة للكثير من الأهالي لما لها من تأثير كبير على صحة الطفل وسلوكه، وتفاعله مع الأسرة والمجتمع. وهو ما ذهبت إليه دراسة «مجموعة سوبيريور» للاستشارات إلى أن 59 % من الأطفال في منطقة الشرق الأوسط لديهم حالة «النوموفوبيا» -وهي الشعور بالخوف من فقدان الهاتف المحمول أو السير بدونه- والتي نمت سريعاً في السنوات القليلة الماضية -بحسب الدكتور معتز كوكش الخبير في تقنية المعلومات- حيث يصابون بتشويش ذهني واضطراب واضح في المزاج. تساؤل لكن رغم ذلك، نجد الأطفال يتعلقون في نفس الوقت بالألعاب التقليدية، وخاصة ألعاب «الفك والتركيب»، وتستحوذ على اهتمامهم وشغفهم، ورغم أنها لا تتشابه من قريب أو من بعيد بألعاب الهواتف الذكية «المحمول»، أو الألعاب الإلكترونية الأخرى، وهو الأمر الذي يحتاج إلى بعض التفسير. كثير من الدراسات أثبتت أن الأطفال يعيشون جهلاً اجتماعياً نتيجة العزلة التي نتجت عن إدمانهم لأحدث الصيحات التكنولوجية بمختلف مسمياتها. ويذهب باحثون بريطانيون إلى أن سبعة من عشرة أطفال صغار تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام يمارسون الألعاب الإلكترونية على الإنترنت في ارتياح ظاهر إلا أن اثنين فقط من كل عشرة يستطيعان السباحة أو لبس ملابسهم بلا مساعدة، ونصف الأطفال في سن ما بين عامين إلى خمسة أعوام يستطيعون إجراء مكالمات هاتفية عبر الهاتف الجوال، ويعرف 73% استخدام الحاسوب، في حين يستطيع 27،4% التجوال بين مواقع الإنترنت بسهولة، ويتقن 1 من كل 5 منهم التعامل مع الهواتف والأجهزة الذكية. قلق الآباء ترى سارة ثابت «طالبة جامعية» أن أطفال هذا العصر مرتبطون بشكل كبير بالألعاب الإلكترونية لدرجة انهم يعيشون في عالم الخيال أكثر من الواقع، فقد تصرفهم عن النشاط الرياضي والأصدقاء، مثلما كان يحدث مع الأجيال السابقة، ولا شك أن هذه الحال تقلق أولياء الأمور إلى حد كبير خاصة أنه كثيرا ما نسمع عن أضرار الإفراط الزائد في استخدام المحمول أو أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى. فليس من الطبيعي أن يستخدم الطفل ببراعة لوحة الحاسوب، أو الإنترنت، وألعاب الـ «بلاي ستيشن» في الوقت الذي يعجزون فيه عن ركوب دراجاتهم أو ربط أحذيتهم من دون الاعتماد على أحد، ومع ذلك لا يمكن إهمال مميزات هذه الألعاب التي يمكن أن تفيد الطفل مثل قوة الملاحظة وسرعة رد الفعل، والتوافق بين العين والحركة وتنمية الخيال عند الطفل مما يساعده على الابتكار، لكن لا يمكن أن نهمل عيوب هذه الألعاب، لأنها تعتمد في معظم الأحيان على العنف، مما ينمى في الطفل السلوك العنيف، ويجعله يعتاد على مشاهد القتل والدم، كما أن الاستغراق في اللعب لساعات طويلة يحرم الطفل من التواصل مع من حوله ويحد من علاقاته الاجتماعية، كما أنها تؤثر سلبا على صحته خاصة عينيه هذا إلى جانب قلة شهيته للطعام الذي يرفض أن يترك اللعب لتناوله. توازن وتكمل عالية الحوسني «طالبة جامعية»: «ما من شك أن إقبال الأطفال على الألعاب الحديثة «الإلكترونية» ولا سيما التي يمارسها بسهولة من خلال أجهزة الهواتف الذكية أصبحت ظاهرة، ولها أضرارها، لكن لا غنى عن الاعتماد على الألعاب التعليمية وألعاب الذكاء اليدوية التي تنمي مهاراته المختلفة، وخاصة ألعاب «الفك والتركيب» والألعاب التقليدية التي يمارسها بالاشتراك مع أقرانه، وعلى الرغم من تطور اللعب، نجد أن هناك إقبالا كبيرا على شراء ألعاب المكعبات، والمجسمات، وألعاب المهارات اليدوية، وألعاب الذكاء، وألعاب التجميع والتخيل وغيرها، ومن الضروري أن يوازن الطفل بين كل هذه الأنواع، وبما يتناسب وعمره الزمني، وأن تراعي الأسرة ذلك». مفهوم اللعب أسامة سعد، مدير مبيعات إحدى الشركات الدولية لإنتاج وتسويق لعب الأطفال، والخبير في مجال «سيكولوجية لعب الأطفال»، يقول: «إن اللعب بالنسبة إلى الطفل نشاط وعمل، إذ إنه يمنح القوة والثقة بالنفس ويوسع مداركه وآفاقه، فالوقت الذي يمضيه في اللعب ليس وقتاً ضائعاً، وألعاب «الفك والتركيب» الخشبية أو البلاستيكية والكرتونية، تساعد الطفل على المقارنة بين الأشكال والأشياء، وتشجعه على التخيل، كما تثير عند حب الاستطلاع، وتساعده على اكتشاف المفاهيم الحسابية وتنمي عضلات أصابعه، وتعتبر ألعاب الملء والتفريغ واللعب بالرمال من أكثر الألعاب إمتاعا للأطفال، إذ يستعمل الطفل أوعية أو صناديق فارغة لملئها بمواد مختلفة، مثل الماء أو الرمل أو المكعبات أو الكرات الصغيرة، ثم يقوم بإخراجها من هذه الأوعية، وتمثل هذه المهارات مقدمات لتنمية مفاهيم التصنيف والمقارنة بين الأشياء من حيث الحجم والشكل واللون والوزن وغيرها. ويضيف سعد: «إن ألعاب «الفك والتركيب» و«الصور المجزأة» خاصة بعد سن الثالثة من أهم الألعاب التي يفضلها الأطفال، حيث تساعد على تنمية عضلات أصابع الطفل، وتنمي خياله وإدراكه، وكيف يتصور اكتمال شكل الأشياء من خلال القطع المجزأة. كما أن «الألعاب الإدراكية» تترك تأثيراً إيجابياً على النمو العقلي وتطور الناحية العاطفية والاجتماعية والجسمية من خلال ممارسة الطفل لألعاب التطابق والتجميع والتسلسل والتتابع والتصنيف، لذلك نلمس في الآونة الأخيرة إقبالا كبيرا على شراء الألعاب التقليدية التعليمية والمهارية، رغم التطور الذي حدث على الألعاب الإلكترونية». المهارات الاجتماعية عن تأثير الألعاب التقليدية «الإدراكية» في تطور الناحية العاطفية والاجتماعية، يقول سعد: «من خلال تعاون الطفل مع الآخرين عند اللعب في مجموعات صغيرة، فإنه يكتسب مهارة التحكم في ضبط النفس، وانتظار الدور، وإظهار المثابرة، والاعتزاز والثقة بالنفس عند إنجاز العمل. كذلك تطوير الجانب الحركي من خلال تنمية العضلات الدقيقة والتحكم فيها، وتطوير تآزر العين باليد، وإظهار مهارات التمييز اللابصري، وتنمية حاستي اللمس، والسمع». إن الإكثار من اللعب في مرحلة الطفولة يشكل أساس الاندفاع والتركيز وحب التعلّم، الذي ينمي الطفل من خلاله إمكانية تشكيل وتخزين وعي مهم بالذات يأخذ شكل صور ذهنية وحوارات ذاتية وتطبيقات عملية. وهذه تشكل بدورها أساسًا لأفكار مجرّدة باعتبارها نقطة الانطلاق لتنمية التفكير والتحفيز على التعلّم. بينما يؤدي الفضول الطفولي وحب الاكتشاف وما يرتبط بهما من سعادة أثناء اللعب إلى تنشيط هرمون السعادة «دوبامين» في الدماغ، فالاهتمام الكبير باللعب يمهد لنشوء وصلات بين خلايا عصبية في المخ تحقق مهارات التركيز والبحث عن حلول. إدمان الألعاب الإلكترونية إدمان الألعاب الإلكترونية معظم الألعاب الإلكترونية تسبب مشكلة كبيرة لدى الكثير من الأطفال بإدمانهم اللعب بها، فاللاعب المدمن غير قادر أن يتوقف عن اللعب، وتركها يسبب له كثيراً من التوتر والضيق والملل، وهذا الإدمان يولد الكثير من المشاكل، يدخل اللاعب في حالة من العزلة، وفقدان التواصل مع الآخر، وبذلك يفقد أصدقاءه وعائلته، والإدمان أيضاً يولد مشكلة كبيرة تتمثل في قلة التركيز، فمع أن الألعاب الإلكترونية ترفع نسبة التركيز لدى الأطفال، لكن إدمانها يجعل الطفل غير قادر على التركيز في أموره الأخرى، لأن عقله مشغول بالتفكير في الألعاب لدرجة أن الشخص يكون حاضراً جسدياً وغائباً ذهنياً، ولا يستطيع التركيز في عمله أو في دروسه. لذلك يشجع كثير من خبراء التربية والنمو على لعب الأطفال التقليدية، دون إهمال اللعب الحديثة، فاللعب التقليدية تجد إقبالاً لدى عدد كبير من الأطفال، ولها انعكاسات إيجابية كثيرة، أهمها تنمية التواصل الاجتماعي الطبيعي بين الطفل ومحيطه الاجتماعي في البيت، أو المدرسة، أو بين الأقران.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©