الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعامل مع الآخرين

19 ديسمبر 2009 22:44
يقول علماء الاجتماع بأن الإنسان مخلوق اجتماعي، والواقع يؤكد ذلك من خلال بدايات التكوينات المجتمعية التي عاشها الإنسان منذ قرون، فللإنسان حواس يدرك بها العالم من حوله ويتفاعل معه، فإذا كان هذا العالم خاليا من البشر ولا يوجد سواك أنت فلمن ستستمع ولمن ستتحدث وبمن ستشعر وتُشعر؟! خلق المولى عز وجل آدم عليه السلام وبعدها خلق له حواء من ضلعه ليأنس بها وتبدأ السلالة البشرية بالتكاثر والنمو وعمارة الأرض على الوجه الصحيح، ولكن وفق ماذا؟ إنها وفق منهاج حكيم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )(الحجرات:13). فالتعارف والتعامل صفتا الخلق، فلولاهما لأصاب الإنسان الضيق والكدر ولاستوحش، والشيء المؤسف أن كثيراً من الناس حرموا نعمة التعامل الصحيحة مع الآخرين ومتعته. فدب الجفاء في صدورهم، وملأ الحقد قلوبهم، وبُيِّت المكر في عقولهم، فعملت الألسن بما كنزته النفس وجرى أثرها على الجوارح. فوجدنا غليظ القلب قاسي الطباع ومؤذي الخلق بسبب ومن دون سبب، ووجدنا القاطع لأهله ورحمه وأصدقائه ومجتمعه. أقول لهؤلاء: «الناس ثروة فمن أحسن التعامل معهم جنى منهم ما لا يجنيه الأغنياء». وهذه المقولة تتضح في كثير من البلدان العربية، خاصة بين الأحياء التي اعتادت العيش كعائلة واحدة ببساطتها ونقاء قلوب أفرادها، يسأل هذا عن ذاك، ويزور هذا جاره، ويرعى الآخر أسرة صديقه المسافر، ويأتي ذلك بالرغم من انشغاله ليعود صديقه المريض.. إلخ. أجواء تشعر الإنسان بأن له جذورا ممتدة في أعماق أعماق الأرض تدفعه للتقرب من الناس حتى وإن لم تربطه بهم صلة دم أو قرابة نسب. يتبسم هذا في وجهه، ويصيح ذلك عليه، ويطبطب هذا عليه، ويقول له آخر: «لا عليك ... فنحن معك، وكلنا أهلك وناسك». فكم تساوي هذه البيئة عند السلبيين من قساة القلوب، ممن حرموا نعمة الإحساس «بالحياة» بمفهومها الاجتماعي الصحيح، ونعمة «حسن التعامل مع الآخرين»؟ فعوضاً عن أن يجتمع حولهم من يحبونهم يتجمع لهم الطامعون فيما لديهم أو من يكيدون لهم ويتظاهرون بحبهم. عزيزي القارئ افعل ما تشاء، وعامل بالكيفية التي تريد، فالزارع لابد أن يجني ويحصد ما زرع، فكل نبتٍ ينمو على زارعه. د.عبداللطيف العزعزي dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©