الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صدقوني.. النساء أكفأ من الرجال

27 أغسطس 2016 22:43
قد يكون من السهل عليك أن تحمل الانطباع القائل بأن المسيرة باتجاه المساواة بين الرجال والنساء قد تباطأت حتى وصلت إلى مستوى الحبو. ولكن، اسمح لي ألا أوافقك الرأي. وأنا أقول هذا بمناسبة احتفال الولايات المتحدة بـ«اليوم السنوي الخامس والأربعين للمساواة» الذي صادف يوم الجمعة الماضي. ويمكن للإحصائيات أن تحكي قصة هذا التطور المتعثر، حيث بقيت مشاركة القوة العاملة النسائية عند أقل من 57 في المئة (من النساء اللائي تجاوزن سن 15 عاماً)، هبوطاً من أعلى مستوى بلغته في أواخر التسعينيات الذي وصل إلى 60 في المئة. ولم تكن هناك مؤشرات توحي بعودة التحسن الذي طرأ في مجال تضييق الفجوة بين أجور الجنسين التي ظهرت في عقد الثمانينيات وبداية التسعينيات. وبقيت الأمهات، وخاصة منهن عدد كبير من العازبات! يتحملن العبء الأكبر من مهمة تربية أطفالهن. إلا أن إلقاء نظرة أكثر عمقاً على الموضوع، تبين لنا حدوث تغير أساسي في قدرة النساء على إثبات جدارتهن في الأداء والإنجاز التي تنافس جدارة الرجال في كل من البيت ومكان العمل. وعلى رغم التحسن البطيء في متوسط القدرة على الكسب المادي لدى النساء، إلا أن عدد النساء اللائي يتفوقن على أزواجهن في هذا المجال آخذ في التزايد. وحتى الرجال، باتوا يشعرون بالأهمية المتزايدة لمشاركتهم في الأعباء المنزلية والتربوية، وباتوا أكثر استعداداً من النساء للاعتراف بأن عملهم أصبح يتداخل مع الواقع المعيشي لعائلاتهم، وتنامى لديهم الاهتمام أكثر بعروض أرباب العمل الذين يوفرون لهم فرصة الاستفادة من الأوقات المقتطعة لممارسة الأبوّة المنزلية في إطار المرونة المتزايدة التي تشهدها مواقع العمل والتشغيل. وعلى رغم أن الآباء الملتزمين في بيوتهم لرعاية الأطفال، والزوجات اللائي يسعين لكسب لقمة العيش، لا زالوا يمثلون أقليات في المجتمع الأميركي، إلا أن تزايد أعدادهم يوحي بتغير المفاهيم الشائعة حول دور الرجال والنساء في المجتمع. وتشهد أعداد الناس من الجنسين الذين يرفعون شعار «الرجال للعمل والنساء للبيت» انخفاضاً متواصلاً. وينطبق هذا الحكم أيضاً على أولئك الذين يعتقدون أن عمل الأمهات خارج بيوتهن يمكن أن يؤدي إلى إيذاء الأطفال إلى حد ما. وفي مواقع العمل ذاتها، تزداد فرص تعيين النساء في المناصب القيادية يوماً بعد يوم. وقد أصبحن الآن يشكلن أغلبية بين العاملين في الوظائف الإدارية. ولن يكون الأمر مفاجئاً لنا إذا نظرنا إلى التفوق الذي يحرزنه في التعليم العالي. وقد بدأت السقوف الزجاجية تتداعى، أيضاً في السباق الرئاسي. وفي عام 2015، كانت نسبة 28 في المئة من مناصب المدير العام التنفيذي في الولايات المتحدة تشغلها النساء، وهو ما يمثل ارتفاعاً من 23 في المئة في عام 2008. وخلال العام الماضي، كانت النساء يمتلكن نسبة 38 في المئة من الشركات بالمقارنة مع 29 في المئة في عام 2007. ومن النواحي الاجتماعية، تتعزز المخاوف من احتدام حالة التحيّز للجنس بين الرجال والنساء. ففي عام 2014، كانت أربع من كل خمس نساء أي نسبة 80% يوافقن على أن المرأة التي تكافئ الرجل في مدى تأهلها العلمي والأكاديمي، يجب تفضيلها عليه في تقلّد المناصب، ارتفاعاً من نسبة امرأة واحدة من كل اثنتين أي بنسبة 50% في عام 2006. كما أن هذا التوجّه لا يزال متواصلاً. وقد أثبتت استطلاعات رأي أن الغالبية العظمى ممن شاركوا فيها يعتقدون أن النساء يؤدين مهمة المديرات التنفيذيات بشكل أفضل من الرجال. وقد بدأت هذه التغيرات في المواقف تُترجِم إلى تطبيقات سلوكية أفضل في مواقع العمل والإنتاج نفسها. وعلى سبيل المثال، انخفض عدد شكاوى النساء من التمييز على أساس الجنس أو التعرّض للتحرش الجنسي في مكان العمل بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل عقد مضى. والآن، عندما تحدث واقعة تحرّش أو مضايقة، أصبحت النساء أكثر قدرة على فضحها. ففي عام 1991، عندما رفعت الموظفة «أنيتا هيل» اتهاماً إلى المرشح لمنصب رئيس هيئة القضاة في المحكمة العليا في ذلك الوقت «كلارنس توماس» بالتحرش الجنسي، وُوجه اتهامها بالسخرية وتمت تبرئته. ولكن اتضح الفرق في النتائج خلال العامين الماضيين، عندما أدى اتهامان مشابهان بالتحرش إلى عزل «روجر آيليس» من منصبه في قناة «فوكس نيوز» وبعض أعضاء الهيئة الإدارية لمعهد كاليفورنيا التكنولوجي في بيركلي. وقد يكون من الصواب القول إنه لا يزال من العسير على النساء أن يتحدّين مستشاريهن ومديريهن، إلا أن الأمور تؤشر أيضاً إلى حدوث تغيّر كبير في هذا المجال. والمطلوب من الكونجرس الآن تشريع «قانون الراتب العادل» الذي يمنع أرباب العمل من معاقبة الموظفين والعمال الذين يطالبون بالاستعلام ومناقشة التفاصيل المتعلقة بحقوقهم وتعويضاتهم. وينبغي على الشركات، من جهتها، أن تستجيب لحاجات موظفيها عن طريق تخطيط سياسات عمل قائمة على مبدأ الصداقة مع الكيان العائلي، بحيث تساهم في تضييق الفجوة بين أجور النساء والرجال. * أستاذة السياسة والاقتصاد في جامعة ميتشجن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©